قبل أن أبدأ في خوض غمار مقالي وأتحد مع مؤيديه وأتعارك مع رافضيه، أتقدم لكل من يقرأ هذه الكلمات البسيطة بوافر التبريكات بحلول شهر رمضان المبارك، أسأل الله أن يكتب لنا القبول والمغفرة والعتق من النار وجميع المسلمين، وأن يعيده ويبلغنا إياه أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن بكل خير وعافية. كما يسرني أن أتقدم لمعالي وزير الصحة- وفقه الله- بخالص التهنئة ووافر التحية القلبية على كل إنجازاته اللامسبوقة في وزارة التجارة والصناعة إبان حقبته، كما أهنئه بالثقة الملكية الكريمة على تأكيدها بتوليته زمام وزارة هي من أهم أركان الدولة والمواطن والمقيمين وهي وزارة الصحة، وفي هذه اللحظة يسرني أن أتقدم للوزارة باقتراح فعلي- أقوله صادقا لا مازحا- بتوجيه حملات توعوية للشباب بل وحتى استحداث عيادات متخصصة في معالجة ما يسمى النقص، نعم النقص هو ما ينقص الانسان ويبحث عن شتى السبل والوسائل لسده إلا أنه مع كل ما يملك يثبت أن نقصه لا يزال موجودا ويشغل حيزا من فراغه. يقولون المال غاية وبعضهم يقول وسيلة ولكن الناقصين ليسوا مع هذا ولا ذاك حتى مع كل ما يملكونه من أموال طائلة والتي ثبت بالدليل القاطع والدامغ أنها ليست كل شيء ولا تشتري كل شيء وليست وسيلة للوصول لكل غاية. تكلمت كثيرا عن اختراق برامج التواصل الاجتماعي لكل خصوصياتنا وليس فقط بيوتنا حتى اني قد دعيت لهدم اسوار المنازل التي لم يعد لها حاجة نظرا لانكشاف ما بداخلها، الموضوع مؤخرا تجاوز كل تلك الحدود فلم يعد كشفا للخصوصيات وكل التحركات والسكنات بل بات مرضا يؤرق بعض افراد المجتمع بشكل يدعو لأخذه على سبيل الجدية وليس السخرية، وصل الحال إلى التفنن في ابراز الخصوصية بل التفنن في الخروج عن النص والمألوف، فهذا مشهور بثروته يخاطب مدير مكتبه ليرسل سيارته الفارهة للخارج من اجل ان يعدل لونها الذي لم يرق له، حتى هنا قد يكون الامر طبيعيا عند البعض ولكن غير الطبيعي ان ينشر تلك المكالمة على مسامع الناس ومرآهم، ما الحكمة أن يصور باب سيارته وهو ينفتح وهو يضع المفتاح في مكان التشغيل وهو يفتح علبة النظارة وهو يصور شيخا يقرأ عليه الاذكار وآيات الحفظ من الحسد او حلاقه الشخصي وهو يمدح ويمجد تسريحته، الموضوع تجاوز كل احتمالات المنطق واللامنطق حتى اصبح ظاهرة نفسية يجب التوقف عندها. كيف لمن يملك ثروة هائلة يتفنن في إبرازها للناس بشكل لا يرضي الله، ألا يخشى من زوالها أو من دعوة محروم ومقهور تجد بابا مفتوحا الى السماء؟، اين عقلاء الاهل حين يشاهدون اظهار البذخ بطريقة مقززة من الحد منها وتأنيب فاعلها؟، لم يعد التصوير لمجرد أطباق الطعام والولائم والاطفال، بل تجاوز اشياء يُستحى من اظهارها، فضلا عن التباهي بها، اتمنى من وزارة الصحة اخذ هذه الظاهر بكل جدية وبدء حملات توعوية لها فإن خلاف ذلك يجعل من بعضنا افرادا عالة على المجتمع والوطن، همهم ووقتهم ومالهم لأسخف الأمور بل وأبشعها.