سعدتُ وتشرفت بأنني كنت ضمن الوفد المرافق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته لبريطانيا، وكانت بكل تأكيد تجربة مفيدة ومثمرة للغاية، فقد تضمن جدول الزيارة نواحي عدة، وملفات متعددة، ولكننا سنركز على الملفات الاقتصادية، أو أننا سنتحدث عن الزيارة برؤية اقتصادية مختلفة، ولكن قبل الحديث عن الجوانب الاقتصادية للزيارة فإنني كنتُ شاهدا على بعض المظاهر التي صاحبت الزيارة ترحيبا بضيفها الكبير، حيث ازدانت شوارع لندن بالصور واللافتات الضخمة التي تحمل اسم وصورة الأمير محمد بن سلمان تعبيرا عن التقدير والترحيب لضيف لندن الكبير. وقبل الخوض في تفاصيل الزيارة من الناحية الاقتصادية يجب أن نركز على بعض النقاط الهامة: - يقدّر حجم الاستثمارات البريطانية في السعودية حتى فبراير 2018، بنحو 12.5 مليار ريال «3.3 مليارات دولار»، كما يبلغ عدد المشروعات البريطانية 374 مشروعاً تتنوع بين مشروعات خدمية وصناعية وعقارية وعلمية وفنية وتراخيص مؤقتة. - يستحوذ القطاع الخدمي على غالبية هذه الاستثمارات ب285 مشروعاً بتمويل استثماري يبلغ نحو 3.7 مليارات ريال. - بلغت المشروعات الصناعية البريطانية في السعودية 57 مشروعاً بتمويل استثماري بلغ نحو 7.9 مليارات ريال «2.1 مليار دولار»، ومشروعات التراخيص المؤقتة ب19 مشروعاً بتمويل استثماري بلغ نحو 7 ملايين ريال، ثم المشروعات التجارية بعدد خمسة مشروعات بتمويل استثماري بلغ نحو 852 مليون ريال، والمشروعات العقارية بمشروعين وبتمويل استثماري بلغت قيمته 3 ملايين ريال، كما تم الترخيص لخمسة مكاتب علمية وفنية. - منحت الهيئة العامة للاستثمار 22 ترخيصاً استثمارياً لشركات بريطانية خلال عام 2017 بحجم تمويل بلغ 11.5 مليون ريال، جاء معظمها في القطاع الخدمي بعدد 15 ترخيصاً وبحجم تمويل بلغ 9.4 ملايين ريال، في حين بلغ عدد التراخيص في القطاع الصناعي في العام ذاته ثلاثة تراخيص بإجمالي تمويل 1.1 مليون ريال، وعدد التراخيص المؤقتة ثلاثة تراخيص بإجمالي تمويل بلغ مليون ريال. في هذا الإطار يجب أن نشدد على أن ولي العهد قد أرسى قواعد من التعاون المشترك بين الدولتين الصديقتين سواء على الصعيد السياسي، أو الاقتصادي، أو التعايش الديني بين الثقافات المختلفة، وتعد زيارة الأمير محمد بن سلمان مرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية، في بداية تحوّل مهم في توجه المملكتين، إذ تنفذ مملكتنا الحبيبة «رؤية 2030»، في حين تتحرر بريطانيا من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي. بيد أن هذه الزيارة التاريخية عززت العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الطرفين التي تتطابق في كثير من الأحيان، حيث دشن الأمير محمد بن سلمان مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «مجلس الشراكة الإستراتيجية» البريطاني – السعودي، واتفق الجانبان على العمل لرفع حجم التجارة والاستثمار إلى 65 مليار جنيه إسترليني «نحو 80 مليار دولار» في السنوات المقبلة، بما يشمل الاستثمار المباشر في بريطانيا ومشتريات عامة سعودية جديدة من شركات في المملكة المتحدة، وهذه الاستثمارات ستشمل عدة قطاعات، بينها التعليم والتدريب والمهارات، والخدمات المالية والاستثمارية، والثقافة والترفيه، وخدمات الصحة وعلوم الحياة، والتكنولوجيا والطاقات المتجددة والصناعات الدفاعية، وستشكّل دفعة مهمة لازدهار المملكة اقتصاديا واستثماريا، ودلالة واضحة على الثقة الدولية القوية في اقتصادنا الوطني. تلا ذلك لقاء بين سمو الأمير والوفد مع وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند، يرافقه الرؤساء التنفيذيون لكبرى الشركات البريطانية، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتنموية والفرص الواعدة بشأنها وفق رؤية السعودية 2030. ختاما.. وخلال الزيارة الموفقة جدا يجب أن نؤكد على نقاط تم استشعارها لدينا جميعا أعضاء الوفد المصاحب لولي العهد الأمين، إن العلاقات بين المملكة وبريطانيا بنيت على أسس من التعاون والمصالح الثنائية بين الجانبين، إذ تعد المملكة شريكاً مهماً لبريطانيا، كونها أحد أهم مصدري حزمة من المنتجات المتنوعة للمملكة، مثل السيارات والأجهزة والمعدات الكهربائية ومنتجات الصيدلة، بينما تعد السعودية أهم مصدري المنتجات المعدنية واللدائن ومصوغاتها، والورق المقوى، والألمنيوم ومصوغاته، والمنتجات الكيميائية للسوق البريطانية، ويجب أن نشير إلى أن الزيارة تحمل في طياتها الكثير من الأهداف على المستويين السياسي والاقتصادي، ولا سيما أنها تأتي في ظل تغيير دراماتيكي ونشط ومتسارع في السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، ويقود أميرنا الشاب في ظل رعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظهما الله ورعاهما - حملة كبيرة في مكافحة الفساد وهدر المال العام في الداخل، وهيكلة كبيرة للوزارات ومفاصل الدولة المتعددة، وحملة إصلاح وتغيير شاملة تتصدرها رؤية واعدة وطموحة بإذن الله.