طلبات النصر لقبول فكرة رحيل لابورت    ارتفاع أسعار النفط إلى 83.27 دولارًا للبرميل    تشافي: برشلونة يمتلك فريقاً محترفاً وملتزماً للغاية    «عكاظ» تكشف تفاصيل تمكين المرأة السعودية في التحول الوطني    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    1.6 ألف ترخيص ترفيهي بالربع الأول    الطاقة النظيفة مجال جديد للتعاون مع أمريكا    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    السعودية والأمريكية    «الأقنعة السوداء»    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    احذر أن ينكسر قلبك    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    تقنية تخترق أفكار الناس وتكشفها بدقة عالية !    إلتقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين بطلبة المنتخب السعودي في آيسف.    فتياتنا من ذهب    حلول سعودية في قمة التحديات    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    حراك شامل    الدراسة في زمن الحرب    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    فوائد صحية للفلفل الأسود    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    أثقل الناس    كلنا مستهدفون    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    صفُّ الواهمين    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    سقيا الحاج    السفير الإيراني يزور «الرياض»    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 07 - 01 - 2011

الحوار مع الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد مؤرخ الأسرة السعودية تحليق مع مفرد بصيغة الجمع ومدافع قوي عن الميراث التشريعي والإداري المضيء للدولة السعودية يتجاوز في رؤيته للأحداث الجانب العرضي منها إلى العمق الاستراتيجي والحضاري فيها. وجدته على أبواب السابعة والثمانين شيخا أشب مني في همته وطموحه، حريصا على اختيار المفردة وتقصي الحقيقة، لم تمنعه حساسية الثقة التي أولتها له الأسرة من شفافية الرد على كل محاوري. ومع اختلاط الشخصي مع الموضوعي ومحاولة كل منهما قمع الآخر، لم أجد أمامي مفرا من خيار التجزئة في استثناء يستحقه من شاهد جزءا من فصول الملحمة وعايش شهودها وأحداثها، وكان له قصب السبق في طرح فكرة (الاحتفال بالمئوية).
قفز بي فوق الأشواك وذهب إلى أبعد مدى ممتدحا عقيدة المفكر عبد الله القصيمي ومشبها إيمانه بالخليفة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد. لم يتردد في الاعتراف بسحر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رغم النكسة، وتحدث بإنصاف لا نظير له عن الكاتب الراحل محمد جلال كشك معتبرا كتابه «السعوديون والحل الإسلامي» الطرح الأنضج والأكثر إنصافا للملك عبد العزيز (رحمه الله)، فيما وصف روبرت ليسي مؤلف كتاب «المملكة» بالابتزازي، وما ورد في كتابه بالمنكرات الفاضحة. الرجل الذي يرأس تحرير مجلة الشبل الموجهة للطفل المسلم والتي تسير على عكاز بين الحياة والموت هاجم قرار إيقاف إعانة وزارة الثقافة والإعلام للصحف والمجلات الذي صدر عام 1423ه، واتهم من تبنوه بتدمير مبادرات إصلاح المجتمع .. كما استغرب قيام مؤسسات التوزيع بالتهام 40 % من إيرادات المجلة ورفضهم الإفصاح عن حقيقة نقاط البيع باعتبارها سرا خاصا. الرويشد كشف عن سر القطيعة الطويلة مع أستاذه حمد الجاسر، وأوضح حقيقة إنقاذه لمجلة الدعوة بعد فشلها مع الأديب عبد الله بن إدريس.. حديث يظل رغم سخونته مقدمة هادئة لما هو عاصف في الأسبوع المقبل .. بدأته بمحاولة إشعاله بحثا عن تفاصيل الصورة لمدينة الدرعية التي أصبحت أثرا بعد عين، فقال:
ولدت في العام الذي أطلق عليه عام السبلة في أسرة تمتد جذورها في مدينة الدرعية إلى مئات السنين. عشنا على الزراعة والفلاحة التي يعتبر أصحابها من الأغنياء في تلك الفترة لدرجة أن الملك عبد العزيز عندما يخرج للفتح لم يكن رجاله بحاجة إلى تجهيز، ولم يتجاوز فيها دخل الملك قبل فتح الحجاز مليون جنيه إسترليني. منذ الصغر تكونت خلايا شخصيتي بين الأوراق والأقلام والحبر ولم ألحق من الشقاوة الكثير عدا الكتب والدفاتر التي كانت ألعاب طفولتي، فوالدي الذي كان كفيفا ويدرس كطالب علم في القصر نال ثقة المؤسس الذي عهد إليه كمطوع ببعض المهام في تلك الفترة. وحين انعدمت الخيارات لم أجد أمامي إلا الدراسة في ذلك الوقت فدخلت كتاب محمد السناري وهو شخص عماني وأمه من تنزانيا وكان يعيش في مكة المكرمة وتزامن قدومه إلى الرياض مع فتح مدرسة الأنجال التي أنشأها الملك عبد العزيز داخل القصر والتي تولى إدارتها المرحوم أحمد العربي، لكنه دفع ثمن حماسه وتسرعه حين عاقب بالعصا فخرج مع السماح له بفتح مدرسة خارج القصر والتي جمعت بين القديم والحديث، فالتحقت بها بعد عام من إنشائها في الوقت الذي كنت أدرس فيه أيضا على يد الشيخ محمد بن إبراهيم (رحمه الله). ثم ذهبت إلى الطائف ملتحقا برغبتي في مدرسة دار التوحيد التي أنشأها السوري بهجت البيطار والتي اقتيد لها الطلاب بالقوة من القرى والهجر، لكنني لم أواصل فيها فعدت إلى الرياض والتحقت بمدرسة العزيزية التي افتتحت في تلك الفترة، وتم تعييني مدرسا فيها براتب يأتيني من مديرية المعارف التي كان مديرها الشيخ المانع. في تلك الفترة عين الشيخ حمد الجاسر مديرا للتعليم في نجد ولكنه كان عنيفا فاصطدم بمديري المدارس، فقرر الملك سعود آنذاك تعيين عبد الرحيم صديق الذي كان يعمل كاتبا للعدل في مكة المكرمة ومعروفا بثقافته مديرا جديدا للتعليم، فعينني مديرا لإحدى المدارس ومع بدء افتتاح المعاهد العلمية والكليات جاءتني الفرصة لإكمال دراستي فالتحقت بكلية الشريعة وكانت الفرصة تتاح للطالب ليدرس شريعة في الفصل الأول ثم يغير تخصصه فيدرس لغة عربية في الفصل الثاني، فحصلت على الشهادة ثم عينت معلما في المعهد العلمي في الأحساء ثم مديرا له، ثم انتقلت إلى العمل في وزارة الداخلية وبقيت فيها إلى أن تقاعدت نظريا لكنني ما زلت أعمل بنفس الحماس السابق ولم أنقطع.
• كيف دخلت مجال الكتابة والعمل الصحافي دون موهبة أو شهادة مهنية مسبقة؟
أنا تأسست في هذا الجانب على يد الشيخ حمد الجاسر، ومررت قبل ذلك بتجربتين مهمتين لاكتشاف موهبتي ورغبتي. الأولى وأنا في السادسة والعشرين من عمري عندما ذهب أهل الرياض لمبايعة الملك سعود عام 1373ه فطلبوا مني إلقاء كلمة المبايعة نيابة عنهم والعجيب أن كل الذين حضروا تلك المبايعة انتقلوا إلى رحمة الله.
والثانية عندما افتتح الملك سعود المعاهد في عهد والده المؤسس (رحمهما الله) فكتبت خطبة المناسبة وألقيتها أمام جلالته بعد أن أجرى الشيخ حمد الجاسر بعض التعديلات عليها في الوقت الذي لم يكن بإمكان زملائي أن يفعلوا ذلك وأتذكر أنني قلت لسموه: صاحب السمو الملكي بكسر اللام والكاف فانتقدني زملائي على ذلك وهم لايعرفون أن الاسم ينسب فسألنا الشيخ محمد الشنقيطي أستاذنا في المعهد فأيد كلامي من باب إضافة ياء النسبة إلى الكلمة لكنه أوضح أنها لا تجوز في هذه الحالة فقط. وكان الشيخ عبد الله بلخير (رحمه الله) هو الذي يقدمنا للملك بحكم أنه مدير للنشر والمطبوعات.
• ما سر عملك في رقابة المطبوعات في تلك الفترة؟
أنت تفتح لي أبوابا كانت مغلقة وتذكرتها الآن، فقد كان المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم مسؤولا عن كل شيء في تلك الفترة بإشرافه على دار الإفتاء والتعليم والكتب وإجازتها، وقد عملنا في تلك الفترة بعد إنشاء الإذاعة مع عبد الله الحصين (رحمه الله) في فسح المطبوعات وكانت فترة متوترة مع عبد الناصر راقبت فيها الكتب الدينية ويراقبها من ناحية سياسية أحد الإخوة وكان شديدا في موضوع الصور بل وصل به الحد الرقابي لرفض إعلان عن دار سينما أمبير في إحدى المجلات المصرية فتم تغييره وأوكلت لي المسؤولية فكنت أتفهم الوضع كثيرا وفي تلك الفترة كنت أدرس صباحا وأداوم في مبنى المطبوعات مساء ومن تلك الفترة تعلقت بالكتابة.
• هل صحيح أنك كنت متعصبا لعبد الناصر؟
عبد الناصر كان أشبه بساحر وعندما خرج بدعوته إلى القومية العربية هز العالم العربي كله وكنت أتمنى في تلك الفترة أن أحضر احتفالات 23 يوليو السنوية ولكن ضيق ذات اليد منعني من ذلك فيما ذهب بعض زملائي بعد أن استدانوا وكنت أستمع إلى وصفهم لما شاهدوه وسمعوه بانبهار كبير حتى جاء العدوان الثلاثي على مصر فانهار كل شيء.
• شاع عنكم التخصص في اللغة العربية والشريعة الإسلامية، فما الذي نحا بكم في اتجاه التاريخ والرواية وكتابة الأنساب؟
أن يستحوذ على اهتمام المرء أحد فروع العلم والمعرفة، التي قدر له استيعابها، أمر شائع فثمة علاقة وثيقة تربط بين مختلف العلوم والفنون، تربط بينها علاقات وصلات، فهذا ابن الأثير من أشهر العلماء في زمنه في عدد من العلوم، من بينها علم الفقه واللغة، استهواه التاريخ فاشتهر به وأصبح من أكبر علمائه آنذاك. وفي زمننا هذا لم يعد يشد الانتباه إتقان الإنسان لبعض العلوم واشتهاره بفروع خاصة منها، وما محمد عبده يماني (عالم الفيزياء)، الشيخ حمد الجاسر (المتخصص في القضاء)، ومصطفى محمود (طبيب النساء)، وقبلهم من العلماء تقي الدين الراصد، الفخر الرازي، ابن الرزاز، وابن يونس، إلا مجرد نماذج.
• لماذا رفضت منصب مدير دارة الملك عبد العزيز والذي قيل إنه كان مكافأة على اقتراحك للاحتفال بالمئوية؟
لا، أبدا ولكن من باب ثقة الأمير سلمان بي بسبب العلاقة التي تجمعنا منذ فترة طويلة، وعندما عرض علي منصب مدير دارة الملك عبدالعزيز اعتذرت منه لأنني كنت وقتها متحمسا لإنجاح مجلة الشبل المتخصصة في شؤون الأطفال.
أما احتفال المئوية فبدأ كفكرة ألهمت بها قبل عشر سنوات من حلول موعد مرور مائة سنة على فتح الرياض فكتبت للأمير سلمان فاحتفى بالفكرة وعرضت على الملك فهد واتفق على عدم إعلانها إلا بعد استيفاء التخطيط لها وشكلت لها لجنة من الأمير سلمان، عبدالعزيز السالم، إبراهيم العنقري، وعبدالرحمن الرويشد وفي تلك الفترة فوجئنا بغزو الكويت فانشغلنا عنها سبع سنوات ثم تنبه لها الملك فهد (رحمه الله) قبل موعدها بثلاث سنوات.
• ترأستم تحرير مجلة الدعوة قبل 35 سنة، وهناك من يعتقد أن عجلة الإعلام الفضائي المتسارع قد تجاوزتها فكيف ترونها اليوم؟
نظرتي لتلك المجلة لم تتبدل ولم تتغير منذ تشرفت برئاسة تحريرها فترة من الزمن ولا تزال تلك الرؤية في مستواها من حيث الأهمية والرسالة والفكر حتى وإن قيل إنها توقفت من حيث العطاء عند حد معين لكن لست من القائلين أن فكر (المفاتي) والوعاظ ومفسري الأحلام في الفضائيات قد أفقدها شيئا من بريقها أو تجاوزه أو حل بديلا عن الحاجة إليها.
• قيل إنها أسست لتعزز الفكر المتشدد في تلك الفترة؟
هذا غير صحيح فالمجلة بدأت كفكرة مع عبد الله بن إدريس بطريقة ساذجة وانطلقت من خلال رسائل التلكس والفاكس التي كانت تأتي بالأخبار والتقارير فكان يملأها بهذه الفاكسات ويأتي معها بحديث وعظي واستمر على هذا الحال لمدة خمس سنوات خسرت فيها المجلة الكثير فجاؤوا بي فأحلتها إلى مجلة لإنقاذها وبدأت أكتب أسبوعيا ملاحقات وانتقادات لما يحدث من أحداث وظواهر تلامس الواقع ولم يكن لها فكر معين وكان يكتب فيها كتاب محليون وإخوان مسلمون دون استثناء فلم يكن لها فكر معين تسير عليه أو تهدف له.
• هناك من يرى أن مجلة الشبل جاءت بديلة ل (مجلة الروضة) التي أصدرها الراحل طاهر زمخشري، فما صحة ذلك؟ وأين هي من حياة الطفل السعودي والعربي؟
ليس في الدنيا بدائل إلا فيما اصطلح عليه تسمية، أما في الحقيقة فهناك قوى متفاوتة ولا ريب أن لسبق الأستاذ طاهر زمخشري فضلا في إشرافه على برامج الطفولة ومع اعترافي بالقدر المشترك بين التوجه في المجلتين (الشبل) و(الروضة) إلا أنني أردت أن تكون مجلة الشبل تعبيرا عن نهج وصياغة إسلامية مع الأخذ بأحدث وسائل التعبير العصري حتى في الشكل والإخراج بحيث تحل محل مجلات الأطفال الوافدة ولم يكن بإمكاني أن أتجاهل التطور الفني والطباعي العالمي، لذا لم أكن مع من يقول إن (مجلة الشبل) هي البديل ل (مجلة الروضة) أو أي مجلة أخرى توقفت بعد صدور عدد محدود من الأعداد حتى وإن كانت (مجلة الشبل) اليوم ليست قريبة من طموحات الطفل السعودي.
ولا أكتم القارئ سرا إذ اعترفت أن السبب يعود بالدرجة الأولى لإلغاء الإعانة النقدية عام 1423ه، والتي أثرت كثيرا على أدائنا وجهدنا.
• كيف واجهتم كمؤسسين قرار إلغاء الإعانة النقدية الخاصة بالصحف والمجلات الصادر في عام 1423ه، وإلغاء مجانية الإعلانات الحكومية في الصحف والمجلات اعتبارا من العام الثالث من نفاذ القرار لاسيما أن (مجلة الشبل) من المجلات التي لا تعتمد على الإعلان بسبب طبيعة مادتها العلمية والثقافية البحتة، والشريحة التي تخاطبها؟ وهل هناك تخوف من توقف المجلة مستقبلا لا سمح الله؟
بصراحة، لم نواجه ذلك القرار المجحف بما يستحق، بسبب ما يشكله لنا من عائق حقيقي، إذ لم يتجاوز جهدنا المتواضع الاحتجاج والتحذير من توقف تلك المطبوعات أو ضعفها على الأقل حتى تتلاشى، الأمر الذي لم يكن هدفا لمن أصدر القرار لكن ذلك الأسلوب لم يلق أذنا صاغية وسرنا مع فشلنا في طريق لا نهائي نرفع قضيتنا إلى أعلى المستويات، ثم تعاد إلى الجهة المسؤولة لإبداء الرأي، وتكون النتيجة من وزارة الثقافة والإعلام هي ذاتها: جاء الأمر بناء على قرار صدر لنا سابقا برقم وتاريخ (...) ثم يتوقف الجهد لالتقاط الأنفاس، وهكذا!!.
• كيف ترون الإعلام الموجه للطفل العربي والسعودي عبر مختلف وسائل الإعلام من حيث العمق والمعالجة والمعاصرة مع الواقع؟
أرى أن الطفل العربي والسعودي، في هذا الشأن بالذات، مغلوب على أمره، وكأن الشاعر يقصده حينما أنشد:
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيء في يديه
فهناك اهتمام وتطلعات إلى إنشاء هيئات ومجالس ودعوة إلى مهرجانات باسم الطفل وتزويد الصحف بإعلانات عن مسابقات خاصة بالأطفال، ثم لا نرى شيئا من ذلك كله يمكن أن يثري أو ينمي ثقافة الطفل. ولا أرى ما يحدث هنا، تغييبا، بل انحراف وتقصير في مستوى إعداد الطفل للمستقبل أقول انحرافا، لأن الجهد المبذول اليوم، اقتصر على إيجاد الهيئات وإنشاء المجالس ومظاهر شكلية أخرى دون اهتمام حقيقي برعاية الطفولة عبر فكر تربوي وثقافي. وعليه تكون أهمية الاستشعار بالمسؤولية عن هذا المخلوق الضعيف، الذي سيشكل قدرات المستقبل في أدنى مستوياتها.
• هناك من يرى أن تجربة بيع كتب الأندية الأدبية عبر المكتبات العامة فشلت، حتى مع تقاضي تلك المكتبات عمولة تصل إلى(40 %) هل ينطبق الحال على المجلات العلمية والمتخصصة أيضا؟ وكيف ترون المخرج من الوضع الحالي؟
فيما يخص مجلة الشبل، وأعتقد أن ذلك ينطبق على المجلات المتخصصة الأخرى، لم تشارك في شركات التوزيع أو تدع إلى المشاركة في المساهمة في رأس مال تلك الشركات لتستفيد من خدماتها. وتعاني في هذا الشق ما تعانيه الكتب الأدبية، إذ تتقاضى شركات التوزيع نفسها النسبة (40 %) والمشكلة أن شركات التوزيع لا تفصح لنا عن عدد مراكز التوزيع التي تعهد إليها بالبيع في المدن أو القرى الكبيرة، ترى ذلك سرا ليس من حق أحد السؤال عنه. وعندما نثير مثل هذا السؤال للتأكد من اتساع النشر تأتينا الإجابة: شركات التوزيع كثيرة، فاختر أيها شئت بدلا منا. أما المخرج من هذا المأزق، فأرى أن تسأل عنه تلك اللجنة التي درست قضية التمهيد لإصدار قرار رفع الإعانة عن المجلات المتخصصة والعلمية.
• كتبتم عن عبد الله القصيمي كلاما انتقده الكثيرون قائلين إنك لم تقرأ أغلال القصيمي جيدا فما مدى صحة هذا الانتقاد؟
لم أكتب عن الشيخ عبد الله القصيمي شيئا فيما أتذكر، لكنني تحدثت عنه بما أعلم، حيث كنت واحدا من صغار الطلبة المنتسبين إلى حلقة الشيخ محمد بن إبراهيم في أوائل الستينات الهجرية، وكنت معجبا بما يصل إلى أيدينا من إنتاج الشيخ عبدالله القصيمي الذي كان يشجعه على طبعه ونشره الملك عبدالعزيز دفاعا عن الدعوة الإصلاحية، مثل كتاب «البروق النجدية في الرد على الشبهات الدجوية»، كتاب «الثورة الوهابية»، كتاب «شيوخ الأزهر والزيادة في الدين»، وكتاب «الصراع بين الوثنية والإسلام».
والشيخ عبد الله القصيمي مواطن سعودي درس العلوم الشرعية في القصيم، وفي الرياض ثم تجول في البلاد الإسلامية، ثم استقر في مصر وحصل على أعلى الشهادات (العالمية) من الأزهر، وحين قدم إلى المملكة في الستينات الهجرية، تعرفت عليه عن طريق العلماء وأخيرا تم الحديث عن الرجل بعد صدور كتابه «هذه هي الأغلال» وبحكم تلك العلاقة، كنت من أوائل من اطلع عليه في مكتبة الأمير مساعد بن عبد الرحمن، إذ قرأت كتابه للاستفادة لا للنقد، وأعجبت أشد الإعجاب بمقدمة الكتاب التي قدمها للملك عبد العزيز والتي قال فيها بعد حديث طويل: إنه جاء بذلك الكتاب راجيا أن يكون قد قدم لدينه وأمته ما فيه نفع أو دفع ضرر، كما يرجو أن يكون قد اقتبس فيه من تلك الشعلة، التي أوقدها مصلح الجزيرة العظيم محمد بن عبد الوهاب. واعتذر في آخر الكتاب للقراء أنه من الجائز أن يكون قد أخطأ، وبالغ، إلا أنه كان مخلصا، وما أراد غير خدمة الحق يريد أن يكون إيمانه كإيمان عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، ولا يريد تدينا ينتمي إليه الشعراني وابن عطاء الله. وقد قبلت منه ذلك بعد أن اطلعت على ما قدمه، حتى إن انتقدني الآخرون لاسيما في هذا الكتاب فقط، أما غيره من كتبه، فلي فيها وجهة نظر أخرى، لذا لا صحة لما قيل إنني لم أقرأ الكتاب.
• راجعت كتاب «سعوديون والحل الإسلامي» لمحمد جلال كشك وقيل إنكم طلبتم منه تغيير اسم الكتاب من وهابيين إلى سعوديين، فهل هذا صحيح؟
هذا الكتاب من أعظم الكتب التي كتبت عن المملكة وقد أشرفت عليه، والحقيقة أن جلال كشك كاتب رائع وواحد من كبار الصحافيين في مصر في تلك الفترة ولديه فهم واستيعاب كبير وناضج، وقد حلل الكتاب تاريخ الملك عبد العزيز من كل الاتجاهات بعد حصوله على وثائق نادرة من الأمير طلال بن عبدالعزيز وقد راجعت الكتاب بأمر من الملك فهد (رحمه الله).
• وأين هو مما كتبه روبرت ليسي والريحاني وعبد الله فيلبي؟
الريحاني يشار إليه أيضا بالإبداع من ناحية تاريخ الدولة وقدرته على التحليل وصدقه وبعده عن الرتوش، أما روبرت ليسي ففي نظري أنه رجل ابتزازي وكاتب قصص بنفسجي وقد اتبع في جمعه لروايات كتاب «المملكة» إلى الخوية والبدو الذين رافقوه فأتى في كتابه بمنكرات لا تليق وقد أصدر كتابا جديدا الآن بعنوان «داخل المملكة» كرر فيه نفسه مرة أخرى وتم منع الكتاب من قبل وزارة الثقافة والإعلام وفي رأيي أن كتبه تصلح للتسلية وليس للدراسة. أما عبد الله فيلبي فله كتب رائعة لكنه يميل كثيرا إلى الإطالة والتفصيل الممل لدرجة يمل منها القارئ وقد ترجمت كتبه بنفس الطريقة وكنا نظنه من أخلص الناس لكنه انقلب علينا بعد ذلك.
• كيف وجدتم رد فعل الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله) عندما كلفت بإبلاغه قرار الفصل من عمادة اللغة العربية على ضوء ما نشر عن «رسول السلام» في مجلة اليمامة حينذاك لاسيما أنه عين بأمر ملكي؟
الحقيقة، كان رد فعله عنيفا ومدمرا لعلاقتي الحميمة به، فقد كنت تلميذه، وارتبطت به ارتباطا وثيقا، وكان له الفضل الأكبر في توجيهي وإفادتي العلمية. وعندما حملت تلك الرسالة المشؤومة، لم أكن سيئ القصد، بل كنت أعتقد أن ما أفعله سترا وغطاء لما لا يرغب في إفشائه. وأن يكون ذلك الأمر سرا بينه وبين تلميذه المخلص، ففي أول الأمر قابل ذلك الحدث بعدم المبالاة، ولأن رسالتي كانت شفوية، لم يهتم كثيرا، لكن بعد فترة قصيرة وورود رسالة شخصية له من الشيخ محمد بن إبراهيم (رحمه الله)، حملها إليه سكرتيره الخاص، تحمل خطابا للملك سعود (رحمه الله) يثني فيها الشيخ محمد بن إبراهيم على الشيخ حمد الجاسر وجهوده وأعماله في تأسيس المعهد العلمي، ثم الكليتين، وأنه سيختار للكليتين مديرا آخر ، ويطلب إلى الملك سعود الموافقة على ذلك، مع الاستمرار في دفع المرتب كاملا من المالية للشيخ حمد، عند ذلك حملني، عفا الله عنه، مسؤولية ما اعتبره إساءة إليه شخصيا، مع أنه حقيقة أمر عادي لولا أن حرضه على ذلك آخرون من الإخوة والزملاء. وتقديرا لمكانته في نفسي استطعت أن أزيل ما في نفسه، وأن أوالي الاتصال به.. لكن ذلك تم بعد زمن طويل.
• إلى أين وصل خلافكم مع الدكتور عبد العزيز الخويطر عندما كان وزيرا للمعارف بعد وقوفه ضد قرار الاشتراك في (مجلة الشبل)؟
لم يحصل بيني وبين الدكتور الخويطر خلاف عندما كان وزيرا للمعارف (التربية والتعليم حاليا) إذ يستحيل أن يعتقد من يعرف الدكتور الخويطر، أن يقع خلاف بينه وبين أي شخص مهما كانت منزلته، فعقله الرزين، وسيرته المرحة، وفهمه للناس والحياة تؤكد ذلك. ولو أن كل من وقف ضد قرار عدم الاشتراك في (مجلة الشبل) يقع بيني وبينه خلاف؛ لكانت قائمة الخلافات بيني وبين المسؤولين عن الاشتراكات في الدوائر الحكومية وعلى رأسها الدوائر التربوية، أطول قائمة للخلافات في تاريخ الإصدارات. ثم إن مثلي بحمد الله لا يتحمل الخلاف، فلم يكن صبري على إصدار المجلة لأكثر من ثلاثين عاما يجعلني أختلف مع أي إنسان حال بينها وبين الانتشار.
• ما رأيكم فيما قاله الكاتب صالح الشيحي في معلومة (الشماغ) بتصميمه الحالي وخطوطه المتقاطعة وخلاياه ولونه الأبيض والأحمر، التي لم تكن معروفة لدى أهل الخليج، وأنه جاء إلى منطقة الخليج عن طريق البعثات الإنجليزية مطلع القرن الماضي، إذ كان يرتديه الجيش الإنجليزي في الخليج آنذاك ليقيهم حرارة المنطقة وبرودتها وبالتالي راق الأمر لأجدادنا فاتخذوه لباسا رسميا؟
تداخلت معه حينها ردا على هذا الطرح مؤكدا أن (الغترة) أو (الشماغ) لباس وطني، بغض النظر عن نوع القماش المستخدم، إذ إن الغترة زي لا صلة له بنوع القماش، ومعناه غطاء الرأس. والغترة لفظة عربية، تقال للنسيج الذي يغطي الرأس وكلمة (غطرة) محرفة، أو هي كلمة هندية معربة. وقبل أن تعرف الغترة بشكلها الحالي كان العرب يلفون حول رؤوسهم قطعة قماش، وقديما كانت تسمى (ساعورة) ثم جاء الشماغ الذي هو في استخدامه غطاء للرأس وزي وطني.
• أين تقف من الآراء التي تطالب بأن يكون المتصدر للكتابة عن تاريخ الأنساب العربية قبليا؟
لا أعتقد ذلك فأكثر من كتب في الأنساب وناقش موضوع الأرومات هم ممن لا ينتسب إلى قحطان ولا إلى عدنان لأن المفهوم المتداول لمعنى الأنساب قد انحرف إلى ما لا يريده النسابون العرب وغير العرب فقد كان الدافع الأول لكتابة الأنساب وتدوينها هو إثبات جزء من تاريخ العرب بعد أن تكاثر العلماء والرواة من المسلمين من العرب وغيرهم فأخذ كتاب التاريخ يبحثون عن المبرزين من العرب في العلوم والآداب وينسبونهم إلى قبائلهم وأروماتهم وسلالاتهم، هذا هو الأصل في علم الأنساب ولم يكن التفاخر أو التعالي الواهم بالنسب كان مقصودا للنسابين الأوائل فلهذا فالكتابة في تاريخ الأنساب قدر مشترك وليس حكرا على أحد.
• كيف نضمن استمرار هذا الخط الذي تعمل عليه مستقبلا؟
هم غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون، والحقيقة أن أولادي لايستهويهم هذا العمل فالابن الكبير مهندس كهرباء والثاني كان مدرسا وأصبح مقاولا، والبنات كل واحدة تخصصت في شيء وكلهم أعرضوا عن مجلة الشبل التي يرون أنني أضيع وقتي فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.