تطبيقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية وتحديدًا لمبدأي الأصل براءة الذمة ومبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فقد أصدر معالي وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ د. وليد بن محمد الصمعاني مؤخرًا تعميمًا قضائيًا تاريخيًا يؤثر بشكل إيجابي وعادل، عند النظر بالقضايا والحكم فيها، وذلك بمراعاة الوصف الجرمي للإدانة قبل إصدار الحكم فيه، فقد جاء هذا القرار لينفي الإدانة بالقرائن الضعيفة وغير الموصلة وسيزيد من عبء النيابة العامة في أخذ الدقة بإجراءاتها وجمعها للأدلة، حيث إنه لن يُلتفت إلا للأدلة الصريحة أو القرائن القوية الظاهرة، مما سيساعد في تكييف الواقعة تكييفًا صحيحًا لها وهذا شيء إيجابي ولمصلحة المجتمع، كما سيساعد هذا القرار في الحد من الدعاوى الكيدية، كما أن هذا القرار قد حرر القاضي الجنائي من التقيد في إثبات الإدانة بوسائل إثبات محددة، فجعل إثباتها بكافة الوسائل المشروعة المعتبرة. على ماذا يتضمن التعميم؟ أولاً: يجب على المحكمة قبل تقرير العقوبة الجزائية النص على ثبوت إدانة المتهم على الوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة، على ألا يكون توجه التهمة أو الشبهة من الأوصاف التي يُدان بها المتهم، مع مراعاة ما نصت عليه المادة (الثامنة والخمسون بعد المائة) من نظام الإجراءات الجزائية من عدم تقيد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى. ثانيًا: أن يسبق تقرير العقوبة الجزائية النص على ثبوت إدانة المتهم، وألا يكون توجه التهمة أو الشبهة من الأوصاف التي يدان بها المتهم، كما يتضمن الأخذ بوسائل الإثبات كافة وعدم التقيد بوسائل إثبات محددة مع مراعاة الأحكام المقررة شرعًا فيما يتصل بأدلة الإثبات الموجبة لإقامة الحد والنظر في استحقاق المتهم للتعزير عند درء الحد أو عدم ثبوت موجبه في القضايا الجزائية، بحيث لا تتقيد المحكمة في إثبات الإدانة بوسائل إثبات محددة، وإنما تثبت الإدانة بكافة الوسائل التي توجد لدى المحكمة القناعة اليقينية بارتكاب المتهم للجريمة وفقًا للأدلة المقدمة إليها بما في ذلك القرائن المعتبرة سواء كانت الجريمة منصوصًا على تحديد عقوبتها نظامًا أو لا. إلى ماذا يهدف القرار؟ يهدف إلى تطوير المبادئ الموضوعية عند نظر القضايا والحكم فيها، وأيضًا يهدف إلى تعزيز مسؤولية أطراف العملية القضائية في الدعوى الجزائية، كما يحد هذا القرار من التوسع في الاجتهاد المبني على القرائن الضعيفة التي تظهر في القضية، ولا ترتقي ليقين القاضي بأن يكون دليلاً معتبرًا يُوجب الإدانة، مما سيحقق الوصول إلى حكم واضح ومنصف للأطراف بإذن الله.