القبض على (4) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (60) كجم "قات"    بوتين يصل ألاسكا لعقد القمة الروسية - الأميركية    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة توزع (945) سلة غذائية بمحافظة بنادر في الصومال    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    رومانو: كومان وقع عقد انتقاله إلى النصر لثلاثة مواسم    «الإعلام» و«التعليم» توقعان مذكرة تعاون لإطلاق مبادرة «ابتعاث الإعلام»    تطبيق نظام "حضوري" لضبط دوام منسوبي المدارس في 13 منطقة تعليمية    سيسكو جاهز للعب وأموريم يتطلع لعودة يونايتد للمشاركة الأوروبية    وزير الصحة يبدأ زيارة رسمية إلى أستراليا    تكليف الدكتور محمد الغزواني مساعدًا لمدير تعليم الحدود الشمالية للشؤون التعليمية    الذهب يرتفع بفعل ضعف الدولار رغم التراجع الأسبوعي    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته على فترتين لرفع الجاهزية الفنية والبدنية    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    خادم الحرمين الشرفين وولي العهد يهنئان رئيس الكونغو بذكرى الاستقلال    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    امطار على الجنوب و حرارة على مناطق المدينة والشرقية    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطة بناء مستوطنات جديدة    13 ألف طفل بغزة يعانون سوء التغذية الحاد    مقصورة السويلم تستضيف المهتم بعلوم النباتات عبدالله البراك"    اقتصاد اليابان ينمو بأكبر من المتوقع    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    رسمياً .. العبسي اتحادياً حتى 2029    الاستثمار الأهم    النوم عند المراهقين    السعال الديكي يجتاح اليابان وأوروبا    الهلال يكسب ودية" فالدهوف مانهايم"الألماني بثلاثية    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    ولي العهد ورئيس كوريا يبحثان فرص التعاون    للمرة الثانية على التوالي.. خالد الغامدي رئيساً لمجلس إدارة الأهلي بالتزكية    موجز    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الأردنية: قانون الصوت الواحد بصفته مصدر قلق... لطيف
نشر في الحياة يوم 14 - 11 - 2010

أُخذ على الانتخابات البرلمانية في الأردن خلو برامج المرشحين فيها من المضامين السياسية، واقتصار التنافس على المواضيع المحلية الصغيرة مع ما يتضمنه ذلك من حسابات عشائرية ومناطقية ونفعية. وحُمل قانون الصوت الواحد والدوائر الوهمية، الذي أجريت الانتخابات بموجبه، المسؤولية عن ذلك.
لا شك في أن هذا القانون، الذي قاطع حزب جبهة العمل الاسلامي (الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين) الانتخابات بسببه، قاصر عن إيصال نواب الى البرلمان يمثلون حقيقة ميول ومشاعر الناخب الأردني. لكن الاستناد اليه في تصوير اقتصار الحياة السياسية على مضامينها المحلية، مهما كانت هذه المضامين سلبية وغير ملبية للطموحات، فيه قدر من قصور في فهم الحياة السياسية لكيان يسعى الى صوغ تجربة عيش مشترك صعب.
أولاً، يشعر المرء ان متّهمي «الانتخابات الأردنية» بمحليتها وبخلوها من المعاني السياسية انما فعلوا ذلك شعوراً منهم بأن السياسة التي ينشدونها في الانتخابات تتمثل في فتح الأردن على المشهد السياسي الأوسع الذي يحيط به، أي جعل الانتخابات مناسبة للانخراط في المأزق الفلسطيني، غربي النهر، بالدرجة الأولى، ثم بالعراق لاحقاً.
هذا على الأقل هو الدافع شبه المعلن لمقاطعة جماعة الإخوان المسلمين الانتخابات. فتحليل بسيط لنوع تحفظهم على قانون الصوت الواحد يفضي الى هذه النتيجة. فهذا القانون الذي يحرم شرائح أردنية واسعة من حقيقة تمثيلها، انما يفعل ذلك في سياقين: الأول أردني داخلي يتمثل في حماية تصدر العصبية الشرق أردنية المهددة بالكثرة الفلسطينية، والثاني يتمثل في الحد من الطموحات «ما فوق الوطنية» لجماعات أردنية كثيرة على رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
التعبير الأوضح والأكثر صراحة عن ذلك يتمثل في موقف الإخوان المسلمين المعلن من قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية والذي اتخذه العاهل الأردني الراحل الملك حسين في 1988، ثمّ جدّده في أعقاب توقيعه اتفاقية وادي عربة في 1994. ومن بين ما يعنيه الإخوان بقولهم ان قانون الصوت الواحد يقصر الحياة السياسية على مضامين مغرقة في محليتها، أنه حرمهم من ان تكون الانتخابات تصويتاً على شعارات من بينها العودة عن قرار فك الارتباط. وفي بلد لم تثمر تجربته الاجتماعية بعد هوية وطنية صلبة، يشكل تصويت من هذا النوع تهديداً فعلياً لهذه الهوية، ويعرضها لاختبارات خطيرة. طبعاً تكاد حساسية جماعة الإخوان حيال هذه الاحتمالات تكون شبه منعدمة، خصوصاً بعد التحولات التي شهدتها هذه الجماعة في العقدين الفائتين، عبر تعاظم نفوذ حركة حماس الفلسطينية في أوساطها، وتصدّر وجوه حمساوية مراكز القرار فيها.
لكن القول أيضاً ان الشعارات الانتخابية كانت مغرقة في محليتها ليس كله هجاء للانتخابات، اذ ان لهذه الأخيرة في كل العالم مضامين محلية، بل ان المضامين المحلية تتقدم على غيرها في أكثر الدول تقدماً. واذا كانت صورة ذلك في الأردن تنافساً عشائرياً وعلاقة زبائنية بين الناخب والمرشح، فالمسؤولية عن ذلك لا تقع على قانون الانتخاب وحده، انما قبله على طبيعة الحياة السياسية والاجتماعية بمجملها. واذا كانت إحدى وظائف القانون الحد من هذا النوع من العلاقات عبر اشعار الناخب بأن مصالحه تتجاوز تلك الوعود المباشرة والنفعية، فإن القوانين الانتخابية البديلة، مهما كانت متقدمة، لن تتمكن من فعل ذلك من دون عقد اجتماعي يلتزم فيه معظم الشرائح والاتجاهات بنهائية الكيان وبتقديم المصلحة الوطنية على غيرها من المصالح.
استهداف قانون الصوت الواحد لم يكن جزءاً من رغبة في صوغ عقد اجتماعي وسياسي وطني يطمح الى إشراك كتل سكانية أهملها القانون في العملية السياسية، ولم يشعرها بأنها جزء من هوية أردنية حديثة، أي هوية ما بعد فك الارتباط. فقد عيبَ على هذا القانون قطعه مع قضايا خارج الحدود واستغراقه في هموم محلية، هي في النتيجة الهموم المتحصلة من الانخراط في بلد وفي كيان.
نعم، هناك مواطنون أردنيون، يُقال دائماً انهم من أصل فلسطيني (يجب الكف عن هذا القول لأنه يُطلَق للتخفف من الهويتين على حد سواء) أهملهم قانون الصوت الواحد. واستهداف هذا القانون بالانتقاد لن يستقيم الا اذا كانت وظيفته تسهيل مهمة دمج هؤلاء في هوية أردنية اجتماعية وقانونية واضحة وعادلة. أما انتقاد القانون بسبب إهماله فلسطينية هؤلاء المواطنين، وابعادهم عن همومهم خارج الحدود، ففيه دعوة لتعريض الأردن لأن يكون ساحة وليس بلداً.
المسؤولية عن ذلك يشترك فيها مركّبا الهوية الأردنية، فإذا كان قانون الصوت الواحد أحد تجليات الاستنكاف الشرق أردني عن هذه المهمة، فإن انعدام الرغبة في انتاج نخبة كاملة الاندماج في الهوية الأردنية تتولى مهمة تمثيل الشريحة الأخرى من المجتمع الأردني بعيداً من حسابات غربي النهر، هو تجلٍ موازٍ أيضاً.
لقد حاول الملك عبدالله الثاني ردم هذه الهوة عبر الاقتصاد، وعبر تجاوز بنى ومراكز نفوذ تقليدية، لكن محاولاته اصطدمت بمقاومة ضارية من طرفي المأزق، أي حركة حماس من جهة والعمق العشائري للنظام من جهة أخرى.
الانتخابات التي أجريت الاسبوع الفائت في عمان كانت فرصة جديدة للبحث في نقاش قديم في المملكة. وربما كانت مقاطعة الإخوان المسلمين هذه الانتخابات أحد أبرز معالم هذا الحدث. قانون الصوت الواحد جائر من دون شك، لكن ثمة مهمة لم يطرحها الإخوان على أنفسهم: فهم الطرف الأردني الوحيد الذي يخترق بنفوذه مركّبي الهوية في ذلك البلد. لكنهم، ولأنهم جزء من تنظيم دولي، وبسبب ضعف الحساسية الوطنية في خبرتهم السياسية والاجتماعية، وتقدم اللحمة الدينية عليها، فإنهم لم يشعروا بأن هذه مهمتهم، مع العلم انهم سبق ان كانوا أقرب اليها مما هم عليه اليوم.
من حق النظام، والحال هذه، ان يقلق. وقانون الصوت الواحد هو ألطف أشكال القلق، في منطقة يُعتبر فيها النظام الأردني من ألطف الأنظمة، على رغم انه من أصلبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.