بقلم | فاطمة الجباري صويحبات أمي صديقات وفيات .. من مثلهن في الوفاء؛ جمعتهنّ الأيام وحسن الجوار، لسنَ قريبات ولا بينهنّ أواصر قربى.. إنما أخوات في الدين والهُويّة يتقاسمن اللقمة ويتهادين ويتعاونّ في المناسبات.. تتحدث عنهن أمي بحب وسعادة غامرة.. تقول جئت من قريتي عروس صغيرة في سني تركت أهلي وقرابتي .. عشت في مدينة مختلفة بكل تفاصيلها وحياتها .. بين رهبة الحياة الجديدة ولوعة الفراق .. الاشتياق لأمي ولقريتي لايغادر خيالي .. توالت الأيام وجمعتنا تلك البيوت المتواضعة في افراحنا وأتراحنا.. أيام لاتنسى قلوبهن الطيبة أخوّتهن الصادقة .. في مرضي كن لي أخوات يقمن بخدمتي ؛ يصنعن طعامي ويقمن بشؤون أبنائي.. حباً ووداً ووفاءً وعطفاً ورحمةً وشفقةً .. كنا كالروح في الجسد إذا غابت إحدانا اشتقنا لها وفقدنا مجلسها.. تلك الصحبة والصداقة استمرت على مدار 50 عامًا ومازالت .. منهن من رحلت وغادرت الدنيا إلى بارئها .. ومنهن المريضة العاجزة فقد أخذ العمر من صحتها الكثير .. ومازالت تلك العلاقة تزداد قوة وصلابة تترجمها المواقف والأيام.. وأتساءل ما الذي جعل تلك الصداقة الحميمة والعلاقة القوية تستمر طوال تلك السنوات ؟ خمسون عامًا قلوبهن مجتمعة لم تفرقهنّ المواقف ولا الأماكن .. خمسون عامًا يشاركن بعضهن في الأفراح والأتراح .. خمسون عامًا ولازال ذلك الحب والوفاء ينتقل إلى الأبناء والبنات.. خالتي (فلانة) صديقة أمي لها مكانة أمي من الاحترام والتقدير.. صويحبات أمي يحرصن على زيارتها وتفقد أحوالها والسؤال عنها.. أمي المريضة العاجزة تفرح برؤيتهن وتسترجع الذكريات الجميلة معهن.. وتذكرنا دائماً بهن وبمواقفهن الرائعة وبأهمية وصلهن.. رغم تقصيرنا في ذلك وانشغالنا الدائم بحياتنا العملية والعائلية.. إلا أننا نكنّ لهن كل احترام وتقدير.. هل مازالت تلك الصداقات الحميمة والعلاقات القوية؟ في وقتنا الحاضر الذي أهتم بالظاهر وتناسى المضمون!! اريدك صديقتي إلى عتبات الجنة .. اريدك صديقتي في لحظات ضعفي سندًا وقوة .. أريدك كالعلاقة بين العين واليد.. إذا تألمت اليد دمعت العين.. وإذا دمعت العين مسحتها اليد! قبل الوداع هذه فدوى طوقان تبعث للصداقة مشاعر صادقة في هذه المعزوفة الشعرية.. دع لي يا صديقي ودّك الكبير.. أعبّ من حنوّه في دربي الطّويل .. وأحتمي بظلّه الأمين كلّما تعبت.. كلما هربت من جفاف دربي الطّويل.. دع لي صديقي ودّك .