في الوقت الذي كان فيه العالم يشهد تحولات كبيرة على مختلف الصعد، وتحتل بؤر الاهتمام في الحوارات والمناقشات في وسائل الإعلام، كان ل«لِلْ كيم» مشروع تحولها الفردي الخاص. «لِلْ كيم» هي كِمْبَرْلي دينيس جونز المغنية و كاتبة الأغنية والمنتجة والممثلة الأمريكية. فاجأت مواطنيها والمعجبين والمعجبات والمتابعين والمتابعات في كل أنحاء العالم بمجموعة صور بثتها عبر انستغرام تظهر فيها إنسانة مختلفة، بوجه مختلف يصعب أن يميزه حتى أقرب الناس إليها أو يتابعها باستمرار. في الصور الانستغرامية الجديدة، لم تعد لِلْ كيم تلك المرأة السمراء، فقد ظهرت فاتحة جداً وبشعر أشقر وأنف مختلف، بعد أن مرّت بعملية «تحول» وتغيير لون وملامح هائلة. وهي العملية الأخيرة في سلسلة من تغييرات لمظهرها بدأت من العام 1999 هرباً من سمرتها وملامحها التي جاءت بها الى العالم. إن لِلْ كيم واحدةٌ من حالات متطرفة من الهوس بالبياض، في ظاهرة غير طبيعية متفشية بين النساء والفتيات «الملونات» في الولاياتالمتحدة، لأنه حسب زيبا بليْ تجري تنشئتهن على الإعتقاد بأنهن قبيحات وبلا قيمة لأنهن لسن بيضاوات، ولا فاتحات لون. والحقيقة أن الافتتان بالبياض و«تفتيح» لون البشرة ظاهرة هوسية تتعدى حدود الولاياتالمتحدة الى امريكا اللاتينية والكاريبي، وإلى المنطقة العربية والخليجية بالذات التي تشهد يوماً بعد يوم ازدياد عيادات التجميل، التي هي، في الحقيقة، معامل تحويل وتغيير جلود ونحت ملامح ونفخ شفاه. ويحدث بموازاة حالات التحول غير الدائمة، وقد يُوَلد بدوره الدافع الى السعي الى التحول الدائم، ازدهار تجارة مستحضرات التجميل والتقشير والتنحيف و«سبسبة» الشعر (تحويله الى شبيه السبيب). ويروج كل وكيل لِمُنْتَج من هذا النوع بضاعته بصفتها الأقوى والأسرع في تخليص المُسْتَهدفَات بالإعلان من سوادهن وسمرتهن ودكنتهن، ومن البقع السوداء، وفي تحويل «شعورهن» الى شلالات من «سبيب» ناعمة لامعة تنسدل على أكتافهن، أو تتدفق نزولاً الى ظهورهن. الى تلك العيادات تلجأ أفواج الحالمات بالتخلص من دمامةٍ مُتَوَهَمَّةٍ متمثلةٍ في سمرتهن ودكنتهن اللتين يوحي الاعلان بأنهما والجمال والجاذبية لا يلتقيان. إن الحالمات بسلخ جلودهن السمراء كما فعلت لِلْ كيم كثيرات ولكنهن لا يملكن الثروة التي بها يستطعن الوصول الى عيادات الأطباء المتخصصين في سلخ وتقشير الجلود، فيكتفين بالكيماويات والخلطات والكريمات التي تجعلهن قريبات من صورة «الجمال المثالي» على نحو قصير الأمد، فيدوم شعورهن بالرضا واحترام الذات ما دامت النتائج باقية، ما دمن بلونهن الفاتح وشعرهن الأشقر يشبهن الوجوه التي تطل عليهن من الاعلانات والمسلسلات والأفلام الغربية. وبدرجة أكثر إقلاقاً وإحباطاً وإيلاما، تشاركهن لِلْ كيم ذلك، وغيرها من المشتغلات في صناعة الأغنية والتسلية التي لا يستطعن التهرب من مواجهة متطلباتها ومقاييسها غير الواقعية للجمال حسب زيبا بليْ. إن الركض اللاهث والمحموم خلف اللون الفاتح تعبير عن التماهي بوعي وبغير وعي مع الاعتقاد الغربي القائم على فكرة أن البياض هو اللون القاعدة والأصل، فالبيض كما يقول ريتشارد دايَرْ يعتقدون أنهم، «على مستوى التمثيل العرقي لا ينتمون الى عرقٍ معين، إنهم العرق البشري.» ولهذا يكون ما يَعتبرونه جميلا ًهو الجميل، والمثال الذي يُقَوَّم جمال الآخرين حسب القرب أو البعد عنه.