أثار المشهد الذي بثته بعض المواقع الإلكترونية عن طلاب يسيئون الأدب مع معلم في مدرسة ثانوية في العاصمة الرياض، ردود فعل غاضبة وسط التربويين، الذين اعتبروا ما حدث إهانة للمعلمين ورسالتهم ، وإسقاطا لهيبته. وطالب متحدثون بضرورة إعادة مكانة المعلم وصون كرامته ومنحه صلاحيات تمكنه من السيطرة على الفصول على خلفية المقطع الذي ظهر فيه المعلم مستسلما أمام شغب طلابه، عاجزا عن اتخاذ أية خطوة تعيد الهدوء إلى الفصل. وروى مسؤول في المدرسة تفاصيل ماحدث وقال أن حالة الفوضى حدثت في الخمس دقائق الأخيرة في الحصة. «عكاظ» تلمست عددا من الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور في ما حدث من تجاوز وقال سعد الدوسري وعائض الشامي ولافي الزهراني (أولياء أمور) إنهم تفاجؤوا بما يدور داخل المدارس من إهمال لأبنائهم، محملين الوزارة مسؤولية ما يحدث، لأنها لم توفر للمعلم البدائل التربوية للتعامل مع الطلاب. ويقترح المتحدثون إخضاع المعلمين لدورات إلزامية حول التواصل مع الطلاب وتعريفهم على المبادئ العامة للتعليم وعلى الإجراءات والقوانين وتدريبهم علميا وتمكينهم أداء مهامهم بالصورة المثلى. مسؤول في المدرسة: استسلام المعلم أثار حيرتنا ! مسؤول في مدرسة الهدى الأهلية التي شهدت الواقعة أبلغ «عكاظ»، بعدما طلب حجب اسمه، أن الحادثة المؤسفة وقعت يوم الأحد الماضي، إذ تجرأ طلاب في الصف الثالث الثانوي على إحداث شغب وفوضى أمام المعلم الذي ظل ساكنا، ومضى المشاغبون في توثيق فعلتهم بالكاميرا ونشرها في المواقع. وتحركت إدارة التعليم وشكلت لجنة تحقيق أمرت بها الوزارة واعترف الطلاب بما حدث منهم ولا يزال الجميع في انتظار النتائج. وأضاف أن المعلم الذي ظهر في المواقع يعد من أفضل المعلمين أداء وسلوكا، ولا أحد يعرف الأسباب التي دعت الطلاب إلى فعلتهم، والأسباب التي دعت المعلم كي يظهر ضعيفا ومستسلما. ومن جانبه يرى أحد المعلمين واسمه «بدوي» أن لوائح الوزارة أفقدت المعلم هيبته!. مرشد طلابي: الحكم على الحالة.. صعب المرشد الطلابي والباحث في شؤون الطلاب علي حجي علق على المقطع قائلا إنه يصعب الحكم على الحالة دون الوقوف على تفاصيلها، فهناك ثلاثة أضلاع في العملية التربوية (إدارة المدرسة والمعلم والطالب)، فالمراهق يمر بمرحلة انتقالية فيها طفرة وتسارع كبير في نموه يحتاج فيها للفت الأنظار ومتى ما وجدت هذه الانطلاقة بيئة مناسبة تستهلك طاقته وتوجهها بشكل كامل نحو أهداف بناءة توجه طاقاته نحو المفيد، أما إذا وجد بيئة غير منضبطة أو متساهلة أو متشددة انعكس ذلك على سلوكه بالتمرد والفوضى أو تنعكس طاقته للداخل في حال البيئة المتشددة. معلمون: القوانين مكبّلة ومنحازة قبل فترة عاد طالب من مدرسته شاكيا باكيا بسبب مقطع صوره معلم له، فوصل إلى المواقع الإلكترونية.. ولم يعد الطالب ثانية إلى مدرسته بعدما أصبح موضع سخرية في الحارة. وصدر قرار بفصل المعلم وتحويله إلى موقع إداري، ويعلق المعلم فهد العنزي بأن مثل هذه التجاوزات من بعض المعلمين قد تضعف الدور التربوي للمدرسة كمؤسسة مجتمعية تهتم بتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية للطالب ومساعدته على حل مشكلاته. وفي المقابل يتهم المعلم محمد علي الزهراني الوزارة بإضعاف دور المعلم بالقوانين الصارمة وتشجيع المديرين والمشرفين على التسلط. مقترحا أنظمة عادلة تحفظ حقوق كل الأطراف، مع تأمين قاعات نموذجية تحوي الأجهزة وأدوات العرض الحديثة، ليكون عدد الطلاب فيها مناسبا ووفق المعايير العالمية. ويرى أن تكدس الطلاب والطالبات في فصول ضيقة لن يصنع نجاحا. وأضاف أن للمعلم والمعلمة حقوقا ومتطلبات لا بد أن توفر لهما حتى تمنحهما الاستقرار والوقود لقيادة العملية التعليمية، لكن نحن هنا نتحدث عن المعلم المثالي الذي يبحث عن حقوقه، وما يعينه لكي يتميز، أما الذي اتخذ التعليم مجرد وظيفة ولا نية له في تطوير قدراته وأدواته، فعليه أن يراجع نفسه.