لاشك أن البناء الأسري ومكوناته في المجتمع السعودي يشهد في واقعه المعاصر كثير من التحديات الثقافية، والتغيرات الاجتماعية، والتحولات الاقتصادية السريعة التي ألقت بظلالها -ميكانيكياً- على النظم والسنن الأخلاقية المتمخضة من قواعد الضبط الاجتماعي والقيمي والديني نتيجة عوامل التحديث والمستجدات التي طرأت على سطحه الاجتماعي. ومعروف -سوسيولوجيا- أن أي تغير في إيدولوجية المجتمع لابد أن ترمي بثقلها وشررها على الظواهر والنظم والمؤسسات الاجتماعية، بالتالي ظهور أنماط جديدة من السلوك الاجتماعي المضاد. في كثير من الاتجاهات الفكرية والسلوكية والتربوية المخالفة لعادات وتقاليد المجتمع المتوارثة ومعاييره الاجتماعية الأصيلة، فبعض علماء الاجتماع المعاصر يصفون هذا العصر(بعصر المشكلات الاجتماعية) التي اتسعت دائرتها المظلمة مع تزايد الحياة الحضرية تعقيداً نتيجة شدة رياح التقدم الصناعي والانفتاح الثقافي، فضلاً عن ثورة التطور التكنولوجي التي صاحبت معها العديد من المشكلات الاجتماعية، والهموم المجتمعية، والإسقام النفسية، كأمر حتمي فرضته معطيات وتحديات النظام العولمي المفاجئ، فالدراسات الاجتماعية.. تشير إلى أن شيوع المشكلات الاجتماعية في المجتمعات الانسانية يمثل خطراً داهماً يهدد الإنسان المعاصر وصحته النفسية والاجتماعية والأسرية والتربوية، ولعل أخطر ما يواجه الإنسان من مشكلات تهدد طاقته وصحته وحياته مشكلة الضغوط النفسية، والمثالب العاطفية التي تتمخض من رحم القضايا والمشكلات الاجتماعية والتي تعتبر إحدى الظواهر الإنسانية التي يعاني منها الإنسان في مواقف وأوقات مختلفة تتطلب منه توافقاً جديداً، أو إعادة توافقه مع البيئة، إن تكرار ظهور المشكلات الاجتماعية وقضاياها المعاصرة لا يعني وجود ظاهرة غير صحية، وذلك لأن سلامة المجتمع ليست في خلوة تماماً من الأمراض والعلل الاجتماعية، وإنما في مقاومته المرض تلو المرض والانتصار عليه، وليس ثمة غضاضة في ظهور مشكلات وظواهر اجتماعية كثيرة (اليوم) في عالم تتغير قيمه وتقاليده ومعاييره السائدة بسرعة، كالطلاق والعنوسة والعنف الأسري والبطالة والمخدرات مما يعني ضرورة التدخل المؤسسي والرسمي لمعالجة هذه القضايا والمثالب والأسقام الاجتماعية التي تهدد البناء الأسري والاجتماعي وإعادة التنظيم والبناء عند ظهور أية مواقف وقضايا جديدة تهدد البناء الاجتماعي وسلامته من التفكك والوهن الاجتماعي ومعالجة أثارها والقضاء عليها من اجل مجتمع معافى من الأمراض الاجتماعية، والمثالب النفسية بدلاً من أن تكون مستعصية على الحل وكأنها شراً لابد منه. إن دراسة المشكلات الاجتماعية والظواهر والقضايا والتغير الاجتماعي تمثل إحدى مجالات علم الاجتماع التطبيقي الذي ظهر كفرع جديد له نظرياته وأبحاثه ومقوماته العلمية والمهنية يدّرس في الجامعات الغربية وبالتالي بات من الاهمية بمكان أن يقرر كمنهج عملي مهني لطلاب وطالبات علم الاجتماع في الجامعات السعودية، فعلم الاجتماع التطبيقي بمعطياته العلمية ومخرجاته الثرية يزود الطلاب بالمهارات البحثية وتدريبهم على حل المشكلات من خلال التفكير الناقد وعن طريق النظريات الاجتماعية ونتائج بحوثها والقدرة على رسم السياسة الاجتماعية وإعداد الخطط والبرامج وتحديد مجالاتها التطبيقية وإعداد وتأهيل قيادات في العمل الاجتماعي وتنمية روح المبادرة للطلاب والطالبات في ميادين العمل الاجتماعي والمسار التطوعي بما يخدم تنمية المجتمع ونهضته الشاملة.