على مدى أعوام طويلة حاول العرب الوصول إلى موقف موحد وثابت تجاه قضاياهم الإقليمية، ودائماً ما يأتي ما يُعكر صفو هذا المنحى، خصوصاً أن توحيد الصف يحتاج إلى مبادرة، وتلك تحتاج إلى قائد، وهو ما تحقق وفق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي قاد أول تحالف في المنطقة، لتجتمع دول عربية لمواجهة من يتربص بأمنها واستقرارها مدعوماً بأيادٍ خارجية، تسعى لزعزعة المنطقة وخلق مزيد من الفوضى. وكان أول تجمع هو التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الذي قادته المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن، وعودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى أرض اليمن بعد تحريرها من الميليشيات الانقلابية، وشاركت فيه 10 دول عربية، وحظي بتأييد دولي واسع. لم يكن المشروع الحوثي نزوة عابرة أو حلم ليل، بل يعمل وفق أجندة ومنهج ينطلق من جنوب الجزيرة العربية ويمتد إلى أقاصي شمالها لتلتقي صنعاء ببغداد ويتحقق الحلم الإيراني، بإسقاط العواصم العربية واحدة تلو الأخرى، إلا أن سلمان الحزم أبى أن يستمر الحلم، ووضع حداً لهذه الطموحات، فكانت العاصفة حازمة وقاصمة للظهر، وبها توحدت الجهود العربية لحفظ أراضيها ووحدتها. الشعب اليمني نام ليصحو على واقع آخر، أمسى تحت سطوة الميليشيات الحوثية تعيث في الأرض فساداً، واستيقظ على واقع آخر، على أنغام الحرية، وانتصار العروبة. تحدث إلى «الحياة» أفراد من الشعب اليمني وكيف أن العيش على أرض اليمن بعد الانقلاب أضحى مخيفاً، فالميليشيا لا تعترف بأنظمة أو قوانين، ووصفوهم بوحوش تجوب الطرقات تبحث عن أي فريسة. ولكن ليلة واحدة قلبت الموازين وأثارت الرعب في صفوف تلك الميليشيا لتتحول إلى قطعان تختبئ داخل الكهوف، وتتقي بدروع بشرية داخل الأحياء المدنية؛ للهروب من انتقام اليمنيين أنفسهم. قبل 26 من آذار (مارس) الماضي، كان نحو 70 في المئة من الأراضي اليمنية تحت سيطرة الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح بعد انقلابهم على الحكومة، ولكن التحالف العربي الذي بدأ في ذلك التاريخ أعاد الأمور بشكل تدريجي إلى نصابها لتنقلب الأرقام وتتحول النسبة ذاتها إلى أراض محررة من الانقلابيين وتدين بالولاء للحكومة الشرعية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ إن ال30 في المئة المتبقية من الأراضي اليمنية لم تعد تحت سيطرة الانقلابيين بل إنها تحت مرمى سهام التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أو قريبة من زحف القوات الموالية للحكومية الشرعية والمتمثلة في المقاومة الشعبية، أو الجيش الوطني اليمني. بالأمس كان أهالي صنعاءوعدن وتعز والجوف ومأرب مجبرين على التعامل مع عبدالملك الحوثي وأتباع صالح، أما اليوم فإن عدن والجوف ومأرب طردوا آخر فرد يتبع لتلك العصابات، والشرفاء من أهالي صنعاء وتعز يستعدون للحاق بأقرانهم وإخراج آخر فرد من تلك الميليشيا من أراضيهم.