منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما وأنا أطالب بضرورة معالجة قضية الثقة في العمل لدى القطاع الخاص وعلى وجه الخصوص ضمان الأمان الوظيفي للشباب السعوديين في العمل في مؤسسات وشركات القطاع الخاص حيث أحجم العديد من الشباب السعوديين عن العمل في القطاع الخاص بحجة عدم وجود ضمان وظيفي وعلى وجه الخصوص في حالة الانقطاع عن العمل والانتظار طويلا للحصول على وظيفة أخرى وبدون الحصول على الحد الأدنى من المرتب مما يسبب معاناة اقتصادية كبرى تؤثر على القدرة على الوفاء بالالتزامات الأساسية من تغطية معيشته لأسرته أو سداد التزاماته المالية من أقساط وإيجارات السكن وتأمين طبي وغيرها. لذلك يفضل الشباب في الماضي والحاضر العمل في القطاع الحكومي حتى ولو كان برواتب متدنية ولكن فيها استمرارية في العمل دون انقطاع. ومن خلال خبرتي لربع قرن في منظمة العمل الدولية وفي مجلس إدارتها ممثلا لرجال الأعمال العرب كنت أعاني من نقد لاذع ومطالبة قوية من اتحاد العمال الدولي بضرورة تأمين الاستقرار الوظيفي في العمل للعمالة في الدول العربية وذلك عن طريق نظام التأمين ضد الانقطاع عن العمل للموظفين في القطاعين الخاص والعام حيث تنص أنظمة العمل الدولية على ضرورة تطبيق هذا النظام وتتبنى الدول الصناعية ودول العالم الأول هذا النظام منذ بداية القرن الماضي. وكم من آلاف العمال العرب المهاجرين في أوروبا وأمريكا استفادوا من هذا النظام. وهو نظام مثالي وعادل ويحقق مصلحة عامة وبكل الحسابات فإن المحصلة النهائية هي في صالح العامل، وجميع الدراسات والأبحاث أثبتت أن ما يدفع للموظف المتعطل عن العمل يعادل في بعض الأحيان وبالحد الأدنى ولمدة عام واحد يساوي أربعة أضعاف عن ما تم دفعه من اشتراك الموظف 1% من مرتبه لمدة عشر سنوات. وما يدفعني اليوم للمداخلة في هذا الموضوع بصفتي رجل أعمال سوف ينعكس على مصاريفه من جراء تطبيق نظام ساند تكلفة مالية مساوية لما يدفعه الموظف، إلا أنني أؤيد هذا النظام أولا من منظور المسؤولية الاجتماعية على شركات ومؤسسات القطاع الخاص تجاه العمالة الوطنية وثانيا من منظور المحافظة على الثقة في العمل في القطاع الخاص لضمان الاستمرارية في العمل. ومن يعترض على شرعية النظام بسبب الاستقطاع القسري فإن من يراجع حيثيات صدور القرار من مجلس الوزراء بموافقة خادم الحرمين الشريفين يجد أن القرار قد أخذ القنوات الرسمية والشرعية كبقية القرارات السامية وعلى وجه الخصوص موافقة هيئة الخبراء بمجلس الوزراء التي تضم أفضل الخبراء في جميع المجالات بما فيها الشرعية. وقضية الادعاء بالاستقطاع القسري من مرتب الموظف ومن ميزانية صاحب العمل في غير مكانها لأن النظام هو اشتراك في بوليصة تأمين ضد التعطل عن العمل، فالبوليصة تحقق مصلحة عامة للعمالة السعودية وأي قرار يصدر لتحقيق المصلحة العامة فهو مغطى بالشرعية المحققة للمصلحة العامة. وأجزم أنه لو علمت العمالة السعودية بالأبعاد الإيجابية لهذا النظام الذي يؤمن الحد الأدنى من الدخل في حالة التوقف عن العمل في القطاع الخاص لتسابقت العمالة للإشتراك في هذا النظام حتى لو لم يكن إجباريا، والإجبارية التي صدر بها النظام هي من وجهة نظري لإلزام أصحاب العمل بدفع نصف قيمة النسبة المستقطعة من المرتب وهي 2% لصالح نظام ساند، ويعتبر المستفيد الأول والأوحد من هذا النظام هو العمالة السعودية المتعطلة عن العمل ولن تستفيد شركات ومؤسسات القطاع الخاص ولكنه سيحسب لهم مساهمة في مجال المسؤولية الاجتماعية. ومن يعتقد أن هذا النظام سوف يسمح للقطاع الخاص بالتمادي في الفصل التعسفي للموظفين يكون قد أخطأ لأن صدور نظام (ساند) لم يلغِ تطبيق نظام العمل السعودي الذي يتضمن بنودا لحماية الموظف من تعسف صاحب العمل وحماية صاحب العمل من عدم جدية الموظف في العمل. ولا داعي للقلق ولن يجرؤ أحد من أصحاب العمل أن يتخذ هذه القرارات التعسفية لأنه عرضة للمحاسبة من خلال نظام العمل. وقد أصبح القطاع الخاص يحتاج إلى نظام يحميه من مزاجية العمال في العمل وترك العمل دون مبرر. آمل من كل من تداخل واجتهد مثلي في الحوار وإبداء الرأي لتحقيق المصلحة العامة في نظام (ساند) أن يقدم المصلحة العامة أولا على أي مصالح أخرى ولأي طرف. فإن النظام مطبق من قبل مائة عام في الدول الصناعية المتقدمة ونحن نطبقه اليوم بزوبعة اعتراض غير مبررة واستميح زملائي أصحاب الرأي الآخر بمداخلتي المحايدة اليوم وهي مداخلة من رجل أعمال سوف يتحمل تكلفة إضافية من جراء تطبيق النظام كما هي مداخلة من خبير قديم في مجال العمل الدولي، واجتهادي في الرأي لا يسفه أو يقلل من الرأي الآخر لكن هو لإيضاح بعض الحقائق والفوائد من النظام.. آمل أن أكون قد وفقت في الطرح. ولو جاز لي الاقتراح لاقترحت وقف نظام حافز الذي لم يحقق الأهداف التي صدر لأجلها وهي تخفيف نسبة البطالة. وأقترح تحويل ميزانية نظام حافز لنظام ساند وأن تتولى الدولة دفع نسبة ال 1% قيمة اشتراك الموظف في بوليصة تأمين نظام ساند وذلك دعما ومساندة وتشجيعا من الدولة للعمالة السعودية.