تتبارى المصارف؛ لكسب فائدة لكل حساب بنكي يُفتح، والأكثر سوءا كانت بفرض رسوم على الحسابات المفتوحة دون مبلغ معين قد لا يتمكن صاحبه من توفيره في حسابه طيلة الوقت، وحين يتركه مفتوحاً خالياً من المبلغ المحدد، تحسب عليه فائدة تتراكم مع الوقت، وقد لا يكلف موظف البنك عناء شرح أهم بنود العقد للزبون، لذا يقع الكثيرون منا في غفلة الانتباه لهذه العقود التي قد تستغل لاحقاً. ولكن مع تشديد الرقابة والتشريعات، التي تحمي المستهلك، بدا قطاع المصارف أكثر نظاماً وحزماً، حتى أنه بات من أقوى القطاعات الفاعلة، ولكن لا يعني خلوه من الاستغلال والاستغفال. لذا وجب التنبه لصيغ العقد وعدم الخجل من المطالبة بحقك. اليوم ابتلينا بمستغلين أكثر تلاعباً، إنهم شركات الاتصالات التي اتخذت نفس المساق بآليات تنافسية، الهدف هو جذب الزبون والنتيجة هي استغفال المستهلك المغرر به، فأكثر وسائل الحيلة المستخدمة هو نظام «العقود» فتقوم الشركة بالترويج لسلة خدمات شاملة أجهزة اتصال وتركيب خطوط مجانية لا تكلف صاحبها شيئا في البداية، لكنه ملزم بالعقد ودفع مبالغ شهرية بحسب المدة؛ لضمان جني فوائد مضاعفة مرتين. هناك الكثير من الشكاوى عن منع سفر أو تجميد حسابات بنكية، سببها شركات الاتصال التي توكل جهات قانونية تلجأ إلى هذا الخيار، بعد اهمال العديد سداد مديونياتهم، فقد منع أحدهم من السفر الذي كان يجهز له وقتاً من الزمن وأوقف في المطار؛ بسبب امتناعه عن السداد لإحدى تلك الشركات بعد اهماله قفل حساب هاتفه ليبقى يحسب عليه دون انقطاع، حتى تراكمت المبالغ. والطريف أن المبلغ لا يتجاوز 150 دينارا (1500 ريال) ليلغي سفرة العمر بسببه، وشخص آخر حاول أن يسحب من رصيده البنكي، فلم يفلح، وحين راجع البنك عرف أن المشكلة هي نقاله «المنسي»، الذي حصل عليه في أحد العروض بمعية جهاز الهاتف، وأهمله، لكنه لم يلغه فتراكم عليه الحساب، ولم يبادر بتسديد المبلغ ظناً منه أنه سيفلت من العقاب، فوقع في شر نيته. حقيقة، هناك بعض المستهلكين ممن يملكون تاريخا سيئا في الدفع، وهؤلاء من تسببوا في أن تلجأ شركات الاتصال لتحويل أي حساب يغفل صاحبه عن الدفع لثلاثة أشهر متتالية إلى مكتب محاماة. ما تقوم به الشركات يعتبر حقها، فلو لم تفعل ذلك ستخسر حتما، وإن كانت هي بذلك تفقد زبائن جددا وتصنع لها سمعة سيئة، ولكن هذا الأمر يوصل فكرة أن سوق الاتصال لدينا تعمها الفوضى الكاملة، فليس هناك أي نظام أو تشريعات أو جهة قوية يمكنها حماية حقوق الأطراف سواء الزبون أو الشركة ذاتها. رغم أن هذه السوق يجب أن تكون في جدول استراتيجية الحكومات الوطنية، ويُصنع لها لوجستية قوية؛ لأنها ستتحكم بالمستقبل والاقتصاد معاً.