فجأة اكتشفت الجمارك في ميناء جدة أن عليها معاينة البضائع الواردة إلى الميناء بأكملها.. قطعة قطعة مما يعني تفريغ الحاويات لتفتيشها ثم إعادة المحتويات مرة أخرى تمهيدًا لتسليمها لأصحابها التجار والموردين. أما السبب حسب تصريح وزير النقل فهو أن السوق يعج بكثير من السلع المقلدة والبضائع المغشوشة. ويعزو الوزير أيضًا أسباب تكدس الحاويات إلى التجار الذين يفضلون بقاءها في الميناء مستفيدين من فترة الإعفاء المسموح بها نظامًا. ولست أدري ما هو رد الغرفة التجارية الصناعية على هذه التهمة، فالكرة في ملعب الغرفة، وعليها أن تتحرك في الاتجاه السليم للمساهمة في حل الإشكالية إيجابًا دون الاكتفاء برد التهم أو إعادة رمي الكرة. الذي لم يذكره صاحب المعالي هو ما عاقبة ضبط سلع مغشوشة وأخرى مقلدة؟ هل يُكتفى مثلاً بمصادرتها أو إعادتها من حيث أتت، أو ربما رميها في البحر؟ هل سينال المستورد شيئًا من عقوبة الجرمين معًا، الجرم الأول مخالفة (من غشنا فليس منا)! أما الجرم الثاني، فهو التكدس الذي أدّى إلى تعطيل مصالح كثير من الناس الراغبين فعلاً في استخراج بضائعهم بأسرع ما يمكن. هذه مشكلتنا مع أنظمة عتيقة قديمة لاتواكب المستجدات من الحيل والألاعيب والغش والتدليس، فهي عادة لا تردع تاجرًا مبتدئًا، ناهيك عن تاجر يمسك بخيوط كثيرة وله مصالح متعددة كما للآخرين لديه مصالح متعددة. والقول نفسه ينطبق على ميزة الإعفاء التي يبدو أنها طويلة حتى إن في الميناء 800 حاوية تنتظر من يستلمها ولامجيب (طبقًا لما قاله الوزير). لماذا لا تواكب الأنظمة مستجدات الواقع بسرعة تلبي المصلحة العامة وتضعها فوق كل اعتبار، فالوطن أولى بالرعاية من فئة محددة مهما كانت، وسمعة موانئ المملكة أهم من كل ميزة تُعطى للتاجر أيًا كان؟! بقيت الإشارة إلى فريق العمل الذي شُكل قبل 6 أشهر، وتعطلت اجتماعاته بسبب غياب ممثل ميناء جدة الإسلامي، وهي دلالة أخرى على أن الداء والدواء يلتقيان دومًا في دائرة العمل البيروقراطي الحكومي الذي قلما يرفع شعارًا غير (عساها ما حرثت).