حذّر مسؤول رفيع في الأممالمتحدة من أن سلسلة من الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية، إلى جانب التخفيضات الكبيرة في المساعدات الدولية، خلقت ما وصفه ب»عاصفة مثالية» تهدد بتفاقم أزمة الجوع الحاد في عدد من أكثر مناطق العالم هشاشة. وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، إن الوكالة تواجه تحديات غير مسبوقة مع تضاعف الاحتياجات في السنوات الخمس الأخيرة، يقابلها انخفاض تمويلي حاد بلغ نحو 40 % من الموازنة، ما يضع ملايين المحتاجين أمام خطر انعدام الأمن الغذائي. كوارث متلاحقة وأوضح سكاو خلال زيارة إلى بانكوك أن الفيضانات المدمرة في باكستان، والزلزال الكبير والجفاف المستمر في أفغانستان، فاقمت الأوضاع الإنسانية المتدهورة، تاركة الملايين بحاجة ماسة إلى المساعدة. وأضاف أن برنامج الأغذية العالمي اضطر إلى تقليص نطاق عملياته في أفغانستان، حيث انخفض عدد المستفيدين من 10 ملايين شخص قبل عامين إلى 1.5 مليون حالياً، وسط عجز عن تخزين الغذاء لمواجهة عزلة الشتاء. وأشار إلى أن سوء التغذية بين الأطفال الصغار يتفاقم في أفغانستان، قائلاً: «المشكلة لا تتوقف عند موت الأطفال، بل إن الأضرار التي تصيب الدماغ والأعضاء بسبب سوء التغذية الحاد ستلازمهم مدى الحياة». تداعيات النزاعات وأكد سكاو أن النزاعات المسلحة في ميانمار والسودان وغزة جعلت إيصال المساعدات أكثر تعقيداً، مضيفاً أن السودان وغزة يعيشان ظروفاً تقترب من المجاعة. وأوضح أن الزلزال الذي ضرب ميانمار بقوة 7.7 درجات في مارس عمّق الاحتياجات الإنسانية، في حين تدفع الحرب الأهلية هناك مزيداً من لاجئي الروهينجا إلى عبور الحدود نحو كوكس بازار في بنغلاديش، حيث يقيم 1.3 مليون شخص في مخيمات مكتظة تشبه «السجون المفتوحة» وتعتمد كلياً على المساعدات. أزمة تمويل ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أنه يقدّم حالياً للاجئين الروهينجا قسائم غذائية شهرية بقيمة 12 دولاراً فقط، وهو مبلغ يكفي بالكاد للبقاء على قيد الحياة. غير أن التمويل المخصص لهذه المساعدات مهدد بالنفاد بحلول نهاية نوفمبر المقبل، مما قد يضطر الوكالة إلى تقليص عدد المستفيدين أو حجم الدعم المقدم. ويحذر سكاو من أن خفض المساعدات قد يطلق موجة من العنف واليأس داخل المخيمات، كما حدث عام 2023 عندما جرى تقليص القسائم إلى 8 دولارات فقط، حيث شهدت المخيمات اضطرابات أمنية وتصاعداً في الجريمة، فضلاً عن محاولة كثيرين الفرار بحراً نحو دول مجاورة مثل إندونيسيا وماليزيا. الاستقرار الإقليمي وفي ختام تصريحاته، شدد سكاو على أن استمرار هذا الوضع يحمل انعكاسات تتجاوز حدود الدول المتضررة، قائلاً: «الاستقرار الإقليمي مهدد، وهناك تداعيات سلبية متعددة قد تمتد إلى ما هو أبعد من مناطق الأزمات المباشرة». وأضاف أن برنامج الأغذية العالمي يسعى لتعويض النقص عبر تحسين كفاءة عملياته، وتشجيع المجتمعات على الاعتماد على الذات، إلى جانب البحث عن مصادر جديدة للتمويل من شركاء دوليين.