شديد الحسن، وكذلك الحسان. تحسن لك الأشياء وتزينها فهي من وراء كل حسن، أما البروفيسور الطبيب حسان حسين فطاني (يرحمه الله) فهو ممن كثرت فيه الحسن وحسانة شديدة الحسن، وسيد الحسن هو مثل نبات يلتوى على الأشجار وله زهور حسن، فهي متربعة على عرش الحسن والجمال ومحاسن جمع الحسن في أخي العزيز الدكتور الصديق والزميل حسان بن الحسين، وأصالته ومنشؤه وحسن الخلق والتعامل مع جميع من تعامل معه وعرفه الناس من بينهم المرضى، فهم جميعهم كانوا يبحثون عن ذات الحسب والنسب، فكان حسان ممن كان له ولأهله ولزملائه وأصدقائه ومرضاه شرف ثابت متعدد النواحي وفق قول الحكمة «وحسب الحسيبة مناقب آبائها إلى جانب دينها». فهكذا منذ عام 1965م عرفت الصديق الزميل الأخ الأستاذ الطبيب حسان حسين فطاني. بدأنا سويا مع زميلنا الأستاذ الدكتور سراج عبدالغني ميرة رحلة الحسن والجمال مع حسان في تعلم علم الطب في كلية الرويال فري التابعة لجامعة لندن في بداية مرحلة البكالوريوس في الطب البشري. قضينا فوق خمس عشرة سنة ندرس ونتعلم ليس فقط علم الطب، بل تعلمنا من حسان حسن الخلق ومعنى البسمة والابتسامة، فحسان كان ممن لا تغيب عن وجهه البسمة لكل من ينظر إليه يرى الإنسان المبتسم. فطبق حسان في حياته الحديث النبوي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة». في بلاد الغربة كنا الثلاثي المرح آل الفطاني وآل الميرة وآل حسنين كأننا عائلة واحدة، إذا فرح أحدنا فرح الجميع، وإذا أصاب أحدنا سوء تعب الجميع، فكنا في تواصل ثابت كاد يكون يوميا. مضينا رحلة العلم كأنها كانت رحلة الصداقة والزمالة والأخوة. كنا نقضي الأعياد وإجازات آخر الأسبوع مع بعض، مرة في منزل ذاك، ومرة في منزل الأخ الآخر. تعلمنا معنى وقيمة الصداقة من الحسان، فبهذه الكلمة نودع الحسان عرفنا منه بأنها كلمة فوق الكلمات ومعنى فوق المعاني هي الصداقة، فكانت للدكتور حسان هي كلمة تسرح بها في خيالك لعلك تصل إلى بحر ليس له قرار، كلمة تحلم بها تتمناها القلوب الحسنة، تتوق لتحقيقها، فقد حققها معنا الدكتور حسان ومع جميع من عرفه. صداقة حسان مثل التعليم في الصغر، فهي كالنقش في الصخر، فما نقش في ذاكرتي من صداقة حسان هو حدث يخص زراعة الأعضاء. كنت في عام 1977م أعمل مساعد مستشار في مستشفى في لندن لدى وزارة الصحة البريطانية، وكان قد توفى أحد مرضاي دماغيا وجميع أعضائه من قرنيتين وكليتين وقلب وكبد سليمة. قمت آنذاك في البحث عمن قد يستفيد من أعضاء المتوفى دماغيا. وبعد جهد شاق أتت فرقة كاملة من أحد أشهر مستشفيات زراعة الأعضاء في العالم «مستشفى باب ورث» في مدينة كامبردج البريطانية وهبطت بالطائرة المروحية في ساحة المستشفى التي أعمل بها، ودخلت الفرقة غرفة العمليات وأخذت معها جميع الأعضاء وعادت إلى مستشفى «باب ورث» وزرعت جميع الأعضاء في مرضى كانوا في حاجة ماسة لها. وبعد مرور عدة أشهر التقيت بالدكتور حسان ليخبرني عن زراعة تلك الأعضاء، حيث كان هو يعمل مساعد مستشار في مستشفى «باب ورث». فوجئ حسان عندما أخبرته أنني الذي بعثت بها إلى المستشفى. فيا لها من صداقة وزمالة حتى في صدفة فعل خير الطبي. حسان شديد الحسن يرحمك الله. للتواصل (فاكس 6079343)