أسواق العثيم تحصد جائزة المسؤولية الاجتماعية 2025 عن فئة الشركات العملاقة    خام برنت يتراجع إلى 60.71 دولار للبرميل    الجمعية العامة ال151 للاتحاد البرلماني الدولي تبدأ أعمالها في جنيف    سابقة في فرنسا.. ساركوزي يدخل السجن    وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان العلاقات الثنائية    ROX تطلق سيارتها الرائدة الجديدة ADAMAS SUV من أبوظبي    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    السعودية تؤكد دعمها الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الأمن والسلم    عبدالله العنزي مديرًا للإعلام ومتحدثًا رسميًا لوزارة الشئون الاسلامية    "دله الصحية" شريك تأسيسي في معرض الصحة العالمي 2025 و"عيادات دله" ترعى الحدث طبيّاً    العلا.. وجهة عشاق الطبيعة والفن والتاريخ    انطلاق منتدى الأفلام السعودي الثالث غدا الأربعاء    أمير القصيم يبارك للدكتور الحربي اختياره ضمن اقوى قادة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط لعام 2025م    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11545) نقطة    أمير الشرقية يؤكد أهمية تكامل الجهود التنموية بين القطاع غير الربحي والجامعات    ملتقى سعودي مجري لتعزيز الشراكة الاستثمارية في الرياض    وفد غرفة جازان يفتح قنوات صناعية مع كبرى شركات الإضاءة والطاقة في الصين    بيع شاهين فرخ ب 120 ألف ريال في مزاد نادي الصقور السعودي 2025    نائب أمير الشرقية يطّلع على إنجازات وبرامج جامعة الأمير محمد بن فهد    تعليم مكة يطلق ملتقى الإرشاد المهني بالشراكة مع "هدف"    محافظ بيش يستقبل شيخ شمل السادة الخلاوية والشابين المبدعين الشعفي    هيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز تعلن اكتشاف شجرة السرح النادرة في وادي الشوكي    محترف الاتحاد أمام الشرطة العراقي.. هدف لم يتذوقه من قبل    جمعية التطوع تطلق مركز (مفاز للإعلام الاجتماعي)    بدء أعمال هدم جزء من البيت الأبيض.. وترامب: سنبني قاعة رقص كبيرة    سعد سفر آل زميع للمرتبة الخامسة عشر    التدريبات الرياضية هي أفضل علاج لأوجاع التهاب مفاصل الركبة    القادسية يفتتح مركز الأداء العالي بمعايير عالمية في 6 أشهر    "أوتشا" ترحب بالسماح للأمم المتحدة بنشر مراقبين في قطاع غزة    السواحه يلتقي الطلاب السعوديين المبتعثين في الولايات المتحدة    "الأونروا": يجب أن يستمر وقف إطلاق النار في غزة    نائب ترمب: وقف إطلاق النار أمام تحديات كبيرة    تسجيل 184 موقعاً أثرياً جديداً في السعودية    تستهدف تصحيح أوضاع العاملين في هذه الأنشطة.. إطلاق اشتراطات أنشطة المياه غير الشبكية    بين جائزة القارة واستفتاء مجلة    في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا.. سان جرمان وإنتر وآرسنال لمواصلة الانتصارات وبرشلونة للتعويض    وزير الخارجية وغوتيريش يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    قبيل قمة بوتين – ترمب.. توتر سياسي ودبلوماسي حول أوكرانيا    المساعدة القهرية    صانع المحتوى وردة الفعل    مسلسلات وأفلام تغزو بيوتنا وتهدد جميع القيم    بجانب 20 موظفاً أممياً.. الحوثيون يحتجزون ممثل اليونيسف في صنعاء    استقبل الفائز بالمركز الأول بمسابقة تلاوة القرآن بكازاخستان.. آل الشيخ: دعم القيادة لحفظة كتاب الله يحقق الإنجازات    وزير البيئة افتتح المعرض.. 3,5 مليار استثمارات زراعية جديدة في المملكة    استقبل وزير الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: العمل التكاملي يعزز جودة خدمات ضيوف الرحمن    متلازمة المبيض متعدد الكييسات (2)    علماء يطورون ذكاء اصطناعياً لتشخيص ورم الدماغ    إنزاغي: هدفنا مواصلة الصدارة    مارسيلينو: سنتحلى بالثقة أمام السيتي    1214 مصنعا سعوديا تعزز منظومة الأمن الغذائي    أمير القصيم يدشن مشروعي "التاريخ الشفوي" و"تاريخنا قصة"    خطر بطاريات ألعاب الأطفال    عندما يتكلم غير المختص في غير مجاله    جمعية شفيعًا تنظم رحلة تكريمية لطلاب الحلقات الحافظين لكتاب الله من ذوي الإعاقة للمدينة المنورة ومكة المكرمة    سماء السعودية تشهد زخة شهب الجباريات من 2 أكتوبر حتى 7 نوفمبر    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    لا مال بعد الموت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا لا أجهر بالحق ؟؟؟
نشر في أزد يوم 27 - 12 - 2009


تنبيه: هذا المقال رد على نفسي.
قبل فترة من الزمن كتبت عدة مقالات والحمدلله أني لم أنشر إلاّ بعضها، كان محور الحديث فيها عن مسائل ليست حديثة، أطرحها من وجهة نظر أراها حقاً طالما غُيّب وسُكت عنه.
كان اجتهادي يقول إنّ علينا أن ننطق – وعلى الملأ- بالحق الذي نعتقده في مسائل طغى على القول فيها قول واحد بِسَطوة مكانة القائل فيها، فأصبح القول بغير ما قال نوعاً من الخروج على الإجماع، خصوصاً المسائل التي تتعلق بالمرأة والمسائل الاجتماعية والسياسية.
وأوّل من نصدع بالحق في وجهه هم أهل العلم الذين نختلف معهم، وإن كانوا أحبّ إلينا من كل أحد، ومكانتهم لدينا أعلى من غيرهم، لكنّ الحق – حسب تصوّرنا – أحب إلينا وفوق كلّ أحد.
تصورت لبرهة أنّ الصدع بالقول فيما يعتقده طالب العلم حق عليه، وأنّ ذلك سيحرّك المياه الراكدة، ويؤدي إلى تجديد علمي بحسبه.
ثمّ تدبّرتُ ..
فوجدتُني أسير في طريق خطأ.. ومن حسن صنيع الله بي أن حباني كراهية شديدة تتخلل بين أضلاعي لكل ما يتصل بالليبراليين والعلمانيين والعصرانيين، وكنت وما زلت لا آبه أن يتفق رأي طالب علم بما ينادي به علماني هنا أو ليبرالي هناك..
لكنّي أتحسس كثيراً من مدح وثناء المنافقين على شخص ما.. إذ لا يكاد ذلك يكون إلاّ لريبة في الممدوح.. فحتى لو كان يقول حقاً، ويجتهد صادقاً في اجتهاده، إلاّ أنّ ثناء المنافقين له دلالة قوية في أنّ نهجه يخدم أهدافهم.. والداعية الفقيه يتدبر مآلات كلامه وأين يقع.
كتبت مقالاً ذات مرة، فراسلني موقع مشبوه لا يقيم لله ولا لرسوله وزناً يطلب أن يستعين بي في فتاوى شرعية!
قلتُ: يا سبحان الله!! ومتى كنتم حريصين على حكم الله وحكم رسوله!
كان ينازعني في هذا الأمر نازعان: نازع يشدّني للصدع بالحق، ولو كان مما يعجب المنافقين.. ونازع يردني عنه بدعوى حفظ الصف الإسلامي..
لكن كيف يكون حفظ الصف الإسلامي وتفويت الفرصة على المنافقين بكتم الحق أو السكوت عنه؟ سؤال طالما تردّد في نفسي، ولم أجد له جواباً يشفي..
ولمّا تأملت كثيراً.. وجدت أنّ السبب في هذا الإشكال هو اللبس في تصوّر الحق.
فالقول لا يكون حقاً إلاّ إذا تكاملت عناصره الثلاثة: المضمون، والزمان، والمكان.
لا يكفي أن يكون لدي مضمون هو حق في ذاته؛ إذ يجب أن يُقدم المضمون في مكانه الصحيح وزمانه الصحيح، وإلاّ فإنّه ليس حقاً.
فالصلاة - كمثال – حق، لكن لمّا صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مسجد الضرار قال الله له: (لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا).[التوبة:108].
قال السّبكي: «كان الأودني من دَأْبه أن يضنّ بالفقه على من لا يستحقّه، ولا يبديه».
وقال بعض السّلف: «لا تحدّث بالحقّ عند السّفهاء فيكذّبوك».
وقول الصدق حق .. لكنّه في زمن الحرب غباء وقد يكون خيانة ولهذا قال صلى الله عليه وسلّم : «الحرب خدعة».
وفي وقت الجدل والمراء يُستحب لصاحب الحق أن يسكت كما قال صلى الله عليه وسلّم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً».
وتأمّلوا معي ما يلي: فعن ابن عباس في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال عبد الرحمن بن عوف: إن رجلاً أتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: إن فلاناً يقول لو قد مات عمر -رضي الله عنه- بايعت فلاناً، فقال عمر -رضي الله عنه-: إني قائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعوها ولا يضعوها على مواضعها، ولكن حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكناً فيعون مقالتك ويضعونها مواضعها .. » ثم ذكر الحديث وهو مشهور .
ولعمري إنّ هذا هو الفقه الصحيح لا فقهي وفقه غيري ممّن يحب الحق والصّدع به.
شماتة: وفي قصة أسر عبد الله بن حذافة -رضي الله عنه- لما أسره الروم أنّهم حبسوه في بيت ومعه لحم خنزير مشوي وخمر ممزوج، فلم يأكل ولم يشرب، وأشفقوا أن يموت فقال: «أما إن الله -عز وجل- قد كان أحله لي، ولكن لم أكن لأشمتك بالإسلام»، وما أحرانا ألاّ نُشمت أهل الباطل بالحق وأهله.
يبقى عنصر إضافي يتحقق بمجرد مراعاة زمان ومكان قول الحق ألا وهو القصد به..
فكثيراً ما يكون الحق غير مقصود لذاته، وإنّما يُتخذ قنطرة يُعبر عليه إلى الباطل.. ولهذا كانت مقولة الخوارج المشهورة: (لا حكم إلاّ لله) من هذا القبيل.. ولمّا دعوا بها في وجه علي -رضي الله عنه- قال: «كلمة حق يُراد بها باطل» .
والاستدلال بحوادث ووقائع حدثت في عهده صلى الله عليه وسلّم، أو في عهد الخلفاء لا يصح؛ لأنّ القيادة السياسية كانت على السنة وحرمات الشريعة محفوظة، فلم يكن هناك مجال لأن يستغلّ منافق عليم اللسان الحق في تسويغ الباطل والشماتة بأهل الإسلام؛ فالسلطان السياسي والعلمي كان يمنع ذلك ويحجّمه، أمّا في عصرنا هذا فنحن نعيش حالة من الضعف، والجهة السياسية في حالة حياد إن لم تكن في حالة عداء، وهذا مكّن أهل الباطل من الولوغ في آنية أهل العلم والدّعوة.. فحريّ بهم ألاّ يدعوا آنيتهم مكشوفة.
خلاصة المقال: إذا كان قول الحق في المسائل الاجتهادية والصدع به يخدم مقاصد المنافقين فالسكوت عنه أولى، والكفّ عن الجهر به متعيّن، والصدع به ليس صدعاً بالحق بل هو جهر بالباطل، وأخشى أن يكون من تلبيس الشيطان على طالب العلم وفتنة له وبِه..
والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.