أمير تبوك يستقبل مدير الخدمات الصحية بوزارة الدفاع    الآسيوي يوقف لابورت ويحيى وكانتي وحمدالله    هيئة العقار: بدء استقبال طلبات ترخيص المشاريع على الخارطة    انطلاق أعمال مؤتمر المنظمة الدولية للدفاع المدني 2024 بالرياض    اعتبارا من 2 يونيو.. تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج    انخفاض مبيعات النفط يهبط بأرباح أرامكو 14%    إطلاق خدمة "أجير الحج" للعمل الموسمي    انعقاد الطاولة المستديرة الثالثة ضمن الحوار الإستراتيجي الثاني للتنمية والمساعدات الإنسانية بين المملكة وبريطانيا    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    روشن 31.. الهلال "الحسم أمام الحزم" واشتعال صراع البقاء    مطار الملك خالد الدولي يدشّن مسارا جويا مباشرا إلى بكين بواقع 3 رحلات أسبوعية    "ملتقى التشجير" يختتم فعالياته بتوقيع 10 مذكرات تفاهم وعقود استثمار في القطاع البيئي    أمير الرياض يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    الرحيل الثقيل لرائد الشعر الحداثي    4.7 ألف طالب ينضمون ل"فصول موهبة"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.789 شهيداً    نائب أمير الشرقية : صعود القادسية سيضيف لرياضة المنطقة المزيد من الإثارة    أمير الشرقية يستقبل ضيوف الاثنينية و يدشن مقر الجمعية التعاونية الاستهلاكية    تطوير المدينة تستعرض مواقع التاريخ الإسلامي في معرض سوق السفر 2024    اهتمام عالمي بصعود القادسية إلى دوري روشن السعودي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الجبيل الصناعية تستضيف دوري FIRST2024 بمشاركة 260 طالب وطالبة    تعليم الطائف يحقق المركز الأول في دوري الفيرست ليغو 2024    المملكة توزع 6.500 سلة غذائية للمتضررين شرق خان يونس    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق    "آيفون 15 برو ماكس" يحتل صدارة الأكثر مبيعاً    الهلال يحسم الكلاسيكو على حساب الأهلي    مالكوم: حققنا فوزاً ثميناً.. وجمهور الهلال "مُلهم"    حظر ممارسة النقل البري الدولي بدون بطاقة التشغيل    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    المملكة وتوحيد الصف العربي    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    «الدون» في صدارة الهدافين    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس يستقبل دورتموند وعينه على المباراة الختامية    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    أكذوبة «الزمن الجميل» و«جيل الطيبين»..!    السعودية وبريطانيا تبرمان اتفاقية لإنقاذ جوعى الصومال    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطوف والطبيب والاستاذ عبدالله باسلامة ل "البلاد ": الملك سلمان شرفني بتقديم كتابي (مذكرات طبيب) وهو من اجود الناس واكرمهم
نشر في البلاد يوم 10 - 02 - 2016


تصوير – عبدالله الغامدي
قد يعلم كثير منا أن الأستاذ الدكتور عبدالله حسين باسلامة من كبار الاستشاريين وأول طبيب سعودي يحصل على "الزمالة البريطانية" في اختصاص أمراض النساء والولادة في عام 1971م وأول سعودي يحصل على لقب "أستاذ" في الطب (في امراض النساء والتوليد) واول رئيس للجمعية السعودية لامراض النساء والتوليد منذ انشائها في عام 1409ه والعميد المؤسس لكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز في عام 1395ه والذي قد لا يعلمه بعض منا ان الدكتور باسلامة مطوف حتى النخاع مارس مهنة الطوافة كمعاون لوالده المطوف حسين باسلامة ثم ك "صبي مطوف" مع المطوف مصطفى عالم ثم عضو معين في مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي اوروبا وامريكا واستراليا.
وهو سليل بيت طوافة عريق وأسرة مطوفين شهيرة امتهنت هذه المهنة منذ ان قامت بأم القرى قبل نحو 400 سنة.
"البلاد" حاورت الاستاذ الدكتور عبدالله باسلامة وتجولت في اعماقه وتناولنا في حوارنا معه جوانب متعددة في حياته بدءاً من مرحلة الطفولة الى ان تقاعد عن العمل وبدأنا الحديث عن الطوافة باعتبارها من اول الاعمال التي مارسها في حياته.
وقال ل "البلاد" علاقتنا بالطوافة علاقة تاريخية موغلة في القدم وضاربة في أعماق التاريخ فرغم ان الوالد كان عضواً في مجلس الشورى قبل نحو (80) عاماً ومشغولا بشؤون هذه الوظيفة الرسمية في الدولة بجانب عمله في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذلك انشغاله بالتأليف إلا انه كان مهتماً بمهنة الطوافة ورغم بعده الجسدي الاضطراري عنها بسبب العمل إلا انه كان مرتبطاً بها روحياً ووجدانياً" ويضيف المطوف الأستاذ الدكتور باسلامة قائلا: "أدركت أنا علاقة الأسرة بالطوافة بعد وفاة الوالد – يرحمه الله – وكان عمري وقتها حوالي خمس او ست سنوات حينما كانت ترسلني الأسرة الى شيخ المطوفين لاستلام ما يخصنا من عوائد من مهنة الطوافة، ومن هنا بدأت ممارستي الاولية الفعلية لبعض جوانب هذه المهنة الشريفة التي كانت في ذاك الوقت تُعطى كمنحة من اشراف وحكام مكة المكرمة، ومما أذكره ان الأسرة كانت تهتم بالطوافة وأمورها أكثر من اهتمامها بايرادات وعوائد الكتب التي قام الوالد – يرحمه الله – بتأليفها وذلك لحرصها الشديد على الارتباط الوثيق والمستمر بهذه المهنة.
المطوف اليتيم
واضاف لم ألحق بوالدي كثيراً فقد توفي وأنا في السادسة من العمر وقد قيل لي انه كان مهتماً بالحصول على العلم من منابعه في الحرم المكي ومصر والشام ووجدت له رسائل متبادلة مع الشيخ محمد حسين نصيف الذي عمل له وكيلاً تجارياً كما كان قائمقام الشريف حسين على مدينة ينبع والى ما قبل ايام دخول الملك عبدالعزيز – رحمه الله – الى مكة المكرمة فتولت أمي تربيتي وأختي، رفضت الزواج مرة أخرى – رغم صغر سنها – فعلمتنا العزة والكرامة وكانت – رحمها الله – تردد دائماً – مع انها أمية لا تقرأ إلا القرآن ولا تكتب – بيت الشعر:
تعلم يا فتى فإن الجهل عار
ولا يرضى به إلا حمار
واستطرد قائلاً : اليتيم احياناً حظه في الحياة يبدأ مع وفاة أبيه لكن هذه ليست قاعدة واليتيم في ذاته ليس مصيبة لأن الله هو الذي اختار له ذلك، فسخّر له جنوداً كما سخّرهم لي ولوالدتي – رحمها الله – ولأختي فقد ترك والدي بضعة كتب عندما توفي في مكتبه فدا الى جوار مكتبة الثقافة في باب زيادة وكتب في المقعد وابتدأت الأسرة تبيع بعض الكتب فكنت أذهب الى باب زيادة لاستلم بعض قيمة الكتب ثم بدأوا بيع العصي والمسابح الى ان انتهت الموارد وأصبحت الحالة شبه صعبة وعندما شعر جدي لوالدتي (وكان كفيف البصر) بهذه الحاجة أخذني مع أختي الى زيارة الملك عبدالعزيز وقال له (هؤلاء أولاد حسين باسلامة، لا يوجد لهم رواتب ولا تقاعد ولا شيء وباعوا ما عندهم) فيقال: إن الملك قال: (لا يمكن ألا يصرف له تقاعد) وأجرى علينا الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – دخلا مادياً أعاننا على مواصلة الحياة".
جبل "هندي"
ويضيف قائلا: "ثم سخّر الله لنا رجلا كريم من أهل مكة مصطفى أدهم – رحمه الله – الذي عندما دخلت الى مكتب في وزارة المالية وكان في المكتب هذا عدد من الموظفين، شاهدني واقفاً في وسط الغرفة وفي يدي ورقة فقام من مكتبه واجلسني على كرسي وغاب نحو ساعة ثم قال لي ترى المعاملة تأخذ وقتاً طويلا اذهب الى المنزل وسوف احضرها الى منزلكم بنفسي وبعد أيام جاء وكانت المعاملة بخصوص تقاعد والدي، فوجدنا ان راتب المائة ريال أصبح مائة وخمسين ريالا – بفضل جهوده التي بذلها – وسلمنا المعاملة واختفى، لكنه ترك عندنا أثراً ظللنا نترحم عليه من خلال السنوات الخمسين الماضية وما بعدها، ورغم ان بعض الأسر دفعها الفقر لإخراج أبنائهم من المدارس للعمل، فالوالدة – يرحمها الله – ظلت حريصة على تعليمي لدرجة انه في أحد الايام كسفت الشمس فأظلمت الدنيا فأصرت على أخذي الى المدرسة لكي لا يفوتني شيء فوجدت المدرسة مقفلة ولا أدري فربما قد لامت المدرسة في داخلها– رحمها الله رحمة واسعة – فقد رأت في نجاحي ما خفف عنها تعبها وصبرها، وظللت أذهب كل صباح الى المدرسة.
ومما أذكره انه بعد أن بلغ عمري نحو ثمان سنوات كنت أذهب الى الحرم في الفترة ما بين صلاتي المغرب والعشاء لكي اقوم بتطويف الحجاج وسعيهم، حيث كنت ألبس (الجبة السوداء) لاقوم بتطويف الحجاج ولحرص والدتي عليّ فلقد كانت تذهب معي الى الحرم وتجلس تصلي وتعبد الله، وأنا أؤدي عملي هذا مقابل مبلغ زهيد ومن فضل الطوافة عليّ ان ساعدتني في دراستي الجامعية فقد قمت في آخر سنة وقبل ابتعاثي للدراسة في القاهرة بجمع مبلغ (60) ريالا ساعدتني في الدراسة في الخارج حيث لم يكن لي مورد غيرها، وكان وقتها هذا المبلغ كبيراً وواصل المطوف الدكتور باسلامة حديثه عن علاقته بالطوافة قائلا: "الطوافة مهنة تجري في دمي وعروقي، فبعد ان انشغلت عنها في الفترة الاخيرة لارتباطاتي المهنية والاكاديمية وكثرة اسفاري فقد انقطعت وبعدت عنها جسدياً ولازلت مرتبط بها روحياً ومهتماً بمتابعتها بشكل مستمر، وعندما أكون في خارج المملكة في أوقات الحج تتوق نفسي الى ممارستها لأن مهنة الطوافة مهنة عجيبة وذات أسرار كثيرة، كنا نحصل منها على بركات كبيرة وتحفزنا وتشجعنا على ان نقدم عطاءً يفوق سننا وطاقتنا وامكاناتنا المحدودة في ذاك الوقت، فأذكر انني عندما كنت اقود اشخاصاً يكبروني في السن بكثير الى الحرم المكي الشريف وفي المشاعر المقدسة وكان بينهم المتعلمون وأصحاب المال والجاه يقومون بترديد الأدعية المستجابة بإذن الله والأذكار الدينية والتسابيح والنظرات الى الكعبة الشريفة خلفي، ويشعرونني بأهميتي الكبيرة.
عطاء غير محدود
ورداً على سؤال حول بعض الأحداث والذكريات التي لا تزال عالقة في ذهن الدكتور باسلامة منذ ذلك الوقت الذي كان يمارس فيه مهنة الطوافة حتى الوقت الحالي أجاب ضاحكا: "الذكريات والأحداث كثيرة يصعب حصرها في هذا الحيز، ومما أذكره أنني عندما كنت صغيراً في السن كنت أعمل في موسم الحج مع مطوف اسمه مصطفى عالم -يرحمه الله – دون مقابل مادي سوى أن يسمح لي بأداء الحج، وكانت مهمتي هي مرافقة الحجاج للتطويف، والسعي في الحرم المكي، وعند ذهابهم لذبح الأضاحي في (منى)، وفي (عرفات)، كنت آخذ مجموعة صغيرة من الحجاج ليقوموا بترديد الدعاء خلفي في وقت العصر، واصطحابهم في وقت النفرة من (عرفات) إلى (منى)، ثم إلى (مزدلفة). ومن ذكريات هذه الأعمال التي لا تزال عالقة بذهني أنه تحدث مأساة كبيرة لي عندما اتوه واعجز عن ايصال الحجاج الى مخيماتهم في (منى)، فأجلس أبكي بحرقة وألم شديدين والحجاج (يطبطبون) عليّ، ويطيبون من خاطري، ويطمئنونني ويهدئون من روعي، ويقولون لي: (لا تخف يا ابننا.. فالله سيفرج الحال، وسيسهل وصولنا)، وفعلا فجأة جاءت سيارة من حيث لا ندري، واخذتني والحجاج، وأوصلتنا الى مخيماتنا. ويواصل الدكتور عبدالله باسلامة الحديث قائلا: "مهنة الطوافة مهنة شاقة وفيها كثير من المتاعب والمجهودات الجسدية والمادية، وكذلك بعض المتاعب النفسية، بسبب احساس الشخص انه لم يستطع ان يقدم كل ما يجب تقديمه للحجاج من مجهود وخدمات، فإنني كنت اطمح واطمع وأنا صغير في السن وفي مثل ذلك العمر، ان اقدم للحجاج خدمات ومساعدات تفوق سني ومقدرتي الجسدية بكثير، حتى أنال رضا الرب عني، ورضا نفسي عن نفسي، فخدمة الحاج شرف ورسالة سامية يغرس الله سبحانه وتعالى حبها في نفس الإنسان، ليحفزه ويدفعه لتقديم ما يفوق طاقته الجسدية والذهنية، وإمكاناته المادية بكثير، دون أي تخطيط أو تدبير من البشر".
ومضى في حديثه قائلا: "رسّخت مهنة الطوافة في نفسي عدة مبادئ، منها الإيثار والتفاني والإخلاص في خدمة المسلمين، وكذلك عامل الدفاع عنها كمهنة، لأنها المهنة التي تعلقت بها وأحببتها حبا شديدا، وعشقت العمل فيها، ولا زلت اشتاق لتلك الأيام التي أتمنى ان تتاح لي الفرصة لممارستها مرة أخرى، فلقد ارتبطت بها ارتباطاً وثيقاً، جعلني اقوم بالمتابعة السنوية لأحوالها وأمورها، ولما يستجد من مشروعات وخطط وتنظيمات خاصة بالحج، فلا بد لأي شخص ان يقف مشدوهاً أمام هذه المشروعات الضخمة والعملاقة التي قامت وتقوم بتنفيذها حكومتنا الرشيدة – ايدها الله – لراحة، بل لرفاهية الحجاج، والتي لم تقف عند حد التوسعة الضخمة للحرمين الشريفين، ولا عند مشروع منشأة الجمرات الجديدة، بل الحجاج موعودون في المستقبل، بالمزيد من هذه المشروعات العملاقة، التي تهدف لتيسير هذه الشعائر لهم". وتحدث كذلك عن ما قدمه لهذه المهنة من خدمات كطبيب وليس كمطوف بقوله: "عندما عدت من الابتعاث للدراسة في الخارج، كنت أعمل طبيبا للنساء والتوليد في الرياض، فكنت من ضمن مجموعة الأطباء الذين يتم انتدابهم من الرياض للعمل في موسم الحج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، فقمت بتوليد حاجتين في (عرفة)، وحاجتين في (منى)، وقمت بإجراء عمليات جراحية لنساء كثيرات في المشاعر المقدسة"، ويضيف سعادته قائلا: "ومما اذكره في هذا الشأن.. انه في أحد مواسم الحج، وبعد ان تمت ازالة المستوصفات الصحية التي كانت تقام بصفة مؤقتة في مشعر (عرفات)، والتي كانت تتم ازالتها وقت النفرة لمنى، فاجأت آلام المخاض حاجة سودانية الجنسية – وتحديداً في وقت النفرة لمنى – فركبت معها في سيارة الاسعاف وهي تتألم بشدة ورافقتها لمنى، وكنت خائفا عليها اشد الخوف نظرا لازدحام الطرق، وشاء الله ان يلطف بها، وعند وصولنا لباب مستشفى (منى)، ولدت بسلام في (الترولي)، النقالة المخصصة لنقل المرضى من سيارة الاسعاف الى داخل المستشفى، ومما أذكره انها سمت مولودتها عرفة".
* التحول من مكة المكرمة الى جدة .. كيف تفاعلت معه في تلك الفترة؟
** الانسان مسير وليس مخير. فبعد عودتي من الخارج بعد ان أنهيت دراسة الطب عينت في مستشفى الشميسي بالرياض وتعايشت مع الوضع بشكل طبيعي وامضيت في الرياض اكثر من 8 سنوات كانت حافلة بالأعمال الطيبة والعلاقات الحميمة ولم افكر في مغادرة الرياض سوى بعد استدعائي من قبل معالي الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله وذلك لتأسيس كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز وتركي للرياض كان قراراً صعبا وضحيت بالكثير بسببه وما شجعني على مغادرة الرياض لجدة هو الطب واحمد الله ان جهدي وجهد زملائي استفاد منه الوطن والمجتمع حيث سعدت بأنني من المؤسسيين لكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز والتي خرجت الالاف من الاطباء وكثير منهم اسهم في علاج مجتمعه وتوعيته ليعيش في صحة وعافية من الله. ولهذه الاسباب سكنت في جدة ولكنني لم ابتعد كثيراً عن مسقط رأسي مكة المكرمة فلي منزل بها وازورها باستمرار والتقي بأصدقائي كلما سنحت الفرصة.
اجانب في جدة
وبالمناسبة كان الصديق محمد سعيد فارسي والذي كان أمينا لجدة وهو من اهل مكة المكرمة يقول لأصدقائه في جدة نحن خبراء اجانب عندكم نقدم خبراتنا لكم فتحملونا على العموم جدة من المدن التي احبها وتعيش فيها كريمتي واولادها منذ فترة طويلة.
* عملت في الرياض لفترة زمنية تجاوزت ثمانية اعوام.. كيف وجدت العمل هناك؟
** من اجمل فترات العمل في حياتي.. تلك السنوات فقد كونت علاقات رائعة مع علية القوم في الرياض وكنت بتوفيق من الله في عز نشاطي الطبي وحققت كثيراً من الاعمال الجيدة وحظيت بسمعة جميلة ورائعة لدرجة ان سائق تاكسي عرفني بعد مغادرتي للرياض بنحو ثلاث سنوات ورفض اخذ قيمة المشوار. وكان قرار سفري لجدة والمساهمة في تأسيس كلية الطب في جدة صعباً للغاية واستغرب كثير من اصدقائي تضحيتي لكافة لامتيازات من اجل تلبية دعوة الدكتور محمد يماني رحمه الله والحمد لله على كل شيء.
* في الرياض كنت مشهوراً ومعروفاً وعندما انتقلت لجدة تغير الوضع.. ما تفسيرك؟
** في تلك الفترة في الرياض كان عدد الاطباء السعوديين قليلا جدا والنوادر من الاطباء وانا منهم قلة ولذلك كنت معروفاً فلا يوجد استشاريون متخصصون في امراض النساء والولادة. وعندما انتقلت لجدة كانت الخدمات الصحية قد تطورت كثيراً وانشئت في هذه المدينة مستشفيات حكومية واهلية تضم نخبة من الاستشاريين وان كان معظمهم من غير السعوديين لذلك من الطبيعي ان يقل التركيز والاهتمام من قبل العامة على شخصي.
* دكتور عبدالله. دعني اطرح عليك سؤالاً حول تقييمك لأطباء اليوم خاصة وان ابنك الدكتور حسين من جيل الشباب. كيف تراهم وما ابرز ملاحظاتك على عملهم؟
** علاقة الطبيب بالمريض في السابق كانت اقوى ودقته في التشخيص عالية بحمد الله ثم لاعتماده على علمه وفحصه بعناية للمريض وسماع كافة الاعراض التي يشكو منها. وهو ايضا اقدر علمياً ومهنياً من طبيب اليوم فبعض الاطباء الان يسارع في وصف الدواء من خلال سماع جملتين من المريض وبعضهم يعتمد على الاجهزة الحديثة في تحديد نوعية المرض والعلاج المناسب دون الاستماع للمريض وفحصه لذلك تحدث بعض الاخطاء والقضايا التي تباشرها اللجان الطبية الشرعية تأكيد على كلامي وهي مع الاسف كثيرة وسببت الكثير من المتاعب لمن وقع ضحية التشخيص الخطأ من قبل الطبيب. واتمنى من الاطباء الشباب الحرص على الدقة في التشخيص وعدم التسرع في صرف الادوية او طلب التحاليل دون ان يتأكد من حاجة المريض لذلك العلاج او التحليل.
* وانت طبيب وجراح .. في رأيك .. لماذا كثرت الاخطاء الطبية في الوقت الحالي مقارنة بفترتك في الطب؟
** هناك فارق بين الخطأ الطبي والمضاعفات التي تحدث للمريض بعد اجراء بعض العمليات الجراحية ولاحظت ان هناك خلطا كبيرا بينهما ويظهر ذلك من خلال الاخبار الصحفية او التي يتم بثها عن طريق بعض البرامج والمضاعفات معروفة طبيا وهي موجودة في كتب الطب وعرفنا ذلك خلال دراستنا للطب. ولكن الكثير من العامة ووسائل الاعلام يجهلون هذه المعلومة وامل منهم عدم التسرع في اطلاق عبارة خطأ طبي ما لم يتأكد من ذلك فنلاحظ عناوين كبيرة وفي الاخر تكون هذه نتائج المضاعفات وليس خطأ طبي.
* خلال عملك الطويل في الجراحة.. كم مرة وقعت في اخطاء.. وكيف تعاملت معها؟
** بحمد الله وتوفيقه لم يحدث ان وقعت في خطأ طبي واحد طوال مسيرتي في الطب والمضاعفات كما اشرت سابقاً تحدث في بعض الحالات وهذا وارد في علم الطب ولا يعتبر ذلك خطيراً ومقصوداً أو تجاهلاً من الطبيب واتحدث عن نفسي ومن اعرفهم من الاطباء. وفي الحقيقة لم اسمع عن اخطاء وقعت من زملائي في كلية الطب بالجامعة فقد حرصنا على التوكل على الله والدقة في التشخيص والاتقان عند تنفيذ العمليات.
وقفة في البلاد
* توقفت عن الكتابة الصحفية بعد سنوات طويلة من الكتابة في الصحف.. لماذا؟
** اهتمامي بالتأليف استحوذ على معظم وقتي وبحمد الله تمكنت من تأليف 18 كتاباً حتى الآن وادرس بعض الافكار في الفترة الحالية والقادمة بمشيئة الله وبالنسبة للكتابة في الصحف فهي تحتاج لمتابعة مستمرة وطلبت من الاخوة في الصحيفة منحي اجازة مفتوحة واذا وجدت في نفس القدرة على الكتاب فسأعود لها مجدداً وهذا القرار سابق لأوانه الآن. وبالمناسبة كان اول مقال كتبته في البلاد تحت عنوان وقفة وقد كان الاستاذ عبدالمجيد شبكشي رحمه الله دو ر في اقناعي بالكتابة ووجدت استحسانا منه وذلك بنشره في البلاد واستمريت اكتب اسبوعياً وبعد البلاد كتبت في المدينة وعكاظ والشرق الأوسط بطلب من رؤساء التحرير وتشجيعهم لي واقتناعهم والقراء بما اطرحه من افكار ورؤى طبية واجتماعية.
* ما الكتاب الذي الفته ولمست الرضا على من أطلع على محتواه؟
** انا استمتع بالتأليف واستغل وقت فراغي في القراءة والكتابة دون اخلال بواجباتي تجاه اسرتي واصدقائي واول كتاب الفته كان بعنوان "سيدتي الحامل" ولازال هذا الكتاب يعاد طبعه حتى اليوم والحمد لله واهديت اول نسخة منه للملك فيصل طيب الله ثراه والذي طلب منه خمسين نسخة وكافأني بمبلغ مالي كبير في ذلك الوقت.
* ابنك الدكتور حسين احتار نفس تخصصك.. هل كان ذلك بدافع منك ام قناعته الشخصية بهذا التخصص؟
** دخول ابني حسين في الحقل الطبي وفي تخصصي النساء والولادة اسعدني كثيراً وكانت هذه هي امنيتي ولم استطع فرضها عليه بل أوعزت لاستاذته وهم تلاميذي بالحديث معه واقناعه بتخصص النساء والولادة في فترة الامتياز والحمد لله اقتنع وسجل في هذا القسم وهو الآن اخصائي في امراض النساء والولادة واتمنى ان يكون من المميزين في هذا التخصص إن شاء الله.
* خلال عملك الطبي في الرياض.. كنت متخصصاً في الاشراف على ولادة الكثير من الامراء والاميرات حدثنا عن هذه الفترة؟
** هذه من نعم الله على انني كنت محل ثقة من قبل ملوك المملكة وامرائها واميراتها وساعدني في ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى وكوني من اولئك الاطباء السعوديين الحاصلين على الزمالة. وبحمد الله اشرفت على ولادة اكثر من 200 امير واميرة معظمهم يتبوأ مناصب في الدولة الآن.
* بعد التقاعد.. كيف تقضي وقتك هل لازلت حريصاً على التأليف.. ومتى تلتقي اصدقائك؟
** الآن تفرغت للتأليف واركز جهدي بتقديم مؤلفات جديدة وسيتم الافصاح عنها فيما بعد. اما بالنسبىة لاصدقائي فألتقي بهم اسبوعيا. كما التقي بطلابي وهم اساتذة الآن في الجامعة كل ثلاثة او اربعة اشهر في بيتي فالعلاقة لازالت مستمرة مع طلاب الدفعة الاولى في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز وكذلك طلابي وزملائي في الرياض فالطب والتدريس مهنتان تجد فيهما حنين للآخر وهذا ما الاحظه منذ ان كنت استاذاً للطب في الرياض وجدة.
* حسب معلوماتي.. تنفق على الكرسي الذي انشأته بالجامعة مبالغ طائلة تقدر بالملايين.. هل انت مقتنع بما تقدمه لهذا الكرسي؟
دعم الكرسي
** الفكرة بشكل عام من الاسرة وتهدف لدعم عمل خيري قريب من مهنتي وتخصصي ولمعرفتي بصعوبة علاج الاورام وتدريب الاطباء على علاج الاورام وتشجيع الابحاث في هذا المجال ونحمد الله على النتائج التي تحققت خلال الفترة الماضية وبالمناسبة كنت رافضاً اطلاق اسمي علي الكرسي. ولكن اصرار الاخوة في الجامعة وتبريرهم ان اطلاق الاسم يحفز الاخرين على العمل سمحت باعلان اسمي واسرتي والحمد لله تشعر بالسعادة كون الكرسي يحقق اهدافاً نبيلة ويساهم في علاج مرضى مستحقين.
* بحكم خبرتك ما الأورام المنتشرة بين السعوديين وأيهما أكثر إصابة بالأورام؟
** يعتبر سرطان الثدي من أكثر الأورام شيوعاً عند السيدات في المملكة العربية السعودية بنسبة 26% وسرطان القولون عند الرجال بنسبة 1102% وبالنسبة للسيدات والرجال بصفة عامة فإنه ليس هناك فرق كبير بين عدد المصابين لجميع الأورام السرطانية بين الرجال والسيدات، في السعودية زيادة قليلة عند السيدات عن الرجال (91:100) (47%:53%).
* هل لديكم إحصائيات عن نسبة إنتشار الأورام في المملكة العربية السعودية؟
** يعتبر السجل الوطني للأورام في المملكة العربية السعودية من أهم المراكز التي تعمل جاهداً لمتابعة الحالات الجديدة في المملكة، وقد ظهرت نتائج عام 2007م عدد 12.309 حالة سرطان مسجلة حيث أن عدد السكان في تلك السنة كانت 17493364 وبذلك يكون النسبة 70\100.000 وهناك دلائل إذا قورنت هذه النسبة بعام 1994م وأن هناك تزايد ملحوظ على مرّ السنين. وقد سجل السجل الوطني في عام 2007م 1239 حالة جديدة لسرطان الثدي والفترة العمرية ما بين (13 – 95 سنة) وقد لوحظ أن نسبة الإصابة لسبب غير معروف في منطقة مكة المكرمة الأكثر من بين مناطق المملكة العربية السعودية. وسجل سرطان القولون 907 حالة جديدة على مستوى المملكة في نفس العام عند السيدات بنسبة تكاد متقاربة على مناطق المملكة.
وسجل سرطان الرحم 189 حالة جديدة ويحتل الرقم السادس عند الأورام الأكثر شيوعاً عند السيدات في المملكة، سجل سرطان المبيض 149 حالة جديدة في عام 2007م ويحتل المرتبة السابعة عند السعوديات وحسب المعدل العالمي تشخص معظم الحالات في مراحل متقدمة.
في المملكة العربية السعودية الواضح أن 241 سيدة تشخص بسرطان عنق الرحم 84 مريضة تموت سنوياً بسبب هذا المرض. ومن المتوقع مضاعفة هذه الأرقام في عام 2025 إلى ثلاثة أضعاف إذا لم يتم إتخاذ إجراءات وقائية مع العلم أن نسبة هذا السرطان في البلدان الكبرى تتلخص بشكل كبير لوجود برامج عديدة للفحص المبكر وطرق الوقاية.
* ما هي أهم الأسباب التي تؤدي للإصابة بالأورام السرطانية؟
** الخلايا الطبيعية في الجسم تتبع مسار منتظم لنمو – تقسيم – موت الخلايا (Apoptosis) ويتم تغيرها بشكل منظم في حالة وجود أضرار أو طفرات على الحمض النووي داخل الخلية (وسوف نذكرها لاحقاً) يجعل الخلايا لا تموت بطريقة البرمجة وتستمر في النمو وتتحول إلى خلايا غير طبيعية فيتكون الورم ويكون (كتلة) والتي بدورها تنتشر في الأعضاء الأخرى وتسبب الوفاة.
المواد المسببة للسرطان وبشكل مباشر على الحمض النووي للخلية كالتبغ (التدخين) والاسبستوس والزرنيخ والإشعاع وكثرة التعرض لأشعة الشمس.
وهناك فيروسات عديدة لها علاقة بالسرطان مثل الحليمي البشري (HPV) المسبب لسرطان عنق الرحم والتهاب الكبد C, B (سرطان الكبد) وفيروس ابشتاين بار (سرطان الأطفال) وهناك عوامل بيئية وغذائية تساعد في ضعف الجهاز المناعي للجسم ضد السرطان ومن أهمها فيروس الإيدز والسمنة والأكل الدسم الغير صحي وقلة الحركة، ويمكن للسرطان أن يكون نتيجة زيادة في نسبة الهرمونات في الجسم أو تعاطي هرمون الإستروتجين بطريقة غير صحية والذي يسبب سرطان المبايض والثدي بالإضافة أن هناك فئة قليل من الناس يكون لديهم استعداد وراثي ولديهم طفرات جينية معينة أو خلل من الجنين يكون أكثر عرضة بالسرطان في وقت لاحق في الحياة.
* الأورام النسائية تنتشر بسرعة كبيرة في السعودية هل لديك تفسير لهذه الظاهرة؟
** بما لا شك فيه هناك تزايد ملحوظ الا أن الأعداد المسجله في السجل الوطني في السعودية تعتبر قليلة إذا ما قارناها في دول أوروبا وأمريكا.
وتأتي ذلك للأسباب التاليه:
1- إن السجل الوطني للأورام يحتاج إلى إمكانيات إضافية بطريقة مقننه أكثر حتى نتمكن من حصر جميع الحالات والملاحظ أن هناك حالات تسجل تعتبر حالات ما قبل سرطانية ولم يعطي أورام الحمل العنقودي القدر الكافي من الإحصاء وقد بادرنا عندنا في الوحدة بعمل حصر على هذه الأورام حتى يتم حصرها بشكل أفضل.
2- أن هناك تطور في تخصص الأورام النسائية خلال السنوات الماضية قبل عام الالفين للميلادية لم يكن هناك إستشارين في هذا التخصص والأن بلغ عدد الإستشارين في هذا التخصص قرابه عشرين طبيباً في مناطق المملكة الأمر الذي أعتقد أنه أدى إلى دقة في التشخيص وعلاج مرضى الأورام النسائية على كافة مستوى المملكة وأصبح مرضى الأورام النسائية يعوي اكبر للذهاب لتلقي العلاج لسهولة الوصول للمراكز المتخصصة على مستوى المملكة حتى في حالات المتقدمة والذين كانوا في السابق لا يشخصوا بصورة جيدة.
* ما هي نصيحتكم للقراء لأهمية الكشف المبكر عن الاورام النسائية قبل إستفحالها في الجسم وصعوبة علاجها؟
* * الحقيقة إن الكشف المبكر والوقاية بطبيعة الحال أفضل من العلاج والذي تفتقده بلدنا الحبيب هو قلة الوعي عند السيدات عن أعراض الأورام وطرق الكشف المبكر لها ونرجو منهم الإستفادة بقدر الإمكان من الخدمات التي نوفرها لهم عن طريق الجرائد والمجلات والملصقات والحملات التوعوية وصفحات الانترنت. بالتعرف على الأعراض وسبل الوقاية لجميع الاورام النسائية وخاصة أورام عنق الرحم حيث والحمد الله وبدعم من إدارة المستشفى والجامعة وكرسي أ.د.عبد الله حسين باسلامة تم عمل برنامج للكشف المبكر لعنق الرحم في داخل المستشفى لعمل فحص مجاني لعنق الرحم ويتم التعامل معهم وعلاجهم في نفس المركز على أسس علمية والبرنامج مبني على نظام التواصل بين هؤلاء السيدات وتذكيرهم بالفحص.وقد بدأنا هذا ليشمل سيدات جدة ليتم بعد ذلك بدعم من الوزارت المختلفة تعميمه ليشمل مناطق المملكة ليصبح برنامج وطني شامل للكشف المبكر لعنق الرحم.
* وهل بدأ تنفيذ إجراء عملي في برنامج التبادل بين كلاً من: كرسي أ. د. عبد الله حسين باسلامة للأورام النسائية بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز والمركز الطبي للأورام النسائية في نيوجرسي/ أمريكا .. حيث سبق الإعلان عن ذلك على أن يتم كل ثلاثة أشهر مناقشة المستجدات؟
** تم الاتفاق بين مركز الأورام النسائية بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز والمركز الطبي للاورام النسائية في نيوجرسي بأمريكا في شهر مايو 2013م وقد زار المركز بروفيسور دانيال سميت من مركز نيوجرسي و عمل مؤتمر في فندق كراون بلازا تم فيه مناقشة العديد من الحالات وتبادل الخبرات بين المركزين وتم الاتفاق على اقامة تبادل مشترك كل ثلاث شهور و أول اجتماع بين المركزين كان عن طريق الموقع الالكتروني في شهر نوفمبر 2014م وقد كانت تجربة ناجحة والأول من نوعها على مستوى المملكة العربية السعودية و سيتم بعد ذلك ترتيب أربع اجتماعات سنوياً كل ثلاثة أشهر.
* دكتور عبدالله هل كل من تجاوز سن ال40 معرضات للأورام ثم الاحتمالية بعد الخمسين وهل الكشف المبكر بمسحة عنق الرحم يمكن تحديد ومن هي التي تحتاج ذلك؟
** نعم تكثر الإصابة بسرطان عنق الرحم بين العمر 40-45 سنة ولكن الخلايا الما قبل سرطانية تحتاج عشرات السنين لكي يصبح ورم وهذا امر يمكن علاجه بواسطة وسائل الكشف المبكر.
كل سيدة تجاوزت سن 35 سنة أو التي مر على زواجها أكثر من ثلاث سنوات تحتاج لعمل مسحة عنق الرحم والتي تحدد احتمال إصابتها.
من خلال إجراء مسحة عنق الرحم يمكن تحديد الإصابة بالفيروس الحليمي المسبب لسرطان عنق الرحم وبفحوصات أخرى معينة وأكثر دقة يتم تحديد مرحلة الورم . منها ما يحتاج إلى متابعة خلال سنة وتكون تغيرات طفيلية وغير سرطانية ومنها ما هو سرطاني
يعد سرطان عنق الرحم ثاني أكثر السرطانات شيوعاً حول العالم بعد سرطان الثدي وقد انخفضت نسبة الإصابة ونسبة الوفيات في الدول المتقدمة نتيجة انتشار الوعي والاكتشاف المبكر بعمل مسحة عنق الرحم والكشف عن الفيروس المسبب كما ذكر. وتعتبر الدراسات أن 60% من السيدات المصابات بعنق الرحم في الدول المتقدمة هن من الفئة اللواتي لم يعملن الفحص اللازم في خلال خمس سنوات من الإصابة.
هناك عوامل مسببة لسرطان عنق الرحم أولها الإصابة بالفيروس الحليمي في 99.7% من جميع حالات سرطان عنق الرحم ومعظمها عبر التدخين، نقص المناعة المكتسبة ، الجنس و الخلفية العرقية.
* ذكرت في احدى مذكراتك بان الطبيبات السعوديات قادمات .. كيف تراهم اليوم؟
** نعم الطبيبات قادمات.! واقصد بذلك تعليم المرأة ومساهماتها في خدمة المجتمعات وبخطوات سريعة وقوية.. وان كانت بدايته الحقيقية تأخرت كثيرا الا أنهن قادمات.
ولخبرتي الطويلة في التعليم الطبي ومتابعتي لهن في الامتحانات الجامعية وامتحانات الدراسات العليا وعملهم في الكليات والمستشفيات اشهد لهن بحسن الأداء وإتقان المهنة والتفوق في كثير من الأحيان..!
والملفت للنظر انه في فترة من الزمن (في الخمسينيات) لم تبتعث معنا او مع غيرنا طالبة سعودية لدراسة الطب.! ولا لسنوات بعدها؟ (وان كانت كما علمت قد التحقت بالجامعات في مصر سعوديات منهن الدكتور سميرة اسلام فقد التحقت بكلية الصيدلة في الاسكندرية).! ولكن ظلت نسبة الطالبات السعوديات الدراسات للطب او الطبيبات غير ظاهرة الة ان انشأنا قسم الطالبات في كلية الطب في جامعة الرياض – عندما منت وكيلا لحكلية الكب هناك في حوالي عام 1974م.
وظلت نسبة الطالبات للطلبة في كليات الطب تقل كثيرا ولعدة سنوات وفي الآونة الأخيرة – ومع التسعينيات وفي العشرينيات – ارتفعت تلك النسبة سريعا وصلت الآن نسبة الطالبات في كليات الطب الى أكثر من 50% وقد يجيء اليوم التي تصبح فيه كثير من المهن الطبية مهنة نسائية.! ولا مانع عندي في ذلك وبخاصة في تخصصي (أمراض النساء والتوليد) فهي مهنة أولى بها النساء.؟
ولخبرتي الطويلة في التعليم الطبي ومتابعتي لهن في الامتحانات الجامعية وامتحانات الدراسات العليا وعملهم في الكليات والمستشفيات اشهد لهن بحسن الأداء واتقان المهنة والتفوق في كثير من الأحيان..!
* في بعض الفترات نسمع عن شكوى من البعض الطلاب حول تعرضهم للظلم من قبل اساتذتهم في الجامعة في الامتحانات وبحكم خبرتك.. هل فعلا لمست ذلك؟
** الاجابة السريعة على ذل نعم..! ولكن هل يحدث الظلم بعلم أو بقصد؟ وفي الواقع قد يقع ظلم على بعض الطلاب في الامتحانات وفي غير الامتحانات ولكن في معظم الاحيان بدون قصد.!
والظلم الذي قد يقع في الامتحانات – ان وقع – عند تصحيح اسئلة الامتحانات الكتابية او في الفحص السريري او في الامتحان الشفهي او ربما خطأ في رصد العلامات.ولعل مجال الخطأ او الظلم يكون اكثر حدوثا في تصحيح الأوراق أي في الامتحان الكتابي حيث يعتمد التصحيح على المادة العلمية ولكن (مزاج الممتحن) وحالته النفسية والارهاق الذي يناله من كثرة الاوراق التي تعطي له، قد تتدخل في رصد العلامة النهائية؟ فقد يلجأ (المصحح) في بعض الاوقات وبخاصة في آخر الدوام الى تفجيرات مزاجية لما يقرأه من الاجوبة ويعطي علامات قد تكون مناسبة وقد تزيد او قد تقل عن المطلوب ومن هنا يقع بعض الظلم على الكلاب وكثيرا ما طلب من ادارة الامتحانات اعاد تصحيح اوراق بعض الطلبة وخاصة عندما تتباين النتائج ولذلك عندما كنت عميداً لكلية الطب اطالب بان تصحح الاجابة من استاذين او ثلاثة لتحقيق العدالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.