عرف البعض الثورات بأنها «حالة من الفوضى تستهدف إصلاحا « فنحن نعرف أن هندستها وقيمها وأصولها حتى لا تكون فعلا هي تلك الفوضى التي لا تجلب الهدوء ولا يعقبها استرخاء لمزاج الشارع ليعوض ما فاته ربما لأن الفوضى لا تقوم على اعتبارات وقيم نبيلة فهي لملمات عشوائية للجماهير بدوافع مغرضة غيبت عنهم الهدف واستخدموا ربما لأغراض أبعد عن مطالبهم وحاجياتهم اليومية , ففي الفقه الإسلامي يقدم درء المفاسد على جلب المصالح وفق ميزان عقلي للقياس بين مضمون الحالتين وعائد كل حالة على الفرد والمجتمع , ُ أيضا في الثقافة الأمريكية يقولون: « إذا فتحت الباب فإنك لن تستطيع تحديد كمية الهواء الداخلة منه « لذلك يبقى العقل لا العاطفة هو سيد الموقف وباعث البصيرة للذات لتختار طريق خيريتها إذا ما حكم في الحق واستنبطت به سبل الرشاد , ومن المشهد العربي ذاته تستلهم العبر ويدلل بالصور للتفريق بين ضمير الحالتين « المنفعة والمفسدة « ويستشهد بمآل الأمور قبل وبعد كل حراك وثورة قامت كما في مصر تونس وحالة ليبيا حتى لا يرعب العامة ولا تقطع أرزاقهم وحتى لا تجر المجتمعات إلى أنفاق معتمة لا يأمن المرء معها على روحه ولا عرضه وماله وتبقى السياسة وتبعاتها هم المجتمع والفخ الكبير الذي تجر إليه الشعوب لتظل تبحث عن التكتل في حالة لم يعتدوها تحت مظلة الوطن الواحد فقد مسهم فحيح الأفاعي لتزرع بينهم الفرقة والتميز وليبنوا بينهم جدرا مختلفة من سوء الفهم وانعدام الثقة تلقي بظلالها على علاقاتهم الاجتماعية في تكريس دائم للفوضى , ففي الفقه الإسلامي يقدم درء المفاسد على جلب المصالح وفق ميزان عقلي للقياس بين مضمون الحالتين وعائد كل حالة على الفرد والمجتمع , أيضا في الثقافة الأمريكية يقولون « إذا فتحت الباب فإنك لن تستطيع تحديد كمية الهواء الداخلة منه «وقبل ذلك كله يبقى سبيل الحوار والإصلاح العقلاني الناضج لكل خلل مهماً للأخذ بالمجتمع إلى طريق الصواب وهي مرحلة دقيقة حرجة وفرصة يجب أن تعيها الشعوب وأن تستثمرها قبل أن يعصف بكيانها فتغدو الفوضى سيدة الموقف فترفع الشعارات وتفتح السبل أمام المتربصين , وفي بلادنا المملكة العربية السعودية لانغتر أبدا بحصانتنا ولا بعموم عقلانيتنا فيصير أن يشط بعض الجهلاء عن جادة الصوب مدفوعين بحالة المشهد العربي فيرددوا بغصباء شعارات الغير مشحونين بفهم مغلوط يسقط الكثير من الحسابات وقواعد المجتمع وثوابته فنسمع عن محاولات ودعوات تستهدف أمننا ومسير بلادنا وحياضه العريق رغم ما يتاح لهم ولغيرهم من سبل الحوار والتواصل لإبداء آرائهم وطرح أفكارهم أن قصد بها الصلاح والخيرية للجميع فنحن لا نعيش في فردوس مقيم بل في أرض لحياتنا الدنيا وسم فيها معاش الإنسان في كبد يستلزم العمل والمراس والسعي نحو الصلاح والتكامل لأجله وهو أيضا محكوم بالنظم والأعراف لذلك تنبهت قيادتنا الكريمة لهذا النهج المستجد الذي استهواه جهل البعض فصدر بيان وزارة الداخلية الذي لا اعتبره وغيري تحذيريا بقدر ما هو إيضاح للحقيقة التي تدعو إلى منع الممارسات الهوجاء وجاء بعده بيان هيئة كبار العلماء الذي يحرم وفق محددات شرعية مسائل المظاهرات وتوابعها مخاطبا ذمة الجميع وعقيدتهم في شرح مفصل يقر ببعض الأخطاء ويبين سبل صلاحها دون نهج الفوضى ومحاولات جر البلاد إلى ما لا يحبذه العامة ومالا يتمنونه دائما في بلادهم التي ينعمون فيها بأنموذج فريد من التلاقي والتواصل بين الحاكم والمحكوم , فإذا كنت أنا أسمعك وأعمل لأجلك وأنت تشاركني المهمة فلماذا استيراد السبل الغريبة للتواصل أم أن التقليد لصناعة بطولات وأسماء واهية هو السبيل , وتلك هي آفات العصر و فخوخه , وأجزم هنا كالملايين غيري من شعب هذا الوطن ومنهم من عبر برأيه ورهن نفسه لمهمة الذود عن البلاد والدعاء له ولقادته بالسلامة هم السواد الأعظم ممن ارتضوا البلاد وقيادتها وكل مكونها سبيلا للعيش بعيدا عن هراء الجهلة ودعواتهم المغلوطة المستفزة فنحن أمام مرحلة خطيرة جدا إن سمح أحدنا لمثل هؤلاء استغلال عاطفتنا واختطاف عقلانيتنا تجاه وطننا الذي يعد قلعة للأمة وحصنها الأول , فصور الواقع المرير شاخصة جلية أمامنا لمن طمع في صلاح ثائر فتاه في خضم الفوضى فاعتبروا يا أولي الألباب . [email protected]