مكة أون لاين - السعودية يبدو أن وزارة العمل تأثرت بحمى الإعلانات التجارية في السوق، والتي تقوم بها الشركات لترويج منتجاتها، وذلك حين تتيح لك شراء سلعةٍ ما ثم تمنحك معها هدايا مجانية، فأضحى شعار وزارة العمل هذه الأيام وتحديدا بعد المهلة التصحيحية للعمالة، وتدشينها لنظام نطاقات (وظّف مواطنا، واحصل على تأشيرات عمل لوافدين). فالوزارة - بعد تمنّع لسنوات - أصبحت اليوم تتيح لك العمالة التي تريدها، لكنها تقايض ذلك بتوظيف سعوديين في المؤسسة الراغبة، بحيث إذا زاد - مثلاً- عدد العمالة عن تسعة أشخاص فإنه يحق له استقدام (ستة) وافدين جملة واحدة، وهذا التوظيف لا يعدو أن يكون تسجيل اسمه في نظام التأمينات الاجتماعية، وتسديد اشتراكه الشهري فقط، ثم إظهار ملفه الأخضر بارزاً ومتاحاً لمفتشي وزارة العمل، والذين لن يجدوا فيه بالطبع سوى نسخة وحيدة من هويته الشخصية، وهذا ما انعكس سلباً وظهر جلياً في آخر إحصائية عن هروب العمالة الوافدة خلال عام، حيث شارف العدد على 500 ألف عامل. شخصياً أرى أن وزارة العمل بهذه الطريقة سوف تملأ البلد عمالة وافدة، وترغّب أصحاب المؤسسات تحايلاً على أنظمة التوطين، كل ما عليك هو أن تُدخل أسماء مواطنين أو ثلاثة، ثم ينطلق بك المؤشر الأخضر إلى أعلى سقف، فتحصل على عمالة أكثر وأكثر، وهكذا تبدأ لعبة المزرعة السعيدة مع وزارة العمل، والتي يربحها في النهاية أصحاب المؤسسات الخاصة. صديقي أبو (عبدالله) يملك مؤسسة صغيرة، توصل أخيراً إلى فكرة لتوسيعها وذلك بإضافة (والدته) ضمن موظفي المؤسسة، وذلك حتى يتاح له استخراج العديد من تأشيرات العمالة الوافدة، وقد يلحق بها جدّته وأولاده ومعارفه، لا سيما أن النظام لم يشترط سقفاً أعلى للعمر، أو حتى تأهيلاً معيناً للتوظيف، طبعاً هذه الفكرة جاءته متأخرة، فكثير من رجال الأعمال يصنعون ذلك منذ أعوام، والموظفون(الوطنيون) الذين تفاخر بهم وزارة العمل في إحصائياتها السنوية للتوظيف، لا يعرفون طريق هذه المؤسسات إلا في آخر الشهر لاستلام (المعلوم). وأخشى أن يقوم صديقي هذا بتوظيف العاطلين من أبناء قبيلته وأصدقائه وهمياً، ثم يستقدم بعدها دولة باكستان بأكملها! في كتابه (اقتصاد المعرفة وتحديات التعليم العربي) ذكر الدكتور عمر الحمود أن 50% من حجم الاقتصاد السنغافوري قائم على التجارة الإلكترونية، بمعنى أنه لا يحتاج إلى عمالة أو مكاتب إدارية أو تكاليف تشغيل، ولو فتحنا المجال لهذا النوع من التجارة أمام العاطلين والعاطلات في مشاريع كثيرة بالمملكة، فإننا سنردم الهوّة السحيقة من البطالة أو تشغيل النساء في أماكن لا تليق بهنّ. ونحن لا نزايد على إخلاص وزير العمل ونجاحه في تطبيق بعض الأفكار، لكن وزارته إذا استمرت على هذه الوتيرة، فمن الأولى إلغاؤها أو ضّمها لوزارة المالية!