في كل مرة أكتب فيها مقالًا، أبحث طويلًا عن عنوانٍ يلفت القارئ ويقوده إلى قلب الفكرة. لكنني اليوم، وأنا أهمّ بالحديث عن شخصية استثنائية، ذات تاريخ طويل من الوفاء والمبادئ الراسخة والعشق الخالد للكيان، لم أجد عنوانًا أبلغ ولا أنسب من: (الوليد بن بدر... وكفى). فهذا الاسم وحده يملك ما يكفي من الجاذبية، ويحمل من الدلالات ما يجعل القارئ يعرف مسبقًا أننا أمام رمزيةٍ لا تشبه أحدًا. في عالم الرياضة، حيث تتقاطع المصالح وتتقلب المواقف وتتغير الوجوه، يبقى الوفاء عملة نادرة لا يتقنها إلا رجالٌ خُلّص. وبين تلك الأسماء التي أثبتت حضورها خارج إطار المناصب والضجيج، يبرز اسمٌ يكفي للحديث عن معنى الإخلاص في أبهى صوره: الوليد بن بدر... وكفى. في النصر، وعلى امتداد تاريخه المليء بالأسماء، مرّت وجوه كثيرة، لكلٍ منها بصمته وحضوره. لكن هناك رجالًا صدقوا في عشقهم، لم يتكتلوا، لم يتحزبوا، ولم يطلبوا دورًا أو منصبًا، بل كانوا خلف الكيان... ومع الكيان... ولأجل الكيان. ويبقى اسم الأمير الوليد بن بدر حاضرًا في سجل الأوفياء منذ الحرف الأول في الرواية النصراوية الجميلة. كان - وما زال - وفيًا، ثابتًا، شامخًا، ونموذجًا يُحتذى به في الإخلاص والعطاء. ولست هنا بصدد تمجيد أحد، ولا تلميع صورة، ولا طلب ودٍّ أو مصلحة. فالوليد بن بدر لا يشغل منصبًا تحت قبة الكيان، ولا أبحث عن مكاسب. لكن شخصيةً بهذا القدر من الثبات والإخلاص تجبر القلم على أن يكتب، وتجبر الذاكرة على أن تسترجع، وتجبر العاشق على أن ينطق. نشأنا - كأجيالٍ من النصراويين - ونحن نراه في خدمة الكيان إداريًا وعضوًا ومشجعًا... ظل ثابتًا؛ لم تغيّره المواقع، ولم تبدّله الظروف. كان قريبًا من الجمهور، مبتسمًا لكل من يقترب منه، متواضعًا رغم مكانته، ومخلصًا رغم تعاقب الأزمنة. كان ولا يزال خط الدفاع الأول عن ناديه، مثالًا لعضو الشرف الحقيقي الذي لا يظهر في الانكسارات لينقذ، ولا في الأفراح ليخطف الأضواء. هو مع النصر دائمًا؛ داعمًا، مدافعًا، منافحًا عن قضاياه، مرافقًا للفريق في كل مبارياته في كل مكان. لا تراه يختفي حين تعصف الظروف، ولا يظهر فقط عندما تكون الأجواء صافية. تاريخٌ عريق يستحق الاحترام... لقد قدّم الوليد بن بدر للنصر الكثير: جهدًا، ومالًا، وموقفًا، وصوتًا، وحرفًا. ولم يكن تأثيره إداريًا فحسب، بل لا أبالغ إن قلت إن هذه الشخصية أسهمت في جعل البعض يتعلقون بالنصر. كيف لا؟ ونحن رأيناه قريبًا من الجميع، يقف بين الجماهير كأنه واحدٌ منهم، يبتسم لمن يقترب منه، ويستقبل كل نصراوي بروح العاشق المتواضع. لدى جمهور النصر ملكةٌ خاصة اسمها «تقدير الأوفياء»، والنصر - ككيان - محظوظ برجال مرّوا في تاريخه ونقشوا أسماءهم في سجلاته. ويبقى أبو بدر واحدًا من تلك الأسماء التي دوّنت بمدادٍ من ذهب... اسمٌ لا يشبه إلا نفسه... ورمزٌ من رموز الوفاء الخالص.