استدعت التطورات الأمنية هذا الأسبوع، لا سيما استهداف الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك وعرسال مع ما استتبعه من تشديد تدابير وحداته في المنطقة الحدودية الشرقية والشمالية من البقاع، إضافة إلى تفاعلات توقيف مخابرات الجيش سجى الدليمي مطلّقة أبو بكر البغدادي وزوجة أبو علي الشيشاني الذي هدّد بخطف نساء وأطفال وعسكريين جدد، المزيد من المشاورات حول هذه التطورات فترأس رئيس الحكومة تمام سلام عصر أمس اجتماعاً وزارياً أمنياً موسعاً لهذا الغرض. واختلطت هذه التطورات مع المفاوضات على إخلاء العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى كل من «داعش» و «النصرة». وبدأ الموفد الخاص للرئيس الروسي إلى المنطقة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف زيارته الرسمية للبنان حيث يجتمع مع كبار المسؤولين والقادة السياسيين في جولة عليهم تستمر اليوم. وثمّن دور الجيش والقوى الأمنية في مكافحة الإرهاب وشجّع على إنجاز الاستحقاق الرئاسي مؤكداً تأييد بلاده «إعلان بعبدا الذي يصلح تعميمه على بقية دول الشرق الأوسط».(للمزيد) وكان أبو علي الشيشاني أطلق تهديدات في شريط بث على «يوتيوب» مساء أول من امس علّق فيه على اعتقال «زوجتي علا مسقال العقيلي» (أم علي)، بقوله: «سنأتي بنساء وأطفال وكل من يتبع الجيش اللبناني»، معتبراً أنهم «هدف مشروع لنا». وحمّل مسؤولية «خروج زوجتي» لعضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي. وقال إنه لن يسمح للموفد القطري بأن يدخل إلى الجرود ثانية إذا لم يحلّ الموضوع اليوم قبل الغد. وتعليقاً على توجيه أبو علي الشيشاني ما يشبه الإنذار للشيخ الرافعي، قال مصدر في هيئة العلماء ل «الحياة» ان «الشيشاني حمّلنا مسؤولية معنوية وهذه وجهة نظر. فالشيخ الرافعي ليس بيده اي سلطة. انها مسؤولية معنوية عن الأطفال والنساء، هكذا قرأنا رسالته. وقبل الرسالة وبعدها الأمر نفسه، الهيئة تقوم بما يجب ان تقوم به من اتصالات. فنحن نرفض الظلم على اي امرأة، سنية كانت ام غير سنية، وهناك نموذج راهبات معلولا». وقال المصدر في الهيئة: «نعرف واجبنا. ولا احد يحمّلنا اكثر من طاقتنا. بذلنا تضحيات ومن دمنا لإيقاف المعركة في عرسال ولدى الطرفين (الرافعي كان أصيب بالرصاص أثناء انتقاله إلى عرسال للتوسط في آب / أغسطس الماضي). نتفهّم مشاعر الرجل فزوجته هي الموقوفة ولن نقرأه تهديداً». وعن نتائج تحرّك الهيئة باتجاه الدولة، قال: «لم نلمس اي ايجابية. كنا سحبنا يدنا من ملف العسكريين المخطوفين لأن الدولة لا تريد تقديم تنازلات وكذلك الخاطفين، ووجدنا ان الملف سائر باتجاه حائط مسدود وآثرنا الانسحاب. واليوم نرى ان توقيف النساء أمر اقحموه اقحاماً وهو لا يليق بالدولة. ما ذنب امرأة اذا كان زوجها مطلوباً»؟ وفي المقابل واصلت السلطات اللبنانية المعنية تكتمها على التحقيقات مع طليقة البغدادي وزوجة الشيشاني، وعلى الاتصالات في شأن المفاوضات لإطلاق العسكريين المخطوفين. وإذ أكدت مصادر مطلعة أن الوسيط القطري كان وصل إلى بيروت قبل يومين، لم تؤكّد معلومات عن أنه عاد إلى الدوحة. وحرصت المصادر على القول إن هذا الموفد «ليس مفاوضاً بل هو ينقل رسائل بين الخاطفين والدولة اللبنانية» التي يفاوض باسمها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. وأوقف الجيش اللبناني في إطار ملاحقته للمشتبه بانتمائهم إلى التنظيمات الإرهابية المدعو عمر عامر صالح (سوري الجنسية) في منطقة القاع في البقاع الشمالي لانتمائه إلى إحد التنظيمات الإرهابية وفق بيان للجيش. وتردد أن عامر ينتمي إلى «النصرة». وكان بوغدانوف التقى أمس رئيسَي البرلمان نبيه بري والحكومة تمام سلام والرئيس السابق ميشال سليمان ووزير الخارجية جبران باسيل ثم مساء رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي أكد أن روسيا تبذل جهوداً كبيرة من أجل تسوية الأزمات بالطرق السلمية. وأشار رعد إلى أنه «كانت فرصة للاستماع إلى ما يعترض جهود روسيا من عقبات وصعوبات». ولفت إلى أن هناك صعوبات كبرى تواجه مسار الحلول، موضحاً أن «لا نيات لدى الجانب الوازن في المعادلة في المنطقة لإيجاد حلول سياسية بل مراهنات على تبديل موازين القوى». وفي احتفال حضره مساء لمناسبة مرور 70 سنة على العلاقات الديبلوماسية بين روسياولبنان، أكد بوغدانوف أن بلاده تلتزم موقفاً داعماً لسيادة لبنان ووحدة أراضيه وشعبه، مشيراً إلى أن روسيا تعارض أي تدخل في وحدة لبنان الداخلية. وأوضح أن روسيا تنطلق من أن كل القضايا الوطنية يجب أن يتم حلها في إطارها القانوني في سياق حوار بين مختلف القوى السياسية.