حتى وقت قريب بذل المصنعون الروس ما في وسعهم لاخفاء بضائعهم المنتجة محليا تحت أسماء رنانة تبدو مقاطعها غربية. ونظرا لجهله بمسألة حقوق الملكية الفكرية، أقدم رجل أعمال روسي في خطوة جريئة على طباعة اسم شركة أمريكية كبيرة على سائل لغسيل الصحون من إنتاج شركته مسبوقا بكلمات كتبت بحروف صغيرة باللغة الانجليزية (صنع دون مشاركة). لكن الوضع تغير اليوم وأصبح شراء المنتج الروسي أمرا شائعا ويبذل المصنعون قصارى جهدهم للتأكيد على المنشأ المحلي لمنتجاتهم حتى وإن كانوا لم يتقنوا لعبة الاسماء بعد. و طرحت في الاسواق عبوات من (الكولا الروسية) مزينة بنجمة حمراء وتباع تحت شعار (مشروبنا الكولا من أجل شعبنا). ويقول المصنعون إن المشروب هو للمستهلكين الذين "يحبون بلدهم ويعتقدون في المستقبل". وقبل عقد فقط كانت كلمة "صنع في روسيا" كافية بتنفير المتسوقين المقتدرين ماليا. فبعد أن تحمل الناس بضائع سوفيتية رديئة لاجيال فإنهم كانوا يتوقون لكل ما هو غربي. فمن الذي يرغب شراء شوكولاتة من نوع "أكتوبر الاحمر" بينما تتوافر شوكولاتة كادبوري. وبعد أن وجدوا أنفسهم فجأة غير قادرين على المنافسة وبارت بضائعهم، أفلس الكثير من المصنعين الروس. ولم تفلح حتى الحملة النشطة "اشترى المنتج الروسي" خلال حكم الرئيس السابق بوريس يلتسن عام 1996 في وقف هذا الاتجاه. لكن مع خفض قيمة الروبل الروسي في خضم الازمة المالية عام 1998 بدأت البضائع الروسية تزحف مرة أخرى إلى الارفف وتضاعفت أسعار السلع المستوردة أربع مرات بين عشية وضحاها ولم تعد في مقدور معظم الروس. وفي خضم هذه الازمة المالية دخلت شركات روسية جديدة إلى حلبة المنافسة وأصبحت قادرة على مواجهة الشركات الدولية. كما أدرك الكثير من الروس أنه ليس من الضروري أن يكون المنتج الاجنبي هو الافضل وأن البضائع المصنعة محليا غالبا ما تكون مقبولة. وقال فلاديمير يستاييف رئيس المنظمة الروسية للمعلنين "اليوم إذا كانت الجودة متساوية، فالناس يفضلون البضائع الروسية". وذكر روبرت بيكيت مدير التسويق في روسيا لشركة "اهرمان" لمنتجات الالبان "حينما بدأنا استيراد الزبادي إلى روسيا قبل تسع سنوات كانت هناك ميزة أن يكتب كل شيء على المنتج باللغة الالمانية" لكن لم يعد الحال كذلك هذه الايام. وتغيرت الاحوال بعد أزمة عام 1998 وتبنت المزيد من الشركات الغربية سياسة تغليف المنتجات مع التأكيد على استخدام مكونات روسية في المنتج. بل بلغ الامر ببعض المنتجين الان أن يخفوا الطبيعة الاجنبية لمنتجاتهم وراء أسماء تبدو روسية بشكل واضح في معركة لاجتذاب المستهلكين. وتقول جنيفر جالينكامب المتحدثة الصحفية باسم شركة نستله في روسيا الاصل أمر مهم جدا بالنسبة للمنتجات التي يختارها المتسوق الروسي. فلا غرابة حينئذ أن شركة نستله المتعددة الجنسيات حققت نجاحا بطرح نوع جديد من الشوكولاتة غلف ببساطة تحت اسم "روسيا".