تباينت الآراء حول زواج المسيار بعد أن أقره مجمع الفقه الإسلامي في مكةالمكرمة، فهناك من يؤيد وهناك من يعارض هذا الزواج، وما أعلمه أن الأصل في هذا النوع من الزواج هو"القبول"، إحدى الكاتبات في صحيفة محلية قالت إنها تفاجأت من التوصيات الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي، التي رأت شرعية هذا الزواج، ووصفت الكاتبة زواج المسيار بأنه خراب الديار! لا أعلم ماذا كانت تنتظر أختنا أو غيرها من الكتّاب من مجمع الفقه الإسلامي حول هذا الأمر. ما جاء في توصيات مجمع الفقه إنما هو تأكيد لشرعية هذا الزواج وحسم للجدل فيه، والمفاجأة ليست في توصيات مجمع الفقه بل في ظهور بعض الكتاب والمثقفين بآراء تندرج تحت قائمة المزاجية في أمورنا الدنيوية، خصوصاً الشرعية منها، أعتقد أن ما صدر من مجمع الفقه الإسلامي حول هذه القضية يأتي من باب"يسروا ولا تعسروا"فمعظم المطلقات والأرامل يعشن أوضاعاً عسيرة، كان لا بد من إيجاد حل لها، ويأتي زواج المسيار ليحل شيئاً من هذه الأوضاع الصعبة، كما أن هناك العديد من النساء اللاتي يرغبن في البقاء في منازلهن أو منازل أهلهن لقيامهن بدور أساسي في رعاية من يحتاج للرعاية، فهل نجبرهن على الخروج من منزلهن والإقامة في بيوت أزواجهن؟ أيضاً هناك كثير من الرجال بحاجة لهذا النوع من الزواج لظروفهم المعيشية أو الاجتماعية أو المادية. ثم أن زواج المسيار بالنسبة لنا كمسلمين يقوم على ثوابت شرعية لا خلاف عليها، وإذا كان هناك اختلاف بينه وبين الزواج الشرعي المتعارف عليه فهو"اختلاف متفق عليه"، ولا أعتقد أن في ذلك حرجاً طالما أن الطرفين متفقان على شروط معينة، فهل في الاتفاق على الشروط بين الزوجين"خراب ديار"! إن خراب الديار يأتي في الخروج على العلماء المشهود لهم بسعة الاطلاع في الأمور الدنيوية، وهؤلاء العلماء في وقتنا الحاضر يواجهون بعض الانتقادات التي تنطلق من قاعدة المزاجية والنظرة التي تراعي مصالح أفراد لا مصالح أمة بأكملها. ولا يعني خروج عدد من الكتاب والمثقفين المعترضين على ما يصدر عن شيخ جليل أو من هيئة علماء صحة ذلك الاعتراض، وإنما يعني أن هناك من يسير في"الاتجاه المعاكس"بأفكار هدفها خدمة الأقلية على حساب أغلبية، تعمل طبقاً للقواعد الشرعية. أيضاً ذكرت إحدى الكاتبات في مقالها قائلة:"إننا لسنا بحاجة إلى فتوى تجيز زواج المسيار، لأنه مجاز بحكم الحاجة والممارسة والعادات"، وعلى رغم أن الكاتبة أقرت شرعية زواج المسيار إلا أنها قالت إنه لا يحقق الأهداف المرجوة من الزواج، لأنه"قد"يهضم حق المرأة والأطفال. لاحظوا كلمة"قد"أي قد يهضم وقد لا يهضم! وهنا يتضح أن الحكم في هذا الأمر مبني على المجهول، كما يُفهم من كلام الكاتبة أنها صورت العادات والممارسات والتقاليد وكأنها من الثوابت، بينما الثابت هو القاعدة الشرعية، ثم أن علماء مجمع الفقه الإسلامي هم علماء فقه لا علماء عادات وتقاليد وممارسات، وعندما يفتون في أمر فهم ينظرون فيه لمصلحة الأمة لا مصلحة فرد! المشكلة أن هناك من يطالب العلماء بإصدار فتوى شرعية في بعض القضايا الاجتماعية، وإذا خرج العلماء بفتوى، اعترض عليها هؤلاء وكأنهم يبحثون عن فتوى تتماشى مع رغباتهم! لست هنا مدافعاً عن مجمع الفقه الإسلامي، ولست مهاجماً لمن يعترضوا على توصيات المجمع، كل ما في الأمر انني أتمنى من إخواننا الكتّاب والمثقفين الذين يقدمون على طرح أمور شرعية أن يسمعوا من أهل الاختصاص قبل أن يعترضوا على فتاواهم التي لا تأتي من نظرة سطحية وإنما تأتي بعد دراسة متعمقة لكل حيثيات الأمور من نواح عدة. * كاتب سعودي [email protected]