بعد أن تجاوزنا مقولة العالم كالقرية الصغيرة الى مقولة العالم في قبضة واحدة في ظل تسارع مجنون محمود هو جنون المعرفة المتدفقة بمخرجاتها المتناهية الدقة كتدفق تسونامي الى مختلف اركان الارض المتباعدة في اطرافها المتقاربة في تواصلها واتصالها مما حدا بالفرد بيننا ان يرى ويسمع من يشاء ومتى يشاء من خلال ذلك الجهاز الصغير المملوك بقبضته . ولكن وبالرغم من كل ذلك الواقع المكشوف يصر البعض على ابتلاع مئات السنين من الحضارة والثقافة كما يبتلع المئات من الملايين او المليارات فنراه ينسى او يتناسى ذلك الواقع المحيط به وكأنه يعيش حلماً عمره عشرات القرون يعشق احداثه انها حقيقة لا يمكن انكارها في ظل ذلك العالم المكشوف لكن بعض القادة العرب هداهم الله وعندما اقول القادة لا اقصد بذلك رأس الهرم فقط بل كل من أوكل إليه أمر من أمور الأمة في كل دولة من الدول العربية .. ذلك البعض يصر ويتمادى في اصراره على انه الاوحد والاجدر والاحكم في كل شيء وان ما يقوله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وان ما يقوله غيره باطل لا ياتيه الحق من بين يديه ولا من خلفه ثم نراه يكذب ويجبر غيره على التصديق بما جاء به حتى يصبح هو ضمن كوكبة المصدقين بما يقول وهنا تحديداً تختلف الموازين فترتكب الجرائم وتنتهك الحقوق وتؤكل الحقوق ويرتفع الوضيع وينخفض الرفيع انها فعلاً معادلة اصبحت معاشة وفق رموزها المعقدة والتي رأينا نماذجها تتهاوى مؤخراً في عدة دول عربية . ان هذه الحالة المعقدة في كل شيء اصبحت واقعاً يعيشه الوطن العربي حتى اصبح الحال مخجلاً والواقع مزرياً والتاريخ محزناً امام ذلك العالم المتدفق بحضارته وثقافته وهو ينظر الينا كعرب وكأننا نعيش خارج نطاق الزمان والكان اجبر الكثير منا على ان يكون ضمن منظومته غير المنتظمة . وماذا بعد ان يرى العالم من حولنا ان بعض من اوكل اليه الامر يعلق كل السوءات على كتف المؤامرة التي لا نعرف لها اصلاً ولا فصلاً ولا منبعاً ولا مصباً ولا مدخلاً ولا مخرجاً ولا بدءاً ولا انتهاء حتى اصبحت ادنى سوءات العرب تعود الى تلك المؤامرة الخبيثة التي طالت كل شيء . وماذا بعد ان يمارس البعض كل الوان الكذب والتزوير والتمويه التزلف بمختلف صوره واتجاهاته حتى اصبح ذلك اسلوب حياة يقفز به البعض على الحق فيدمغه ثم يجبر كل من حوله على ممارسة ذلك الاسلوب الممقوت فتتسع تلك الدائرة السوداء حتى تظلم كل الانحاء فيتوه كل ذي لب . ان هذه المرحلة الزمنية التي مر بها العالم العربي قد ابانت الكثير من دلالات ذلك الزلل المتقادم وفتحت الكثير من الابواب الموصدة التي كشفت الكثير مما كان يختبئ خلفها من الوجوه المشوهة والصور الداكنة والممارسات المخزية المحزنة المخجلة جعلت الكثير ينتفض وكأن روحاً جديدة قد دبت في اطرافه لتقول لذلك العالم المحيط لا تنظروا الى العرب اليوم كما كنتم تنظرون بالامس القريب نظرة ازدراء واستخفاف واستهجان بل انظروا لهم نظرة شركاء فكر وحضارة كما كانوا بالامس البعيد وسنثبت لكم أن العرب قادرون على البناء كما قدرتم وقادرون على الانجاز كما انجزتم وقادرون على العطاء كما اعطيتم بل سيكونون اكثر نمواً في كل شيء حتى يستطيعوا ان يلحقوا بركبكم الذي فاتهم كثيراً ثم يتجاوزنه باذن الله وها هم العرب قادمون بعد ان ازيلت عنهم الغمم وفتحت لهم الابواب وحلت عنهم القيود التي كبلت اجسادهم وعقولهم . وليعلم الأعداء الذين زرعهم العرب بايديهم ليكونوا اعداء ونصبوهم بانفسهم ليكونوا اعداء انهم اعداء وهميون لا وجود لهم بل العرب اعداء انفسهم بعد توهم البعض من قادتهم عن سابق قصد وترصد انهم لا يخطئون ولا يظلمون ولا يفسدون ولا يقولون غير الحق حتى وضعهم البعض في مراتب الالهة . وليعلموا ايضاً ان العرب لن يبقوا شعوباً تستهلك فقط وشعوباً تجيد الكذب والتزلف والمداهنة بل سيكونون امة تبني الحضارة وتوقد الفكر وتنشر العدل والمساواة وتحطم الاصنام وتقود الامم الاخرى كما امر بذلك كتابنا الكريم وسنة نبينا الشريفة . التي ابانت لنا كل السبل الفاضلة لكننا تهنا عنها او تجاهلنا التمسك بها ، والله تعالى من وراء القصد .