أثار قرار وزارة العمل القاضي بتأنيث محال المستلزمات النسائية جملة من الاعتراضات والمشكلات لدى تجار الأقمشة والملابس الجاهزة، إذ إن 70 في المئة منهم لم يلتزموا بتطبيق القرار، على رغم وعود وزارة العمل بتطبيق العقوبات على مخالفي القرار. ووصف تجار «العمل» بالتخبط في قراراتها. وأوضح عدد من تجار المحال النسائية ل«الحياة» مشكلاتهم التي حالت دون تطبيقه، وأبرزها جولات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرقابية على أصحاب المحال التي تمنع وجود الرجال في المحال، إضافة إلى تقييد ضوابط المرأة العاملة في تلك المحال، مؤكدين أن تطبيق القرار يتطلب العديد من الإجراءات كالتدريب والتأهيل، والسماح بوجود مشرفين في بداية الأمر لتيسير العمل. وقال نائب رئيس لجنة تجار الأقمشة والملابس الجاهزة في غرفة تجارة جدة أحمد باصرة ل«الحياة»: إن تطبيق قرار وزارة العمل بتأنيث المحال النسائية يواجه صعوبة كبيرة في الأسواق الشعبية، إذ إن 70 في المئة منها لم تطبق القرار حتى الآن، مرجعاً ذلك إلى عدم وجود حماية كافية للمرأة في تلك الأسواق، وصعوبة المواصلات التي تكفل للمرأة الذهاب من وإلى المحال التجارية. وبيّن باصرة أن عدداً قليلاً من المحال أغلقت بسبب خسارتها في توظيف المرأة، كذلك مواجهة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في رفضهم عمل المرأة داخل الأسواق، إضافة إلى منع الهيئة تواجد المشرف «رجل» على المحل واختلاطه بالموظفات في المحال، مؤكداً أن عمل المرأة في المحال النسائية وتطبيق التأنيث يتطلب المزيد من الوقت، وتقبل المجتمع لفكرتها. من جهتها، قالت عضو لجنة تجار الأقمشة والملابس الجاهزة في غرفة تجارة جدة عائشة سراج خلال حديثها إلى «الحياة»: إن قرار وزارة العمل بتأنيث المحال النسائية والحملات التفتيشية التي انطلقت أخيراً خاطئة وتسببت في مشكلات عديدة لدى التجار في توظيف العديد من السيدات غير المؤهلات لسوق العمل، وذلك للهروب من العقوبة التي أقرتها وزارة العمل. وطالبت سراج بتمديد المهلة، والتنسيق بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي في تدريب المرأة السعودية على خوض العمل، مشيرة إلى وجود معارضة «شديدة» - بحسب وصفها - من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على تدريب الموظفات على أيدي رجال في المحال، أو وجود مشرف على المحل. وأضافت: «لسنا ضد القرار، ولكننا نعاني من مشكلات عدة، إذ رصدنا حالات سرقة من العديد من الموظفات غير المؤهلات للعمل، كما نعاني من التعامل معهن ومن كثرة الأعذار التي يقدمنها، بسبب الظروف الاجتماعية التي تحول بيننا وبينهن في مواصلة العمل أبرزها الزواج، ومعارضة الأهل لعمل المرأة في المحال وخارج المنزل، وأقصى مدة لالتزام الفتيات في العمل وصلت شهرين فقط». وأكدت عائشة سراج أن التنسيق بين وزارة العمل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يجد حلاً لأبرز المشكلات التي تواجه أصحاب المحال، مشيرة إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضبطت العديد من الفتيات في المحال بتهمة الاختلاط، وتم نقلهن إلى مركز الهيئة وذلك لوجود مشرف المحل معهن. وأوضحت أن عدداً من تجار المحال النسائية خسروا قرابة ال100ألف ريال فقط على تدريب الفتيات، وصرف الأجور، إضافة إلى قلة الأرباح وكثرة الخسائر التي لحقت بهم، مضيفة: «الاختلاط موجود في العديد من المهن، كالمستشفيات، وغيرها، ولابد من وجود الرجل مع المرأة في الأسواق لتسيير العمل تدريجياً». واقترحت سراج على وزارة العمل إنشاء مراكز تدريب للفتيات وطرق التعامل مع الزبون، وتمديد المهلة في تطبيق القرار، إضافة إلى السماح بوجود مشرف على المحال للدعم الفني، ومساعدتهن في المرحلة الأولى كخبرة ضرورية، مطالبة بضرورة التعاون والتنسيق مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعارض عمل المرأة مع الرجل حتى الآن. بدوره، اعتبر تاجر الأقمشة يوسف جراد أن تأنيث المحال النسائية أمر ضروري لا بد من تطبيقه، والعمل على تطبيق الأنظمة والقوانين في حق المخالفين، معللاً ذلك بوجود خصائص للمرأة لا يحق للرجل أن يتعامل معها في البيع والشراء، بالرغم من وجود معوقات في بداية الأمر ثم تراجع في نسبة التوظيف لاحقاً. وقال ل«الحياة» إن قرارات وزارة العمل ليست جميعها صائبة، إذ إن البعض منها في «تخبط» وليست مدروسة، فأحدثت أزمة في السوق السعودية، ما أدى إلى تضرر العديد من التجار جراء هذه القرارات، مبيناً أن القوة الشرائية انخفضت في سوق الجملة نحو60 في المئة، بسبب غياب العمالة والجنسيات الأخرى التي يستهدفها السوق. وأضاف: «قرار السعودة في المحال التجارية جعل العديد من المحال تغلق بسبب عزوف الشباب السعودي عن العمل، وعدم قدرتهم على العمل على فترتين مسائية وصباحية، كما أن ثقافة العمل الحكومي والراحة في العمل ما زالت موجودة لديهم، ولا بد من تخطي هذه الثقافة والعمل على تدريب الشباب السعودي على مزاولة مهن عدة». وأفاد جراد بأن عدداً من المحال تتحايل على قرارات الوزارة في تطبيق السعودة، مؤكداً فشل قرار السعودة في المنشآت التجارية، الذي يتطلب المزيد من التثقيف والتدريب، والمزيد من الوقت. يذكر أن وزارة العمل توعدت بإيقاع العقوبات على المحال المخالفة لقرار توظيف السعوديات والاشتراطات التي وضعتها للمحال النسائية خلال حملتها التفتيشية التي أطلقتها الأسبوع الماضي، موضحة أنه في حال ثبوت المخالفة على المحل فإن المنشأة والكيانات المرتبطة بها سيتعرض لعقوبات النطاق الأحمر ببرنامج نطاقات مع وقف خدمات الوزارة عنه، إضافة إلى عقوبات أخرى نصّ عليها النظام.