قبل سنوات نشر الاديب السوري «حنا مينا» وصيته والتي طالب فيها بعدم نشر خبر موته في أي وسيلة اعلامية, وذكر انه عاش حياة بسيطة ويرغب في ان يكون بسيطا حتى في مماته. تناقلت وسائل الاعلام هذه الوصية التي أثارت ضجة على الرغم من بساطتها أيضا.... حنا مينا تعب من الحياة ولم يجد حرجا من التصريح بذلك «عشت عمري كله مع المغامرة ,كنت على موعد مع الموت ولم أهبه, الموت جبان لمن ينذر له نفسه, ثمانون عاما تضعني على مزلقها والموت الذي أسعى اليه يفر مني, هذا الجسد هو الذي يخون وقد خانني جسدي» كما صرح من خلال لقاءات صحفية بأنه تعب من الكتابة «بت أكره الكتابة بت أكره هذه المهنة الحزينة التي لا فكاك منها إلا بالموت وقد بت أخاف ألا أموت وكان ذلك عقابا لي على اختراقي للمألوف أعيش في قلق وأبارك هذا القلق ثلاثا وألعن الطمأنينة» وفي بت أكره الكتابة بت أكره هذه المهنة الحزينة التي لا فكاك منها إلا بالموت وقد بت أخاف ألا أموت وكان ذلك عقابا لي على اختراقي للمألوف أعيش في قلق وأبارك هذا القلق ثلاثا وألعن الطمأنينة كتابه «أشياء من ذكريات طفولتي» خصص عدة فصول للحديث عن والدته التي أحبها كل الحب. واعترف في ثناياه بأنه أضاع طفولته بالشقاء , وشبابه في السياسة. وانه كان يعيش قبلا في فقر أسود والآن في فقر أبيض, حنا مينا الذي نذر نفسه للدفاع عن الفقراء والبؤساء والمعذبين في الارض ولم ينسجم مع الكلمات الكبيرة كتب يقول: كنت أناضل بجسدي والآن أناضل بقلمي, ان المناضلين الشرفاء الصادقين هم الذين قاوموا الاستعمار والاقطاع, وقد كان لي حظ الانتماء اليهم, والتعرف الى حقيقة الكلمة وشرفها من خلال ارشاداتهم, وان هذا المجتمع في الطفولة واليفاعة والشباب أعطاني تجارب لا تنسى, أفدت منها في كفاحي بالقلم على امتداد حياتي الأدبية التي قاربت الخمسين حتى الآن, لقد تركت الانتماء الحزبي منذ منتصف الستينيات, وكرست حياتي للأدب, وللرواية تخصيصا, وسأبقى كذلك, دون أن يعني ذلك نسيان الماضي, أو عدم الامانة للمنطق, فأنا أعرف ان اليوم الذي أنسى فيه ناسي , أو أدير لهم ظهري, أو ينقطع حبل السرة الذي يربطني بهم, سيكون يوم توقفي عن الكتابة وبالتالي عن الحياة, صدقوني انني حتى الآن, كاتب دخيل على المهنة, وأفكر بعد هذا العمر الطويل, بتصحيح الوضع والكف عن الكتابة, فمهنة الكتابة ليست سوارا من ذهب, بل هي أقصر طريق الى التعاسة الكاملة.