تنشر جريدة اليوم في هذه الأيام صفحة شبه يومية عن البحرين الشقيقة، وما يقام عليها من أنشطة وبرامج وفعاليات وغيرها، فما أن نقرأ هذه الصفحة حتى يبدأ القلب يرفرف حباً لهذه المملكة الجميلة التي تضيء موجات الخليج المحيط بها من(ألفها) إلى (نونها). ولقد أدرك قادة الجارتين الشقيقتين أهمية الربط بينهما، فكان هذا الجسر التاريخي العملاق الذي تحدثنا عنه في مقال سابق هنا، وهو جسر الملك فهد، وكانت قصيدة الشاعر الخالد غازي القصيبي: ضَرْبٌ من العشق، لا دربٌ من الحَجَر هذا الذي طار بالواحات للجُزُر والبحرين التي احتفلت يوم أمس الأول (الثلاثاء) بيومها الوطني قد ألغت وزارة الثقافة من وزاراتها، ومن المنتظر أن تعلن عن هيئة للثقافة والإعلام بديلاً لها. ورغم أن المسافة بين عقر داري في القارَة بالأحساء، وقلب مدينة المنامة لا تزيد على ساعتين اثنتين من الزمن إلا أنني أراها بعيدة في الفترة الأخيرة، ولكن يقفز الشعور والحنين لها بين آن وآخر، حتى أنني كتبت بيتين أترجم ذلك الشعور لأرسم بهما قصيدة قادمة وهما: متى نعود إلى (البحرين)،والجُزُر، متى يرفرف قلب هام في السفر؟ متى (المُحَرَّقُ) تطفي نار حرقتنا متى (المنامة) تشفينا من الضَّجَرِ؟ ولقد جاء بحر وقافية البيتين دون قصد أو معارضة ل (رانية) د. غازي القصيبي التي أوردنا مطلعها في جبين المقال. وفي معرض الذكريات للبحرين أتذكر أول زيارة للبحرين كانت في عام 1395ه، 1975م في سفينة تجارية (لنج) مُحَمَّلَة بثمرة (البوبر) من ميناء الخُبر إلى المحرق حينما (سَلّمَني) والدي يرحمه الله إلى الحاج حسين (أمانة) لزيارة أقاربي في مدينة المحرق، وسافرت من الأحساء في سيارة (جنور حوض لونه أزرق فاتح، موديل1964) إلى فرضة الخبر، واستغرقت الرحلة من الخبر إلى ميناء السلمانية بالبحرين (أكثر) من أربع ساعات، وكنت أقوم بنقل (البوبر) من أرض الميناء إلى داخل ( اللنج)، ومنه إلى ميناء السلمانية بعد وصولنا (نظير) نقلي مجانا إلى البحرين. ولا أظن الذاكرة تتجاوز الحلوى الحمراء التي تشتهر بها البحرين، والتي يتهافت أهل الخليج عليها تهافت العطشى على مورد ماء، ولا يزالون، ولم نكن نعرف الحلوى (الخضراء) بعد، والحلوى الحمراء كان يأتي بها إلينا الخال المرحوم الحاج محمد بن أحمد الجلواح الذي هاجر من الأحساء قبل نحو 80 عاما مع من هاجروا، وقطن فريق البنائين بالمحرق بعد أن تزوج سيدة بحرينية أقنعته بالبقاء في بلدها، ثم من بعده صرنا نستقبل الحلوى الحمراء من ابنه الحاج جاسم رحمه الله، وبعده أصبحت الهدية القيمة الدائمة إلينا تأتينا من الصديق البحريني الفاضل: فاضل حماد. والبحرين هي محطة الطائرة التي أركبها لأول مرة في حياتي من مطار الظهران إلى المحرق في غضون 10 دقائق فقط بين الإقلاع والطيران والهبوط في السبعينيات الميلادية الماضية،!! ومن بين الكتب التي كنت قد جلبتها في منتصف السبعينيات كان أحد دواوين عملاق البحرين، وأعلامها الشاعر الراحل إبراهيم العريض والد الزميلة الشاعرة الدكتورة ثريا العريض، وكان ديوانا صغيرا كتبه الشاعر على شكل (تواشيح) أندلسية جميلة سماه (قبلتان)، وديوان شعر آخر مكتوب باللهجة المحلية للشاعر البحريني ابراهيم بو هندي اسمه (أحلام نجمة الغبشة)، والغبشة هي وقت السّحَر باللهجة الخليجية. وهنا أتذكر عددا من الأغنيات البحرينية التي غناها بعض المطربين كمحمد حسن ومحمد المحرقي وابراهيم حبيب وأحمد الجميري، كأغنية (خضر نشلج على عودش) و(أحطك في قلبي واقفله قفلين)، (هيا هيا يا بَلاَم، عليك الله اشلون تنام)، وغيرها. وأخيرا تشعر بأن البحرين هي ذلك البيت الصغير/الكبير الذي تجد نفسك فيه في كل حالاتك، وفي كل وقت.