أثار تصريح الناقد محمد العباس الذي أدلى به ل «عكاظ» في عدد أمس (الثلاثاء) متضمنا هجومه على بعض المثقفين ووصفهم بالتخشب والجثث ردود فعل متباينة من كتاب ومثقفين وشعراء وروائيين ونقاد. ففي حين انحاز الأغلبية لما قاله. تحفظ البعض على كلام العباس. فيما آثر فريق ثالث الصمت. واكتفى الناقد حسين بافقيه بقوله «جزاه الله خيرا وجعلني الله كما يقول». الروائي عمرو العامري قال «برغم حدة الناقد محمد العباس في طرحه إلا أنه لامس الواقع بشكل كبير برغم تحفظي على قصره على وصف المثقف الحقيقي على حسين بافقيه كون هناك كثير من الأسماء لكنها بعيدة عن المزاحمة على منصات المشهد الثقافي وعن تسويق نفسها». وأضاف العامري: أتفق مع العباس تماما في أن الجامعات، وتحديدا الأكاديميين القادمين من الجامعات، هم أحد أهم أسباب تكلس وتصنيم المشهد الثقافي من حيث تكرار الأسماء واجترار الطروحات وإعادة الممل من الكلام واستجداء الدعوات والجوائز وتذاكر السفر وفنادق الخمس نجوم. لافتا إلى أن المثقف الحقيقي في نهاية الأمر هو رب أسرة وإنسان لديه همومه المعيشية ما أدى إلى خلو الجو لهؤلاء الأكاديميين ولمنسوبي وزارة الثقافة والإعلام ليكونوا في الواجهة. مشيرا إلى أنه في السابق كانت قضايا النشر تحال إلى لجنة المطبوعات في وزارة الثقافة والإعلام ويفترض أن يستمر الوضع على ما هو عليه بعيدا عن الشرط والمحاكم كون المثقف شخصية وطنية اعتبارية. ويؤكد العامري أن الإشكال يتمثل في من يضطر المثقفين الحقيقيين إلى أن يكونوا بعيدين جدا عن الواجهات أو صامتين أو مهمشين. ولفت إلى أن تصريح العباس شجاع في المجمل وإن كان صرخة في واد. الروائي الناقد عواض العصيمي أوضح أن نقد الشأن الثقافي دون الإسهام فيه بما يوازي تغييره والتأثير في معطياته تأثيراً نوعياً لن يتجاوز حدود الملاحظات العامة التي قيلت كثيراً في الإعلام الثقافي سواء من الناقد محمد العباس أم غير العباس، وأضاف: أن الجميع ينتقد ويستنكر ولكن دون تحويل الانتقاد إلى رؤية ثقافية تسهم في تغيير المطروح. ويذهب إلى أن من مآخذ العباس على الرموز الثقافية دون أن يدافع عنهم، أنهم بلا قضية وهذا يشمل الجميع بمن فيهم العباس. كون النشاط الثقافي الذي ينتجه المثقف في مجاله يظل عملاً فردياً شبه منقطع عن بقية الأعمال الفردية الأخرى باستثناء كونها تشترك في النشاط العام، وأضاف: أما من الناحية التكاملية فهذا غير موجود، ولعل هذا يقودنا إلى أن الجميع بلا قضية سواء على المستوى الفردي أم الجماعي. ويرى أن أساس هذا الخلل ربما يكون من الخلل الأصلي النابع من ضعف الاهتمام الرسمي المؤسساتي بالإستراتيجيات الثقافية التي يفترض أن تعتمدها خطط الدولة في الاستثمار في الثقافة. فيما يميل الشاعر الكاتب علي بن الحسن الحفظي إلى كثير مما ذهب إليه الناقد محمد العباس كون أغلب المثقفين يبحث عن ذاته عبر المحسوبيات التي أتيحت له ولم تتح لغيره من خلال دعوته للملتقيات الثقافية وحضور اسمه في السباق من أجل جائزة. وأبدى الحفظي تحفظه على ما قاله عن الحداثة كفكر ورؤية كون الحداثة بمفهومها الغربي وتقليد بعض مثقفي الوطن لها لا يهمه كثيرا ولا يحتفي بالحداثيين بذلك المفهوم. وأضاف «الثقافة في نظري يجب أن تتطور عبر أسسها وثوابتها بمعنى أن تتخلى عن الإسفاف ورمزية الهدف الذي لا يصل إليه القارئ إلا بعد معاناة وتعب. إلا أن التطوير مطلوب في الوضوح والخيال والعاطفة والرؤية بما يسمح للمتلقي من فهمه وإدراكه». ورفضت الناقدة الأكاديمية الدكتورة كوثر القاضي تصريح العباس ووصفته بالنقد الهدام الذي لا نحتاج إليه. وأضافت: لم أقرأ فيما قال إلا انتقاصا. وتساءلت «من نصّب العباس ليكون وصيا على الثقافة والمثقفين. وعلى أي أساس قال ما قاله؟»، وترى أن العباس مبتلى بالنرجسية ويظن أنه من يهب الأحياء الماء والهواء.