أفاق "المتحوثون" على وقع انتصارات الشرعية اليمنية بعد أن أهجعتهم البراجماتية تحت راية جماعة الحوثي المتمردة التي انضووا تحت رايتها بحسابات خاطئة. ويدور في اليمن اليوم تساؤل عن مصير من يطلق عليهم"المتحوثون"، وهم الجماعات والأفراد الذين انضموا إلى الحوثيين دون أي ارتباط أيديولوجي، أو تبنّ للفكر الديني الذي يسيّر الجماعة، مشكلين بذلك كتلة بشرية مترنحة، قادتها البراجماتية الصرفة إلى واقع خال من الخيارات. وينقسم المتحوثون إلى فئات تختلف اختلافا نوعيا في حجم ونوع المصالح، والتوجه، والانتماء، والاحتياج، فمنهم المتحوثون سياسيا، أو قبليا، أو عرقيا، وأخيرا المتحوثون جوعا وفاقة. فيما تتسارع الأحداث في اليمن، وتحقق المقاومة الشعبية المسنودة بقوات التحالف العربي عددا من الانتصارات في معظم محافظات اليمن، يتساءل كثيرون عن مدى استمرار من باتوا يعرفون باسم "المتحوثين" ضمن صفوف الحركة المتمردة، أم سيبحثون عن مظلة أخرى تكفل لهم البقاء في المشهد السياسي. ويعرف المتحوثون بأنهم الأفراد أو الجماعات التي انضمت إلى الميليشيا الانقلابية من خارجها، ولكنها لا تتبنى بالضرورة فكرها الديني الكامل، بقدر ارتباطها معها بالمصالح ارتباطا براجماتيا صرفا، وتشكيل نموذج جديد من المكون البشري لشريحة من الشعب اليمني، لكن هذا النموذج المترنح غير واثق من خياراته كثيرا، فالمصالح المشتركة هي العنوان الرئيس العريض لهذه العلاقة التي قد تكون لها أسبابها ومبرراتها لدى الطرفين على نحو ما يكفل لهما تحقيق أهداف بعينها، وبمعنى أدق التحول إلى أيديولوجيا تعاملات جديدة تخدم طموحات كل طرف منهما. وينقسم المتحوثون إلى فئات تختلف اختلافا نوعيا في حجم ونوع المصالح، والتوجه، والانتماء، والاحتياج، فمنهم المتحوثون سياسيا، وهم طبقة سياسية نخبوية، تستقيم مصالحها وتزداد قوتها السياسية بالتحالف مع طموحات المتمردين، ويأتي في مقدمتهم كثير من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، ويشكلون الأغلبية في المشهد السياسي اليمني، ولا يحتاجون سوى لغطاء يتحركون تحته لتنفيذ مخططاتهم الرامية للاستيلاء على السلطة مجددا في اليمن، بعد أن أجبروا على التنازل عنها في عام 2011، وقد وجدوا ضالتهم في الجماعة، وفي مقدمة هؤلاء المخلوع علي عبدالله صالح، وسلطان البركاني، وعارف الزوكا، ومحمد القيرعي، وغيرهم. ويأتي بعدهم طبقة السياسيين من الأحزاب الأخرى - وهم أقلية تبحث عن دور لها في ظل اختلاط الأوراق، ويمثلون قيادات بعض الأحزاب الصغيرة، مثل حزب العدالة والبناء، والحزب الناصري، وحزب البعث، وبعض الاشتراكيين. وهنالك متحوثون قبليون، وهم طبقة مشايخ القبائل، من الطبقة المتوسطة الذين رأوا في التحالف مع الحوثيين قوة لهم، تجعلهم في واجهة المجتمع، بغرض تصفية ثارات وحسابات قديمة، أو الحصول على مميزات تسهل لهم توفير لقمة العيش للقبيلة، وهؤلاء اعتقدوا أن الطريق إلى استرداد شيء من قوتهم يكمن في التحالف مع الحوثيين، بينما لم يسقط مشايخ القبائل الكبيرة في فخ التحالف مع الحوثيين، ودخلوا معهم في اشتباكات متعددة. أما المتحوثون عرقيا فهم من يزعمون انتماءهم لطبقة السادة، حيث تتعاطف شريحة منهم مع الحوثيين وتدعمهم بالمال والمواقف السياسية، بسبب الفكر العقدي القائم على القول بأحقية آل البيت فقط في الحكم والسياسة، وهذه الفئة تحلم بعودة الملكية إلى كرسي الحكم في اليمن، وتتراءى أمام أعينهم أحلام الإمارة من جديد، وهم حشد مذهبي له أهداف بعيدة المدى، ويبرز منهم على الجانب السياسي علي محمد الكحلاني، وطه المتوكل الذي قتل خلال الأيام الماضية في الحديدة. وهناك أيضا المتحوثون جوعا، وهم مجاميع طبقة الفقراء والمسحوقين الذين أجبرتهم الحاجة على قبول الانخراط ضمن ميليشيات الحوثيين، ليس لوعيهم بالمنهج والأهداف والمخطط السياسي، فهو لا يعنيهم، بل من أجل فتح طرق جديدة للحصول على مصادر مادية تكفل لهم الاستمرار في البقاء على قيد الحياة، ويشكلون أغلبية الفئات في صفوف القوات الميدانية الحوثية.