استعاد المصريون لياقتهم الدرامية. عادت شاشة رمضان الى الجيم المعطشة، أو العطشانة... صارت الدراما في رمضان تتكلم «مصري». وحين يقرر المصريون المنازلة فإنهم ينهلون من نهر عظيم. عشرات المسلسلات المصرية أنتجت هذه السنة، ومعظمها كان جدلياً، ومثيراً على الطريقة المصرية. الجدل حول المسلسلات المصرية أثير قبل أن يبدأ عرضها. بعضها أوجد حراكاً سياسياً واجتماعياً، و نقاشاً جدياً حول قضايا سياسية أساسية. من أبرز المسلسلات التي أثارت جدلاً مسلسل «الجماعة» الذي يرصد حركة «الإخوان المسلمين»، ومراحل تحولها من جماعة دعوية، الى «حزب سياسي». هو أول مسلسل درامي يتناول جماعة «الإخوان» بصفتها جزءاً من الحركة السياسية في مصر، فضلاً عن ان المسلسل تناولها بطريقة جاهزة في الماضي كانت تظهر كجزء من الحركة الوطنية. هذه صورتها في معظم الأعمال المصرية القديمة. لكن «الجماعة» يرسم لها صورة مغايرة. صورة تثير الشك، وتزرع المخاوف. الملكة نازلي مسلسل آخر مثير، وهو يتناول حياة الزوجة الثانية للملك فؤاد الأول التي كتبت سيرتها بطريقة غير ودية، وعلى نحو حمل الكثير من الأقاويل والإشاعات، وهي اعتنقت المسيحية، وماتت بطريقة تراجيدية. ولكن يبدو أن المسلسل في طريقه الى معاودة رسم صورتها، وتحويلها من سيدة أثيرت حولها شبهات، الى ضحية وقديسة وبطلة، كما فعل مسلسل «الملك فاروق»، مع آخر ملك حكم مصر. «شيخ العرب همام»، مسلسل أجمع المصريون على مشاهدته. وهو يروي قصة شخصية حقيقية عاشت أيام حكم محمد علي وما بعده، وحكمت المنطقة من المنيا الى أسوان، وكانت أسست دولة داخل الدولة، واستطاع المسلسل تقديم صراع القبائل في شكل مثير، ورسم شخصية همّام على طريقة الأبطال الحكماء الأسطوريين. لا شك في أن الإنتاج المصري هذه السنة تفوّق على نفسه وعلى الآخرين، وأعلن عودة البطل المصري الى الشاشة العربية. معظم الأعمال فاق الإنتاج العربي الآخر، اتسم بإنتاج جيد، إضاءة وديكوراًَ، وإخراجاً، فضلاً عن الحوار المسبوك، والحبكة الدرامية المتقنة. وحشدت المسلسلات عدداً كبيراً من الفنانين الكبار، ولعل أبرز الأعمال «أهل كايرو»، و «عايزه أتجوز»، «أزواج الحاجة زهرة»، و «موعد مع الوحوش»، و «بيت الباشا».