يعكس العنوان مضمون المقال بشكل مبسط، ولكن الذي قد تقرؤه هنا سيغير مفاهيمك عن العنوان. كغيري من مستخدمي وسائل التواصل لاحظت وليس لحادثة معينة قريبة، وإنما لحوادث عدة أخرى، أن مشاهير السوشيال ميديا، أو كما اُسميهم «غثاء الميديا»، أصبحوا جشعين للصعود على الترند حتى في الموت، فقد أصبح الشخص منهم يفعل أي شيء، حتى وإن كان غير إنساني وغير أخلاقي، وربما لا يتوافق مع ديننا، لغرض الحصول على مشاهدات، ولو كان ذلك على حساب صديق عمره الذي لم تصدر بعد له شهادة الوفاة. فتجده تارة يضع صورته في آخر سنابه لجذب المشاهدات، وتارة يبشر، وتارة يدعي الدعاء له مع فبركة لصورته في آخر الفيديو بخط صغير جدًا، لا تكاد تراه العين المجردة. وعند انتشار خبر وفاته يضل يجهش بالبكاء لساعات عدة، إن لم تكن دقائق، ولا نرى له على منصات التبرع أي أثر، بل ربما يذهب إلى أبعد من ذلك، فتجده يعلن للسلع قبل أن ينعى صاحبه لمثواه الأخير. والغريب هو تصدرهم الأخبار بشكل مفرط، حتى أصبح التهافت على التصدر في مثل هذه الأخبار سببًا للشهرة والإعلانات والتوثيق. أنا لا أحزن عليهم، وإنما حزني على صاحبهم المتوفى، الذي امتصوه حتى آخر نفس (أقصد آخر قطرة)، وهذا الأمر يدعونا لترتيب الصداقات، وإعادة الأشياء لمواضعها، فكثيرا منهم انتحى عن أقاربه لصداقات الأسماء الموثقة، والقليل منهم جمع بين الموثق والوثيق، فالوثيق من وثق عرى المحبة والأخوة، والموثق هو من وثق حسابه على منصات التواصل. كذلك على الرغم من الكثير من وفيات المشاهير -رحمهم الله- نادرًا ما وجدنا أصحابهم يتفقدون أهاليهم، أطفالهم، أوضاعهم، فقد تنتهي تلك الصداقة بعد 3 أيام من وفاته، وإن تكلف فقد ينشر رابط تبرع لسقيا الماء بمبلغ زهيد ممن يتابعونه، وتدفعهم العاطفة، وليس منه. عزيزي مشهور الميديا، إن الصداقات التي تبنى على الإعلانات والترندات والتصدر لا تعدو كونها مؤقتة، وصداقة بنيت على «حرف»، فإن أصاب أصحابها الخير استمرت، وإن أصابها الابتلاء انقطعت، وربما ارتدت على أعقابها، وبدأت مسيرة التلاسن والتنافر والمحاكم. عزيزي المشهور، إن ما بني على باطل سينتهي على باطل، وأخلاء الرخاء والإعلان لن يدوموا، وإن أقسموا على ذلك، فحافظ لك على أخلائك من خارج دائرتهم، ولا تجعل الشهرة تغيب عقلك عن استمرار صداقات الود والأخوة. وفي ذلك يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه: أَخِلّاءُ الرَخاءِ هُمُ كَثيرٌ وَلَكِن في البَلاءِ هُمُ قَليلُ فَلا يَغرُركَ خُلَّةُ مَن تُؤاخي فَما لَكَ عِندَ نائِبَةٍ خَليلُ وَكُلُّ أَخٍ يَقولُ أَنا وَفِيٌّ وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ وكما يقول الشاعر فهد المساعد عن صداقات المصالح: حتى رفيقي ضماد الجرح وعلاجه على كثر ما أتمسّك فيه.. صدقني.. لو أدري أنه مرافقني على حاجة لا أمسّكه حاجته وأقول فارقني وفي ذلك أقول من بنات أفكاري: الصاحب الّي ما نفعني وأنا حيّ إن متتّ ماهي نافعتني صلآته والدنيا دروس وعبر فاتعظ، فالسعيد من اتعظ بغيره.. ومع كل ما سبق لا أعمم ولا أُخصص ولكن هذا ما رأيناه فكتبنا عنه.. رحم الله موتانا وموتى المسلمين، وغفر الله لهم.