يضطلع العمدة في أحياء البلدة القديمة في مدينة جدة (غرب السعودية) بدور مهم في حل مشكلات السكان، وتسوية خلافاتهم، والوساطة بينهم وبين أجهزة الدولة. العمدة في جدة يُعد منصباً تقليدياً غير رسمي، يتولى شاغله المسؤولية عن إدارة شؤون الحي ورعاية مصالح السكان. يقول عمدة حارة الشام والمظلوم في منطقة جدة التاريخية ملاك باعيسى: «فكرة العمودية شيء متوارث منذ أعوام طويلة، خصوصاً في الحجاز»، لافتاً إلى أن العمدة «يعتبر الرجل الأول في الحي بحكم الاختصاص، وبحكم أن له سلطة كبيرة في حل المشكلات بين الأفراد، وفي إدارة شؤون الحي وتفقد أحوال سكان الحي، ومن هنا جاء دور عميد العمدة، فهو يعتبر الحاكم الإداري على حدود حيه». وعادة يعرف العمدة معظم سكان الحي، وتقبل شهادته أمام الجهات الحكومية، كما يقبل توقيعه على المستندات القانونية. وتشمل مهماته الحرص على سلامة السكان وأمنهم، ومراقبة السلوكيات العامة وإحالة الفقراء إلى الجمعيات الخيرية، ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والتبليغ عن الجرائم والمخالفات. فيما يرى مراقب مساجد المنطقة التاريخية في جدة محمد البهلولي أن «العمدة معتمد من جميع الإدارات الحكومية، إذ يكون مطلعاً على كل شيء، وهو مثل أبوالحارة، ففي السراء والضراء يكون الرجوع إليه». وتتوارث عائلات الحجاز منصب العمدة في تقليد يماثل انتقال زعامة القبيلة من الأب إلى أكبر أبنائه. ولا يعرف عمل العمدة العطلات، ويمارس مهماته ليلاً ونهاراً طوال أيام العام. قال عمدة حارة الشام والمظلوم باعيسى: «طبيعة عملي أن تكون لي جولات ميدانية داخل المنطقة ككل، أي لتفقد الأحوال. أحياناً توجد أشياء ربما لا تصلني أخبارها في المكتب، فأراها من الطبيعة، عندما أقابل بعض المراجعين في الشارع، وأقوم بزيارة بعض الأربطة (دور الأرامل والأيتام)»، وتشمل واجبات العمدة التقليدية المشاركة في المناسبات السعيدة والمواساة في الأحزان، ويعتمد عليه سكان الحي في ترتيب الكثير من شؤونهم، ومنها تدبير أماكن لهم في المؤسسات الطبية العامة للعلاج بالمجان. وعادة ما يمارس العمدة مهمات عمله من داخل مكتب خاص في الحي، ويختتم يومه في الأحوال العادية بزيارة الأرامل والمسنين من أهالي الحي.
