اللذَّة لحظات ، بينما الألم ساعات .. ولنا أنْ نقيس ذلك في لذَّة الزواج ، فلن تصل إليها إلّا بعد فصولٍ من الآلام .. ولذَّة الصيد ، ما تلبث أنْ تتبخّر ، بِمُجرَّد تحقُّق الصيد .. ولنا في الحياة الكثير من اللذَّات اللَّحظيَّة ، والتي لم تحضر إلا بعد مُعاناة وألم طويل! إنَّ هذهِ الدُنيا وما فيها من اللذَّات السريعة ، فإنها لا تتحقَّق إلا بعد مرور أوقات طويلة من الألم ، رغم أنَّ اللذَّة والألم يرقدان فوق السرير نفسه . قال تعالى:( وتركنا فيها آيةً للّذين يخافون العذاب الأليم). يقول ميخائيل نعيمة: دقيقةُ الألم ساعة ، وساعة اللذَّة دقيقة!! وقيل: كُل لذَّة يرافقها ألم ، واللذَّة هي طعم الألم. قال الشاعر: والتقطِ اللذَّة حيثُ أمكنتْ ❄فإنَّما اللذَّاتُ في الدّهرِ لُقطْ! إنَّ لذَّاتنا في الشوق ، لا في الوصال ، فما يلبث شوق لقاء العائد من السفر ، أنْ يزول ، فبِمُجرَّد مخالطته لفترة طويلة ، فإنَّ ذاك الشوق يتبخَّر ، وتلك طبيعة البشر ، حتّى في العلاقات الزوجيّة ، الشوق واللذة فيها لحظات ! قال تعالى:( قُل متاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتَّقى ولا تُظلمون فتيلا). لولا اللذات لكانت الحياةُ لا تُطاق ، فمن لا يكدح لا يفرح ، ومن ينبوع اللذّات تنبثقُ المرارة والألم ، وملذات الجسد تُنهِك رُوح الإنسان ، ولذَّةُ الحُب ؛ كلذَّة الصيَّادين في المُطاردة! إنَّ دوافع السلوك لا تخرج عن أمرين ، هُما: طلب المُتعة ، أو اجتناب الألم ! قال الشاعر: ألمي يشقُّ على الخيال لحاقهِ ❄فيتيهُ بين البحرِ والصحراء! إنّ النفس التي لا تتألم لا تستطيع أنْ تُحلِّق في سماء الإنسانية ، وألم النفس يُضْنِي أكثر من ألم الجسد ، والألم يُؤثِّر فينا ضِعْف ما تُؤثِّر فينا اللذَّة. كيف تضحك المروج ، إنْ لم تبكِ السُّحُب، والسرور المُؤخّر عذابٌ حلو ، فمقابِل لذَّة واحدة ، هُناك ألف ألم!! .