الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    مركز الفضاء.. والطموحات السعودية    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    تسجيل «المستجدين» في المدارس ينتهي الخميس القادم    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يحضر احتفالية اليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    اختلاف فصيلة الدم بين الزوجين (2)    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    Google Maps أولوية الحركة لأصدقاء البيئة    الجبير وثياو يناقشان المستجدات الدولية حول حماية البيئة والحد من التصحر    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    السابعة اتحادية..    الإطاحة بوافد وثلاثة مواطنين في جريمة تستر وغسيل أموال ب200 مليون ريال        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    فيصل بن بندر يستقبل مدير 911 بالرياض.. ويعتمد ترقية منتسبي الإمارة    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    رسمياً.. إطلاق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي للمعالجة الآلية للغة العربية    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    دولة ملهمة    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ينفرهم من المدرسة.. وكيف نجعلهم يحبونها؟
من الروضة.. حتى الثانوية
نشر في اليوم يوم 12 - 09 - 2002

ذهاب الاطفال الى المدرسة.. قد يكون تجربة مثرية لهم ذهنيا وعاطفيا واجتماعيا.. او قد تكون تجربة مدمرة لكل قدراتهم ولانسانيتهم. ففي المدرسة يتعرض الطالب، في مختلف الاعمار، الى امتحانات يومية لمدى نضوجه النفسي وقدراته العقلية، ويواجه في كل لحظة تحديا مجهدا لكل قواه وقدراته العقلية. فالمدرسة ليست مكانا لتعلم القراءة والكتابة بصورة عقلية بحتة مجردة من اي تأثيرات اخرى.. بل ان الطالب في المدرسة يضع عقله وقلبه ومستقبله على المحك لمدة تصل الى 14 سنة (اذا حسبنا سني الروضة). فكيف يمر الطلاب بهذا الامتحان الطويل المسمى (المدرسة)؟ وماذا يمكن للآباء ان يفعلوا لهم كي تكون المدرسة مكانا للتعلم والنضوج والنمو الصحي في الوقت نفسه، لمواجهة الحياة الحقيقية.. بعد المدرسة؟
نتساءل عن ذلك، لملاحظتنا نفور اعداد كثيرة من الطلاب، في مختلف المراحل من المدرسة، وعدم رغبتهم الذهاب اليها او في تكملة الدراسة.
ومن المؤكد ان المدرسة ليست المسؤولة الوحيدة عن نفور هؤلاء الطلبة من التعليم، بل تقع المسؤولية بالتساوي على الاسرة ممثلة في الاهل، وعلى عوامل اخرى خارجة عن ارادة الاسرة والاهل والطالب، سنتعرض لها خلال هذا التحقيق.
يؤكد المختصون في علم نفس الانسان عامة، والطفل خاصة، ان تجارب الطفولة بكل انواعها، تضع حجرالاساس للتوجهات العاطفية والفكرية لدى الانسان فيما بعد، فان كانت التجارب (سعيدة) تكون في داخل الطفل احساسا بالود والايجابية نحو الظروف المحيطة به.
ولعل اهم التجارب التي يمر بها الطفل الى جانب تعلمه المشي والكلام.. وظهور الاسنان وغيرها، هي تجربة الذهاب الى الروضة.. والانفصال عن امه عدة ساعات في اليوم.
فهذه التجربة قد تجعله يحب المدرسة والتعليم والدراسة فيما بعد.. او تجعله يكره كل ما يمت بصلة للمدرسة والتعليم بصلة، وبالتالي يشب طالبا كارها للمدرسة متخلفا في دراسته.
ويعتبر الذهاب الى الروضة حدثا كبيرا في حياة الطفل، ونقلة مفاجئة مخيفة من امان البيت وألفته الى غربة الروضة، مما يثير مخاوف الابتعاد عن الام والدخول في عالم جديد غريب بمبانيه والعاملين فيه.
ولابد ان كثيرا من الاهالي يحملون ادراكا كافيا لأبعاد دخول الطفل الى الروضة او المدرسة للمرة الاولى، ويعلمون اهمية تعريف الطفل بما سيحدث له بعد الاجازة الصيفية، بل ان كثيرا من الامهات وكذلك الآباء يأخذون اطفالهم الى مبنى المدرسة اكثر من مرة، كي يعرفه الطفل ويألفه، وهو يمسك بيد امه، قبل ان يبدأ ذهابه بمفرده فيما بعد.
ولكن مهما حضرنا للطفل، وعرفناه وطمأناه، فان الاسبوع الاول من بداية الدراسة او الذهاب للمدرسة يظل صعبا ومؤلما للطفل والام على السواء. وستجد الام نفسها في كثير من الايام مضطرة للبقاء مع ابنها داخل المدرسة اطول مما كانت تتوقع. او قد تفاجأ به في أحد الايام يرفض الذهاب الى المدرسة. وتستغرب غاضبة، متى سيعتاد المدرسة ويتوقف عن البكاء، وكأنه يذهب للمرة الاولى؟ بل لماذا يبكي ويتمسك بها وكأنه ذاهب الى غرفة التعذيب؟!
بالنسبة لابن الرابعة يبدو ابتعاده عن أمه عدة ساعات كالدهر، وكأنه بلا نهاية، فاحساسه بالوقت غير موجود من الاساس، وهو لا يعرف ماذا تعني الثلاث ساعات او غيرها، كل ما يعرفه انه يريد ان يبقى مع امه وان ابتعاده عنها يخيفه ويشعره بالوحدة والغربة وكأنه سيموت.
هل ينتهي هذا الخوف.. وكيف؟
تقول الاستاذة (فوزية البدر) مديرة مدرسة شاملة لجميع المراحل: ان خوف الطفل من المدرسة في بداية العام الدراسي شيء طبيعي، ويجب ان تقدره الام وتتعاطف معه بقدر الامكان، والا تحاول استفزاز طفلها بقول: (انك جبان) او (انت رجل ويفترض بك الا تبكي).. في الحقيقة انه طفل صغير لا حول له ولا قوة.. وخوفه حقيقي وليس تمثيلا، وكونه جبانا او ضعيفا شيء طبيعي في هذه المرحلة من العمر.
وتضيف الاستاذة فوزية: اذا تقبلت الام حقيقة ان خوف الطفل من الانفصال عنها هو امر طبيعي، فانها ستتعاطف معه وتعامله برفق وحنان. وأنصح الامهات بأن يرافقن أطفالهن الى المدرسة في البداية والبقاء معهم قليلا من الوقت في الفصل حتى يطمئن الطفل. ومع الايام سيتأكد الصغير ان ابتعاده عن امه ليس ابديا، فهو يراها كل يوم مع نهاية الدوام. وهذا سيطمئنه، ويجعله يكف عن خوفه من الذهاب الى المدرسة.
وتشير الى ان بعض الامهات يتصرفن ويتفاعلن مع خوف الطفل وبكائه بطريقة تجعله اكثر خوفا وترددا، مثل هؤلاء الامهات، يكن رافضات لفكرة الانفصال عن الطفل، ويجدن صعوبة في مفارقة اطفالهن لاول مرة.
لذلك يتوجب على الام ان تلاحظ ما اذا كان كره الطفل للروضة سببه هي ام التجربة نفسها. وهنا تدعو البدر الامهات الى الاقتناع بضرورة اعداد الطفل وتشجيعه على الانفصال عنهن لساعات من اليوم، فذلك ضروري لسلامة نموه العاطفي والاجتماعي.
دور المعلمة مهم ايضا
وتتحدث الاستاذة فوزية البدر عن دور المعلمة في (تحبيب) الطفل بالروضة وتشجيعه على الحضور باستمرار، وذلك بان تستقبل المعلمة الطفل ببشاشة وابتسامة، لان الانطباع الاول الذي يكونه الطفل عن المعلم له تأثير قوي في تكوين مشاعره نحوه ونحو المدرسة فيما بعد.
كذلك يجب على المعلمة ان تراعي قدرات الطفل وتكوينه النفسي المتميز عن باقي الاطفال، وان تعطي لكل طفل الاهتمام الذي يحتاج اليه بقدر الامكان، والا تفرق في معاملتها للاطفال لاي سبب من الاسباب. ومن المهم جدا ان تعامل المعلمة الطفل باهتمام، فترد على اسئلته وتستمع اليه وتسمح له بالتعبير عن رأيه باحترام وصبر وتعطيه فرصة اختيار النشاطات التي يحب القيام بها، بمعنى آخر يجب ان تجعل المعلمة اليوم الدراسي ممتعا ومشوقا وسعيدا.
وتؤكد البدر على ضرورة الحذر في معاملة الطفل في مرحلة الروضة، فهي المرحلة التي يتم اثناءها اعداده لدخول المدرسة الرسمية فيما بعد، فان كانت تجربته في الروضة سيئة، فسيحمل مشاعر سلبية نحو المدرسة عامة فيما بعد.
المدرسة ليست سجنا للعقاب
وتوجه (هدى عبدالله) اخصائية اجتماعية النصائح الى الاهل بعدم ربط الروضة او المدرسة بالعقاب في اذهان الطفل سواء عن قصد او غير قصد، فمثلا تقول الاستاذة هدى: كثير من الامهات يتأففن من شقاوة اطفالهن ويقلن لهم في لحظة غضب: متى تفتح المدرسة واخلص منكم؟!.. او: غدا تبدأ الدراسة واتخلص منكم ومن مشاكلكم!.. ان مثل هذه العبارات تحمل مفاهيم سلبية عن المدرسة او الروضة وتعطي الطفل صورة قاتمة، وكأن ما سيذهب اليه هو مكان لعقابه على شقاوته.. كالسجن الذي سيحد من لعبهم ونشاطهم وسعادتهم التي يجدونها في البيت.
وباختصار يمكن القول ان التهيئة المناسبة من قبل الاسرة هي التي تقوم على خلق الدوافع والرغبات عند الأبناء ازاء هذه المجتمعات الجديدة.
وتضيف الاستاذة هدى: اما بالنسبة لعامل التقبل، فتقع المسؤولية في معظمها على العاملين في مرحلة رياض الأطفال والمدارس بشكل عام، اذ ان الأطفال في المراحل المذكورة في امس الحاجة الى من يأخذ بيدهم ويعاملهم بلطف، ويخلق جوا من المحبة والطمأنينة بين الأطفال بعضهم البعض، ويشعرهم جميعا بالحب والحنان.
ويتم ذلك بحسن معاملتهم. اما الصراخ واستخدام المسطرة للضرب وكثافة الواجبات والثورة الانفعالية من قبل بعض المدرسين والمدرسات والاخصائيين والاخصائيات الاجتماعيين، يعمل على تنفير الاطفال من الروضة او المدرسة.
ولاريب ان التكامل مطلوب بين المهمة الملقاة على عاتق الاسرة، والمهمة الملقاة على عاتق الروضة او المدرسة في عملية التهيئة المطلوبة، واذا ما تحقق ذلك بالتكامل فانه سينعكس بصورة ايجابية ويخلق الدوافع والحوافز في نفسيات الطلبة نحو التعليم بشكل عام.
وحتى يمكن خلق مشاعر ايجابية داخل الطفل نحو المدرسة في المراحل المتقدمة، كالمتوسطة والثانوية، لابد اولا من معرفة الاسباب التي تؤدي الى نفور الطالب من المدرسة وتجعله متكاسلا ضعيف الدافعية نحو التعلم والتحصيل.
وحول اسباب نفور الطالب من المدرسة، يقول الدكتور وليد الحميد دكتوراة في علم النفس التربوي:
(هناك عدة أسباب تؤدي الى كره الطالب للمدرسة او الخوف منها، وتتفرع هذه الاسباب الى ثلاثة فروع : اولها اسباب نفسية والتي تتمثل في اكتساب الطالب خبرات سيئة ناتجة عن المعاملة غير الجيدة من قبل بعض المدرسين، مما يجعل الطفل يعمم مشاعره على عامة المدرسين، وبالتالي تنمو في داخله بذور الكراهية نحو المدرسة، كذلك خوف الطالب في البداية، اي في طفولته، من فقدان حب الوالدين والرعاية التي اعتاد عليها، خصوصا اذا كان مدللا، فذهابه الى المدرسة يحرمه من هذا العطف والدلال. وكذلك اذا كان كلا الوالدين او احدهما من النوع المتسلط والذي يستخدم العقاب البدني مع الطفل، فان الطفل بدوره يضمر الكراهية ازاء الاب او الام، ولكنه يخشى اظهار هذه الكراهية درءا للعقاب، وعندما يذهب الى المدرسة فانه يكره المدرس كبديل للاب، حيث ان المدرس هو الذي يمارس السلطة في الفصل الدراسي، وهو ما يسمى في علم النفس ب (الابدال). وكذلك من الاسباب النفسية التي قد تؤدي بالطفل الى كره المدرسة، تعرض الطفل للسخرية من أقرانه في المدرسة نتيجة لعاهة جسدية او كونه ينتمي لبيئة متدنية سواء من النواحي الاقتصادية او الاجتماعية او كونه ينتمي الى أم اجنبية او أب اجنبي، ما يجعله يكره المدرسة ويرفض الذهاب اليها.
وقد يخاف هذا الطالب احيانا من التلاميذ الآخرين نتيجة قسوة معاملتهم له، ما يشعره بأنه غير مرغوب فيه مما يؤدي الى كره المواقف التي تجمعه بهم، وبالتالي من الطبيعي ان يكره فصله والذهاب الى المدرسة بشكل عام).
أسباب أسرية
ويواصل الدكتور الحميد حديثه عن الاسباب قائلا:
(هناك اسباب اسرية قد يتسبب فيها الوالدان او أحدهما، ومنها تذمرهما بشكل مستمر من متطلبات الدراسة امام الطفل، وربط هذه المتطلبات بالمشكلات المادية للاسرة، مما يجعل الطفل يشعر بالقلق وعدم التكيف مع المدرسة. كذلك بعض الاسر تعتبر مستوى التحصيل الدراسي المحك الاساسي في الحكم على سلوك الطفل ومعاملته، ما يجبر الطفل على محاولة تحسين وضعه الاكاديمي والانهماك في هذه الحالة، فان الطفل قد يكره المدرسة، خصوصا اذا تعرض لموقف فشل وهو امر طبيعي يتعرض له كل الطلبة.
وهناك نقطة مهمة تتعلق بالاسباب الاجتماعية وتأثير الاسرة على نفسية الطفل، وهي المشاحنات المنزلية التي تخلق لدى الطفل حالة من عدم الاستقرار العاطفي وعدم الشعور بالامان، ما يتسبب في عدم انتباهه وتركيزه على دراسته، وقد يصاب بالسرحان، وفي نهاية المطاف، خصوصا اذا نال التوبيخ من المعلم، فانه يكره المدرسة. وهناك سبب آخر لايقل اهمية الا وهو فقدان احد الوالدين او غيابه بصورة متكررة لفترات زمنية طويلة عن المنزل، ما يجعل الطالب يعيش في حالة قلق وعدم الاستقرار الانفعالي لحاجته الماسة لابويه. كذلك، يؤدي عدم تلبية الاسرة لاحتياجات الطفل المدرسية اسوة بزملائه في الفصل، الى الاحساس بالدونية والاهمال، وهذا الاحساس يخلق لديه كرها للمدرسة.
كذلك تسبب ولادة طفل جديد في الاسرة ونقص اهتمام الوالدين به، في القلق لديه، حيث انه يلجأ الى اساليب معينة للفت الانتباه، مثل ادعاء المرض كي يمكث في البيت.
أسباب مدرسية
وهناك الاسباب المدرسية او المتعلقة ببيئة المدرسة، وهي لاتقل اهمية عن الاسباب السابقة، ومن اهمها الرسوب المتكرر في نفس الفصل، ما يجعل الطالب يشعر بالاحباط ويعرضه للسخرية من الآخرين، واحيانا يصدر هذا الامر من المعلم، ما يثبط عزيمة الطالب. وهناك اهم سبب وهو عدم حب الطالب للمدرس، بسبب سوء معاملة المدرس له، وتعرضه لمواقف غير محببة من قبل المدرس لم يعتد عليها في الاسرة.
واستخدام المعلم لاسلوب التهديد والعقاب، ما يجعل الطالب يخاف وينفر من المادة الدراسية، كذلك عدم مراعاة بعض المدرسين لبعض الحالات الخاصة من الطلاب الذين يعانون مشكلات نفسيةاو صحية او اقتصادية، وعدم استخدام المدرسين الوسائل التعليمية والاساليب التدريسية الحديثة والمناسبة التي تراعي سن الطالب وما ينتج عنه من عدم استيعاب الطفل لبعض المواد وبالتالي يشعر بالحرج والخوف.
كذلك فان التغيير المتكرر للمدرسة يسبب للطالب شعورا بعدم الاستقرار النفسي والدراسي، ويخلق لديه الكثير من التوقعات المقلقة، ما يؤدي الى خوفه من الذهاب للمدرسة.
ثم هناك متاعب المواصلات، مثل المكوث في الباص فترات طويلة للذهاب والاياب من المدرسة الى المنزل وما قد يصاحب ذلك من مشاكل مع باقي الطلبة في بعض الاحيان، كالمشاجرات والعنف، ما يؤدي الى قلق الطالب ويجعله يحجم عن الذهاب الى المدرسة).
وفي الاتجاه نفسه ترى الدكتورة واستاذة علم النفس أميرة النهال، ان لنفور الطفل من المدرسة أسبابا نفسية ذاتية واسرية، تجعله يكره الذهاب الى المدرسة مثل:
معاناة الطالب الخجل والحساسية المفرطة او عدم الثقة في النفس.
ضعف الدافعية الدراسية الناتجة عن عدم الاحساس بأهمية التعليم.
صعوبات التحصيل المدرسية والتي تكون ناتجة عن مشاكل متصلة بالعمر الزمني والعقلي الذي لايتناسب مع المواد التدريسية، او مواجهة صعوبات في التعلم بسبب ضعف النظر او عدم القدرة على التركيز والتذكر لاسباب فسيولوجية.
الخوف من التهديد والعقاب في حال التقصير الدراسي، وتعتبر هذه من اهم اسباب نفور الطلبة من المدرسة.
كيف نحببهم في المدرسة؟
يتفق المختصون على ان تهيئة جو أسري مستقر ومحبب للطالب، اضافة الى حل المشاكل التي تعيق تحصيله الدراسي ومعالجة المواقف المنفرة التي يتعرض لها الطالب في المدرسة هي الوسيلة المضمونة لجعل المدرسة مكانا ممتعا يحب الطالب الذهاب اليه كل يوم، وحول ذلك تقول الدكتورة أميرة:
(حتما اذا زالت الاسباب المؤدية الى النفور، زال النفور من المدرسة، واقبل الطالب عليها بمحبة، ولكن للاسرة دورا كبيرا في جعل الطالب يحب المدرسة ويقبل عليها، وفي مساعدته على التفوق الدراسي فيما بعد. وهذا يتحقق بتوفير الجو الاسري الهادئ المستقر البعيد عن المشاحنات، وعدم الضغط على الطالب لتحقيق ما هو فوق قدراته التعليمية، وبالتالي انصح الوالدين بعدم اظهار القلق الزائد ازاء تحصيل الابناء، وعدم القسوة في عقابهم عند عدم تحقيقهم المستوى المطلوب).
وتضيف الدكتورة أميرة : (من المهم ان يكون الوالدان قدوة حسنة لابنائهما من حيث الالتزام والمثابرة سواء في اعمالهم خارج البيت او داخله، فذلك من شأنه ان يخلق داخل الطالب حب العمل ومبدأ الالتزام والاجادة.
كذلك يجب على الوالدين اختيار المدرسة المناسبة وعدم تغيير المدرسة بصورة متكررة، وضرورة الاهتمام بالترويح عن ابنائهم، وعدم حرمانهم من الهوايات المفيدة بحجة ضيق الوقت واهمية المذاكرة بل يجب الاهتمام بميولهم وتشجيعهم على اشباعها، ومن الضروري توفير اجواء مناسبة للمذاكرة سواء من حيث المكان او الهدوء.
كذلك يجب توفير الفرص للطفل كي يعبر عن آرائه ومشاعره، واحترام ذلك حتى نزرع الثقة في نفسه. ولاننسى اهمية التواصل بين البيت والمدرسة لمتابعة الابن بشكل مستمر، لان جهود المدرسة وحدها لن تثمر في تقدم الطفل دراسيا.
وفي حال خوف الطفل من المدرسة يجب البحث عن الاسباب الحقيقية بالتعاون مع الجهات المختصة كالمعلم والاخصائيين الاجتماعيين او النفسيين، لان عدم مواجهة الخوف من المدرسة يزيد من تفاقم المشكلة ويقود الى مشاكل أخرى خطيرة.
الاقناع والحب والمكافأة
وترى الدكتورة أميرة انه رغم صعوبة معرفة كل اسباب نفور الطالب من المدرسة وبالتالي كيفية حلها، الا انه يمكن التخفيف من حدة المشكلة الى حد بعيد وتغيير مشاعر الطالب وتوجهاته نحو التعليم والدراسة. وهذا كله لايتحقق الا بالتعاون بين الاسرة والمدرسة، فكل له دور في زرع التوجهات الايجابية داخل الطالب نحو المدرسة، ويمكن تلخيص دور الاسرة في التالي:
التحادث مع الطالب بشكل مستمر واقناعه بأهمية التعليم كعامل اساسي لبناء الانسان، وبأهمية مرحلة الدراسة كمرحلة لاعداده للمستقبل بالصورة المناسبة، وان المدرسة هي الطريق الوحيد للحصول على الشهادة.
اظهار الحب والتشجيع للابن، ودعمه دعما كاملا واحترام آرائه، وشخصيته حتى في حالة فشله الدراسي.
وضع الاهداف الواقعية للابن الطالب حتى يمكن من الوصول اليها وتحقيقها وكي لا يتكون داخله الاحساس بالفشل والتقصير في حال عدم تمكنه من تحقيق الاهداف المطلوبة منه. بل اذا وضعنا له اهدافا واقعية ونجح في تحقيقها تولد لديه الشعور بالقدرة والتفوق.
اما بالنسبة للمدرسة، فكما تقول الدكتورة أميرة النهال، فيتوجب عليها الآتي:
اكساب الطلبة المهارات الاساسية في التعليم النشط وحل المشكلات المرتبطة بالمدرسة من خلال نماذج عملية.
الاعتماد على اسلوب المكافأة (المعنوية والمادية) على التحصيل والتعليم الحقيقي، وذلك من خلال المعلمين خاصة.
تكوين جو مدرسي عام قائم على التواصل المباشر بين الادارة والطلاب والمدرسين واولياء الامور. وهذا سيسهل عملية ابداء الرأي ويزيد من روابط الالفة والاطمئنان في نفس الطالب.
وبصورة عامة فان الخبرات الاولى للطفل في المدرسة لها آثارها الكامنة في حب المدرسة او كرهها فيما بعد، وكما يقولون : (اتق أزمة الابتداء).
لماذا يكرهون المدرسة.. أو يحبونها؟
ريم بدر الودعاني، تدرس في الصف الاول التمهيدي بمدارس دار الطفولة الخاصة، تحب مدرستها وتتحدث عن اسباب حبها لمدرستها فتقول : (في مدرستي أرتب الارقام، وألون، وألعب بالمعجون، وعندما نرغب في اللعب في الحديقة نكمل واجباتنا حتى تسمح لنا المعلمة بذلك، وانا احب اللعب كثيرا في الحديقة).
عبدالعزيز الشمري، يدرس في الصف الرابع بمدارس منارات الشرقية الخاصة يقول: (احب في المدرسة الرياضة وخصوصا كرة القدم، واحب حصص القرآن والتوحيد والقراءة واحب الصف الرابع لانني ادرس فيه لاول مرة التاريخ والجغرافيا والقواعد).
وحول الاشياء التي يكرهها في المدرسة يقول عبدالعزيز:
(اكره الاولاد (القذرين).. ولكن صفي نظيف وكذلك زملائي، واكره بعض الاولاد (المتكبرين) في الصفوف الاعلى منا، ولا احب الشجار.
محمد الشمري، يدرس في الصف السادس يقول:
(احترام المعلم للطالب يشجعه على الذهاب للمدرسة، وايضا الطلاب المحترمون.. وهذا ما احبه في مدرستي.
ويضيف:
(من الحصص التي افضلها، حصص الرياضة والفن). وحول الاشياء التي يكرهها محمد في المدرسة قسوة المعلم بلا سبب يستدعي ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.