لو طلب من أي منا ان يضع قائمة بالأمنيات او الأولويات التي تسيطر على تفكيره ويتمناها لكتب : الحب ،الغنى ،الشهرة ،النجاح ،القوة، المنصب، الموهبة، الصحة. وقد تطول القائمة لكن قلما او نادرا ما تجد فيها كلمة الرضا والقناعة . اذ بدون هاتين الكلمتين لن تنعم بالسعادة ولو تحققت كل الأمنيات الموجودة في قائمتك. وفي الواقع إن هاتين الكلمتين اقرب للهبة الإلهية ، هبة يهبها الله سبحانه وتعالى لأصفيائه. ولجوته الشاعر الألماني مقولة رائعة يقول فيها : من كان غنيا في دخيلة نفسه قلما يفتقر الى شئ من خارجها. اعرف سيدتين احداهما شابة وجميلة وتعيش في بلدها ووسط أهلها , والأخرى على أبواب الكهولة وجميلة الروح وتعيش في الغربة منذ نعومة أظافرها بعيدا عن الأهل والوطن , الأولى تسكن في قصر وحولها الخدم والحشم ولديها من المال الكثير ، وتقضي الساعات الأولى من النهار في تصفح مواقع الانترنت للاطلاع على الحقائب والساعات من أشهر الماركات العالمية ، وبقية النهار في الشراء والحديث عما اشترته وما ستشتريه. وجدت السيدة الفقيرة الكادحة أكثر مرحا وسعادة من المرفهة ، جمالها الداخلي يطغى على بريق المجوهرات والماركات وكل مظاهر الفخامة ، اسمها زهرة وهي بالفعل زهرة ,تمر سنوات دون ان نلتقي ، وحين ألقاها أجدها أكثر شبابا ومرحا من السابق والثانية تعمل وتقيم في إحدى الولاياتالأمريكية ، راتبها هزيل وسكنها عبارة عن غرفة ومطبخ في قبو المسجد الذي تعمل به كفراشة مهمتها التنظيف والطبخ ، الأولى تمارس أمومتها بإصدار الأوامر ، والثانية أرهقت نفسها بأعمال إضافية لتتمكن من إحضارهم كبارا ليعيشوا قريبا منها، الأولى تفكيرها محصور في ذاتها والثانية تبذل المستحيل كي تسعد من حولها بكل الإمكانيات المتوفرة لها. المقارنة قد تطول لكن وجدت السيدة الفقيرة الكادحة أكثر مرحا وسعادة من المرفهة ، جمالها الداخلي يطغى على بريق المجوهرات والماركات وكل مظاهر الفخامة ، اسمها زهرة وهي بالفعل زهرة ,تمر سنوات دون ان نلتقي ، وحين ألقاها أجدها أكثر شبابا ومرحا من السابق ، انها تملك ثروة لا تنضب. تملك القناعة والرضا عن النفس ، منذ مدة علمت بأن ثلاثة عرسان تقدموا لخطبتها ، لكنها رفضتهم. بالمناسبة زهرة تبلغ من العمر سبعين عاما ، لكنها نضرة كفتاة لم تتجاوز العشرين ، وروحها جميلة الى حد الذهول.