أثار قلمي مقالة بعنوان «المحتجون والصورة» للكاتب عبده خال ففي هذه الأيام الفضيلة الكثير منا بدأ يشاهد مسلسل «عمر» وتراودت في صحفنا الآراء الكثيرة عن هذا المسلسل ولكن ما أطرحه هنا هو أهم بكثير من الاحتجاجات بلا وهي الحكم والعبر مما يذكرنا المسلسل عن الفاروق. العدل لا يعلوه شيء في الأرض ولا في السماء. فميزان العدل يوم الحشر له كفان، كف للحسنات وكف يزن السيئات. أما في الدنيا ففي كثير من الأوقات تجد أن الميزان له كف واحد فقط يزن السيئات عليها يحاسب صاحبها ولا يأخذ بمثقال ذرة من حسناته ولو كثرت. أما الخليفة، ثاني الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) وعمر بن عبدالعزيز آخر الخلفاء هما أكثر ممن اشتهروا بالعدل. فقصة حكمت فعدلت فأمنت قصة عمرها لا يقل عن أربعة عشر قرنا من الزمان ولكن مبادئها محفوظة وتطبق اليوم في الدول اللا إسلامية وقل ما تطبق في الدول الإسلامية للأسف الشديد مثل ما يحدث اليوم في بلاد الشام التي كان يتاجر منها الفاروق. تبدأ القصة بقدوم المرزبان (رسول كسرى) إلى المدينةالمنورة يريد مقابلة عمر فأخذ يبحث عن قصر الخلافة وهو في شوق إلى رؤية ذلك الرجل الذي اهتزت خوفا منه عروش كسرى وقيصر ولكنه لم يجد في المدينة قصرا ولا حراسا فسأل الناس: أين عمر؟ فقالوا لا ندري ولكنه لعله ذاك النائم تحت الشجرة فلم يصدق الرجل ما سمع فذهب إليه فإذا به عمر قد افترش الأرض والتحف السماء وعليه بردته القديمة فوقف المرزبان مشدوها مستغربا وقال قولته المشهورة: حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر. وفي هذا يقول شاعر النيل (حافظ إبراهيم) وراع صاحب كسرى أن رأى عمرا بين الرعية عطلا وهو راعيها، وعهده بملوك الفرس أن لها سورا من الجند والأحراس يحميها، راه مستغرقا في نومه، فرأى فيه الجلالة في أسمى معانيها، فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا ببردة كاد طول الدهر يبليها، فهان في عينه ما كان يكبره من الأكاسر والدنيا بأيديها وقال قولة حق أصبحت مثلا وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها، أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوما قرير العين هانيها. وكان الفاروق يتحري العدل حتى يكون أهلا لخلافة المسلمين. هذا هو ديننا الحنيف وهؤلاء هم أعلامنا الذين يجب أن نقتدي بهم ونتشرف بهم على وجه العصور والأزمان أمير المؤمنين قولا وفعلا وليس أقوالا وصحفا فقط، ما أروعك يا فاروق أنت وأصحاب رسول الله جميعا خاتمتهم عمر بن عبدالعزيز. أما عمر بن عبدالعزيز خاتم الخلفاء هو عبدالعزيز بن مروان بن الحكم حفيد الفاروق، وكان من خيار أمراء بني أمية، شجاعا كريما، بقي أميرا لمصر أكثر من عشرين سنة، وكان من تمام ورعه وصلاحه أنه لما أراد الزواج قال لقيمه: أجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي؛ فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح. فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وهي حفيدة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقيل اسمها فاطمة. فالزوج والزوجة هما أسباط عمر ابن الخطاب، فذاك الشبل من ذاك الجد (رضي الله عنهم). للتواصل «فاكس 6079343»