عندما سيطرت «داعش» على أجزاء كبرى من شمال وغرب العراق وبمعاونة من بقايا الجيش العراقي المنحل وجدت لها حاضنة شعبية وسط عموم المخدوعين والمحرومين من العرب السنة ولكنهم اكتشفوا بعد أيام قليلة أنهم كانوا كالمستجير من رمضاء الميليشيات الشيعية الإرهابية بنار جماعة إرهابية أخرى سمت نفسها «داعش» وظهرت في ظروف غامضة بتنظيم سري استخباراتي ما زالت الشكوك تدور حول طريقة بنائه وتمويله واستمراريته!! وحدها إيران بميليشياتها الطائفية التي استفادت من وجود «داعش» لدرجة أنها لو لم تظهر لاخترعت وجودها، ومن خلال إضفاء البهارات الإيرانية الطائفية تلاعبت بمصير العراق كدولة وكشعب واستبدلت الجيش الذي بني على أسس طائفية أصلاً بميليشيات همجية لا يحكمها سوى الولاء للولي الفقيه في طهران. أكد ذلك اتجاه بوصلة الخليفة المزعوم أبوبكر البغدادي وأتباعه جنوب الحدود العراقية مهددين السعودية شعباً وقيادة بالويل والفناء تعالت صرخاتهم وحاولوا الوصول للحدود السعودية بعد انسحاب مريب لجيش المالكي وقتها!! ولكنهم رأوا أن ذلك قد يشكل لهم انتحاراً جماعياً فتوقفوا إلى حين!! والآن على أبواب مدينة الفلوجة المنكوبة منذ عام 2003 والمحاصرة من الداخل بلحية البغدادي، ومن الخارج بلحية الجنرال سليماني الذي فشل في سورية ويريد أن يعيد شعر لحيته في الفلوجة!! الهتافات الطائفية تصرخ من أتباع البغدادي وسليماني ولكنها تتفق على شتم السعودية والوعيد والتهديد لها!! قد يختلف البغدادي وسليماني ظاهرياً ولكنهم يتفقون على أن السعودية عدوهم الأول والأخير ولو سال الدم بينهم للركب!! لحية البغدادي ترى في السعودية العقبة السنية الأكبر وربما الوحيدة التي تقف أمام مشروعها الخارجي الهمجي وهي ذات لحية سليماني نافخ كير الطائفية في العراق والشام، هو يرى أن هيمنة إيران على المنطقة لا يلجمها إلا الدور السعودي المتنامي بعد عاصفة الحزم ورعد الشمال!! حتى في أدبياتهما وأدبيات أتباعهما أصبحت كلمة السعودية وآل سعود لوثة عقلية تلهج بها وسائل الإعلام والتصاريح الموالية لهما!! وأخطر ما يمكن أن تنجح فيه اللحيتان القذرتان هو أن تضع العرب جميعهم سنة وشيعة في مفترق طرق لتأييد إحدى اللحيتين!! بين نموذج سليماني الذي يهدم الدولة من الداخل ويحول مقدراتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية إلى مجرد خيوط معقودة في طهران، وبين نموذج البغدادي المتخلف الذي يستحل الدماء وينشر الفوضى والقتل المريع والسبي والسرقة والدمار بحجة الدفاع عن السنة وأهلها حتى يظهر أنه هو النموذج السني الذي ينبغي أن يسود. نعم من حق العراق كأي دولة في العالم أن تستأصل شأفة أي جماعة إرهابية مهما كانت، ولكن من المعيب على هذه الدولة أن تتحرك بمنطق طائفي داخل بلدها وشعبها وتستبدل جيشها النظامي بميليشيات موتورة همها الأول والأخير الذبح على الهوية والطائفة وإذكاء شر الطائفية مع وضع اللمسات الإيرانية الخبيثة بعبارات وصور قميئة وضعت على الصواريخ والدبابات بما يصور معركة الفلوجة وكأنها معركة مع السعودية البلد الذي عانى من «داعش» وفُجرت مساجد وقُتل شبابه غدراً في سبيل مقاومتها!! وأعتقد أن سفيرنا في العراق، وهو أهل للقيام بالمهمات الصعبة، عليه أن يحتج احتجاجا شديد اللهجة ويصعد ضد هذه العبارات والصور المستفزة، فليس من مصلحة الدولة العراقية استفزاز بلد شقيق كالسعودية، وحتى لو تطلب الأمر تصعيداً عربياً ودولياً تجاه الزج بالسعودية قيادة وشعباً في صراع لا نملك معه إلا أن نقول اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرج أهلنا في العراق منه سالمين!!