لقد أفرزت العولمة رؤى عديدة لنظم الاعمال وآليات السوق واساليب تقديم الخدمات، وذلك في ظل التطور التكنولوجي وبزوغ تكنولوجيا المعلومات وتأثير كل ذلك على مظاهر الحياة اليومية، ومع ذلك نجد العديد من المؤسسات والشركات مدفوعة بقوة هائلة نحو تطبيق وترسيخ مفهوم تنمية الموارد البشرية، ومن المشاهد ان القطاع الخاص قد خطا العديد من الخطوات المتقدمه في تطبيق منظومة الموارد البشرية، ويسعى العديد من المؤسسات الحكومة في العديد من الدول نحو تطبيق ذلك، ولكن السؤال الآن هنا: لماذا التوجه نحو تنمية الموارد البشرية؟ في إطار هذا السؤال قمنا بالبحث والاطلاع في العديد من الابحاث والدراسات التي تناولت موضوع الموارد البشرية، بالاضافة الى الاطلاع على تجارب وخبرات فعلية لبعض المؤسسات التي قامت بالفعل بتطبيق تلك المنظومة الجديدة، وأدركنا بالفعل لماذا سعت العديد من المؤسسات الى التوجه نحو تطبيق هذه المنظومة، حيث تعد تنمية الموارد البشرية احدى الدعائم الاساسية التي تستهدف صقل وتنمية القدرات والكفاءات البشرية، وتؤمن منهجية الموارد البشرية لأهمية الاستثمار في البشر عبر آليات التدريب المتطور، وهنا تتضح تنمية الموارد البشرية في كونها توجها يركز بصورة جوهرية على تثمين قيمة العنصر البشري باعتباره عنصرا رئيسيا في العملية الانتاجية، وأن الاستثمار في رأس المال البشري هو الطريق الامثل لتحقيق التنمية المستدامة، حيث نجد ان هناك حكمة صينية رائعة تقول (اذا اردت عاماً من الرخاء ازرع حبوباً. اما اذا اردت عشر سنوات من الرخاء فازرع اشجارا. اما اذا أردت مئات السنوات من الرخاء فازرع اناسا). والحقيقة ان هذه الحكمة تحمل معاني رائعة تتسق مع مضمون تنمية الموارد البشرية، فالزراعة من الاعمال التي تتسم بالرعاية والعناية الفائقة والصبر والاتقان والجهد والمثابرة، وهذا ما نحتاج اليه في كل مجالات العمل، فلن نحصل على ثمرة ذات جودة عالية دون ان نبذل كل الجهود المخلصة في رعايتها منذ ان توضع كبذرة في الارض التي تحتضنها وتمنحها الدفء والخصوبة، ويمنحها من يرعاها بما تحتاج طوال فترة نموها من متابعة حتى تكبر في مناخ طيب تثمر فيه خيراتها، وهذا ما تتضمنه منهجيات تنمية الموارد البشرية، فهي تشير الى اهمية منح الموارد البشرية المعارف والمعلومات والخبرات والمهارات التي تصقل من قدراتهم ومستويات ادائهم لتحسين مستوى العمل والانتاج؛ ايمانا بأن الاموال والارباح تأتي وتزول بسرعة، اما الموارد البشرية المتعلمة والمثقفة والمدربة فهم يمثلون القيمة المضافة للعمل، ولذا أضحى الاستثمار في الموارد البشرية منهجية تحتاج الى الكثير من الخطط والبرامج المتطورة التي يمكن ان تسهم في الاستثمار الناتج والفعال لرأس المال البشري في كافة المؤسسات، وهذا يتطلب منظومة التدريب بما يتواكب ونظم التدريب الحديثة والمفاهيم ومنهجيات الادارة الحديثة، ومن هنا يجب ان تنشئ كل ادارة او مؤسسة ادارة متخصصة في ادارة وتنمية الموارد البشرية يعمل بها كافة الخبراء والمتخصصين لرسم استراتيجيات ووضع البرامج وتصميمها بالطريقة التي تتوافق مع تقنيات العمل الحديثة لإحداث التطوير التنظيمي.