نقرأ ونسمع ونشاهد بين الحين والآخر مقولة: إن المعلم قلّ تقديره واحترامه في المدرسة والشارع والمجتمع، ولم يكن كما كان سابقا «مقدرا، محترما، مقدما في كل شيء». وتعول هذه العبارات إلى أن التعليم -ممثلا في وزارة التعليم وإداراتها- هي السبب، والبعض الآخر يحمّل البيت أو المجتمع هذا القصور، وتناسينا أن المكون الاجتماعي لهذه البلاد الطاهرة متشابكٌ، ووجوده في كل المجالات أمر طبيعي، والعمل فيه وفي كل المجتمعات تكاملي كحلقات الدائرة المترابطة، كلٌّ له دور يقوم به لتكتمل في النهاية الصورة الجميلة لأي عمل، وبالذات العمل التربوي والتعليمي. وتناسينا أن فئات التعليم هي «أنا وأنت وهم وهن وهؤلاء وأولئك»، وأيضا أن الطلاب والطالبات هم «أبنائي وأبناؤك وأبناؤكم وأبناؤهم»، بل وتناسينا أيضا أننا نحن كآباء وأمهات ما نبذره اليوم في أبنائنا وبناتنا من القيم الأصيلة والأخلاق الحميدة سنحصده غدا «سلبا كان أم إيجابا»، سواء كنا معلمين أو معلمات، موظفين أو موظفات، عاملين أو عاملات، آباء أو أمهات، طلابا أو طالبات. ولهذا، فنحن جميعا مسؤولون أمام الله -سبحانه وتعالى- أولا وآخرا، ثم أمام المجتمع والمؤسسات التعليمية بصفة خاصة، كلٌّ من موقعه «من أعلى الهرم إلى أسفل القاعدة» والعكس صحيح. ويجب أن ندرك أن سلوك الطالب أو الطالبة في المدرسة هو انعكاس طبيعي لما يلقاه ويتعلمه من الوالدين في البيت، مع علمنا سلفا بأن الكمال لله، وعلى كل منا إذا أردنا أن يستقيم العمل أن يقوم بدوره على الوجه الأكمل، ومتى ما قام كل منا بدوره ستجد الأمور أخذت موقعها الحقيقي، وأصبح لكلٍّ احترامه وتقديره، سواء كان معلما أو معلمة، موظفا أو موظفة، عاملا أو عاملة، أب أو أما، طالبا أو طالبة، ولن تكتمل الصورة الجمالية لهذه القيم الأصيلة والأخلاق الحميدة إلا عندما يتحمل كل منا مسؤوليته ويقوم بدوره. أما أن نقف متفرجين، ونحمّل الآخرين أخطاءنا، ولا نقوم بأدوارنا، ثم نطلب من الآخرين الكمال والقصور فينا، فهذا أمر لا يجب أن يكون. وقديما قال الشاعر أبو الأسود الدؤلي: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم فإذا كنّا نقدر المسؤولية، فحري بنا أن يقوم كلٌّ منا بدوره على أكمل وجه «الأب، الأم، المعلم، المعلمة، المسؤول، المجتمع»، حتى يكون التكامل الإيجابي الذي ننشده جميعا، وينعكس على كل منا بالدرجة الأولى، ثم على المدرسة والمجتمع، فلن تجد طالبا لا يحترم ولا يقدر معلمه، وفي الوقت نفسه يقدر ويحترم والديه إلا ما ندر. هل نراجع أنفسنا لنكون على قدر المسؤولية، ويقوم كل منا بدوره؟ أم نترك الأمور كما هي عليه؟ أجزم أن الأمر لزام علينا جميعا، فبمثل ما تؤدي الأمانة بصدق وإخلاص، تأكد أن ثمرتها ستعود إليك، ولو بعد حين، والعكس صحيح، الأمر لكم ويعنيكم.