يشهد العمل الثقافي نموا متزايدا عاما بعد عام نتيجة الاهتمام المتواصل من وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالتها للشؤون الثقافية، ولعل المتابع والمهتم يلاحظ ذلك النمو المطرد والتنوع والشمولية في الأداء وتوسيع دوائر الاهتمام بمختلف شرائح المجتمع من ناحية، والمعارف والفنون والمجالات الثقافية من ناحية أخرى، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع مؤشرات العمل الثقافي في المملكة، من حيث الكم والكيف والعمل على نقل جملة من النشاطات والفعاليات إلى مختلف مناطق ومحافظات المملكة، ويمكن أن أشير هنا إلى جملة من تلك المتغيرات والدلائل على ذلك النمو المتسارع والمتنوع عبر النقاط التالية: على مدى العامين المنصرمين سعد المهتمون بالكتاب بانطلاق جائزة الوزارة للكتاب بمبلغ مليوني ريال لدعم المؤلف وصناعة النشر عبر مختلف المجالات النظرية والتطبيقية والإبداعية، حيث يمنح كل مؤلف مئة ألف ريال، ويتم شراء نسخ من الكتاب الفائز بمبلغ مئة ألف ريال أخرى. ارتفع عدد السلاسل التي تصدرها الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة من أربع سلاسل إلى سبع عشرة سلسلة، متنوعة التخصصات المعرفية، صدرت من بعضها ستة أجزاء ووصل بعضها إلى عشرين جزءا، مثل سلسلة الرواد للناشئة إلى جانب عدد من الإصدارات الأخرى، مثل أصوات شعرية وأصوات قصصية، والدعوة موصولة للأدباء والمثقفين ودور النشر للمشاركة بالتأليف في هذه السلاسل. التوسع في الأيام والأسابيع الثقافية مع التركيز على المحافظات الصغيرة من ناحية وأماكن السياحة الصيفية والشتوية لدعم الحركة الثقافية فيها مثل: أبها، الطائف، الباحة، جازان، نجران، عنيزة، الخرج، حائل، حفر الباطن وسيتم التوجه لمحافظات أخرى ضمن البرنامج السنوي لهذه الفعاليات. زيادة الاهتمام بمعرض الرياض الدولي للكتاب وتوسيع مشاركة دور النشر العربية والعالمية فيه مع الاهتمام بالكتاب والنشر الإلكتروني، وتطوير آليات العرض والبيع فيه مع مشاركات المؤسسات والجمعيات المدنية في الفعاليات. الحرص على استمرارية إقامة ملتقى المثقفين ومؤتمر الأدباء عاما بعد عام لتفعيل حضورهما في المشهد الثقافي وتواصل الأدباء والمثقفين والعمل على نقلها خارج الرياض، حيث سيكون مؤتمر الأدباء في شوال المقبل في المدينةالمنورة. العمل على تأسيس بينالي الرياض الدولي للفنون التشكيلية لانطلاق فعالياته بتميز من ناحية وثبات في التوقيت ضمن روزنامة الوزارة من ناحية أخرى، وقد تم تشكيل عدة لجان لإكمال الأعمال التأسيسية له لضمان نجاحه وتميزه. مواصلة الاهتمام بالفنون التشكيلية عبر المعارض الجماعية والفردية والمعارض المتخصصة للخط العربي والفن التشكيلي المعاصر والنحت والفن الرقمي وغيرها من الأشكال وإقامة المسابقات المختلفة، وتنويع مدن العرض والتواصل بإقامة بعضها خارج المملكة. الدعم المادي والمعنوي للملتقيات السنوية التي تنظمها الأندية الأدبية والحرص معها على تنوعها وتميزها لرفد الحركة الثقافية في مناطق المملكة، فتابعنا خلال العامين الماضيين تنافسا إيجابيا وتنوعا في طبيعة تلك الملتقيات من الأحساءوالباحةونجران وتبوك والقصيم وحائل والجوف وعرعر وجازان، وتوجه عدد من الأندية إلى إقامة ملتقيات جديدة مثل أبها والطائف. تطوير آليات العمل في عملية شراء الكتب ليحصل الكتاب المتميز والملتزم بضوابط النشر ضمن مفهوم صناعة النشر على حقه من الاهتمام وعدم مزاحمة الكتب الضعيفة لها. إعطاء الطفل مزيدا من الاهتمام من خلال مهرجانهم السنوي في الرياض وإقامة فعاليات أخرى في الصيف في عدد من مناطق ومحافظات المملكة، مع توجيه الاهتمام لذوي الاحتياجات الخاصة وتوجيه عدد من الفعاليات لهم في مناطق المملكة من خلال الاستعانة بعدد من الفنانين المختصين في هذا الشأن. إعادة النظر في لائحة الأندية الأدبية عبر لجان مختصة وطرحها للأدباء والمثقفين لإبداء الرأي فيها على شبكة الإنترنت للتوصل للشكل النهائي قبل اعتمادها من معالي وزير الثقافة والإعلام. تفعيل الجمعيات المتخصصة الناشئة ودعمها والتغلب على بعض مشكلاتها التأسيسية لمساعدتها في الاستقلالية والقيام بمهامها المنوطة بها. العمل على زيادة عدد المكتبات العامة وتطوير أدائها وتوسيع دائرة اهتمامها بكافة شرائح المجتمع ضمن مشروع وطني شامل مع استخدام الحاسب الآلي وتوسيع عمليات إسهامها في خدمة المجتمع ثقافيا، وتنظيم لقاءات سنوية لأعضائها والمهتمين بالشأن المكتبي أكاديميا وعمليا. الإسهام في خدمة التراث المادي وغير المادي مع عدد من الجهات ذات العلاقة مثل هيئة السياحة ودارة الملك عبدالعزيز عبر لجان تتولى هذا الشأن. مواصلة حضور الفنون الشعبية والأزياء السعودية في المناسبات المختلفة داخل وخارج المملكة. المشاركة في المسابقات والمناسبات المسرحية والتشكيلية على مستوى الخليج والعالم العربي، وحصد جملة من الجوائز المختلفة من قبل الفنانين السعوديين. هذه بعض النقاط التي عنَّت لي في هذا الشهر الكريم لتسليط بعض الضوء عليها من خلال الجهود المتميزة والمتواصلة لوزارة الثقافة والإعلام في الشأن الثقافي، والطموحات أكبر لمزيد من العمل حال توفر الدعم المادي لميزانية الثقافة عاماً بعد الآخر، وقد أحببت الحديث حول هذا الموضوع لأن هناك من لا يرى لسبب أو لآخر هذه النشاطات المختلفة والنمو المتواصل للعمل الثقافي في بلادنا، مع أنني لا أستطيع تغطية جميع الجوانب والاهتمامات، كما أنني لم أتناول جهود وكالة الوزارة للعلاقات الثقافية الدولية وإنما ركزت على جهود وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، مع يقيني التام بأن هناك طموحات كبيرة لدى المسؤولين لتنمية وتوسيع وزيادة أشكال الاهتمام بالشأن الثقافي وتطوير أدواته وزيادة مخصصاته، وهناك مشروعات كثيرة قيدة البحث والدراسة والاعتماد، مع الحرص على تفعيل آليات التواصل بين المثقفين والأدباء والفنانين والناشرين.