انطلقت الدورة الثامنة والثلاثون لمهرجان أصيلة تحت عنوان (مقابلة الجديد بالمغاير) بمشاركة نخبة من المثقفين والمفكرين العرب. ولا يزال رموز الفكر العربي يتذكرون تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدورة الثلاثين بحضور جميع أنجاله. وأوضح أمين عام منتدى أصيلة الوزير السابق محمد بن عيسى ل «عكاظ» أن «الدورة الثامنة والثلاثين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، التي افتتحت مطلع الأسبوع، تنفرد عن سابقاتها بتنويعات واجتهادات يفرضها السياق العام لمواكبة المستجدات الحاصلة في عالم تتقاذفه رياح تغيير عاصفة لا تتيح دائما مجالا للرؤية الواضحة». مشيرا إلى أن أصيلة بدأت فكرة بعد عودته من العمل الطويل في الأممالمتحدة وترشحه عضوا للمجلس البلدي في مطلع السبعينات من القرن الميلادي الماضي. وفي عام 1977 ترشح للمجلس الوطني. ومن خلال حوار مع صديقه التشكيلي محمد المليحي تمت دعوة 11 فنانا تشكيليا مغربيا لرسم جداريات في أصيلة وتم تأمين عدد من الطلاب مع كل فنان لاكتساب المهارات والمحاكاة. لافتا إلى أن أصيلة بدأت بالتشكيل إذ استيقظ الناس في يوم ما على مدينة صبغت جدرانها بالألوان الزاهية. وفي وقت لاحق تمت دعوة الطلبة لتنظيف الشواطئ. وفي عام 1978 تحولت الفعاليات إلى موسم ثقافي. وتمت دعوة كبار الشعراء والروائيين العرب. منهم محمود درويش وأدونيس والطيب صالح. وفي عام 1981 حضرها الرئيس السنغالي سنغور بوصفه شاعرا. ويقر بن عيسى بأن أصيلة بلغت ذروتها لأنها كانت وحيدة. في حين يعج العالم العربي اليوم بالمهرجانات. وأضاف أنه عندما بدأت أصيلة لم تكن هذه المساحة من حرية التعبير متوفرة. ويؤكد أن أصيلة مازالت تترقى كل دورة ولم يربطها بشخصه. إلا أن لكل عمل قيادة. وبن عيسى يتشرف أنه يعمل من أجل مدينته وأهله. ويؤكد أنه يحضّر الدورات ومنها الدورة الحالية (38) ويحدد الموضوعات، ويوجه الدعوات. مبديا سعادته أن فكرة مهرجان الجنادرية مستوحاة من مهرجان أصيلة. وعن تأمين ميزانية لكل مهرجان كشف بن عيسى أنه كان في كل عام يرهن بيته للبنك لكي يؤمن 15 ألف دولار. وفي أحد الأعوام أعلن البنك عن بيع البيت لعدم الالتزام بالسداد فأنقذه الملك الحسن الثاني. وعن أصيلة ومأسستها قال «هي مؤسسة غير حكومية. بدأت بجهود ذاتية ثم توالى الدعم محليا ومن دول الخليج. لتتحول إلى مورد جديد مصدره الثقافة». ويرى أن القائمين على أصيلة المغرب أمضوا سنين طويلة لينالوا الاعتراف بهذا المهرجان من قبل الشعراء والأدباء، وتم ما أرادوا، إذ بنوا جسورا للتواصل بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها للحصول على تأييد ملك المغرب الراحل وملك المغرب الحالي، معولا على الثقافة في تعزيز أواصر العلاقات إن فشلت السياسة وتراجع الاقتصاد. ويذهب بن عيسى إلى أنه على كثرة القضايا الفكرية الساخنة التي تم التطرق إليها والإشكالات الهامة التي أثيرت بزخم من الأفكار، ضمن فعاليات المواسم السابقة، فإن النقاش الساخن وتبادل الرأي بخصوصها ظل متقيدا بأرقى مستويات الحوار الهادئ، مشيرا إلى أن التفاعل والتكامل كان سمته الأساس، دون إقصاء أو تصنيف لموقف في خانات غير لائقة. مؤكداً أن المقاربات والتوجهات تباينت، واختلفت الرؤى، غير أن الاستنتاجات والخواتم اتسمت بالنظرة التركيبية المتكاملة، واستيحاء المرجعيات التأسيسية لموسم أصيلة الثقافي الدولي، كفضاء لانصهار الأفكار وتعايش الحضارات وإخصاب متبادل بين الثقافات.