بدا لافتاً أمس إعلان المعارضة السورية، ممثلةً في الائتلاف الوطني، اشتراطها تلقي مبادرات من دمشقوموسكو قبل الموافقة على المشاركة في اجتماع جنيف2-، وسبب الاستغراب أن المعارضة تدرك تماماً أن الأسد لن يقدم أي بادرة حُسن نية لا بإعلان استعداده التخلي عن السلطة ولا بوقف إطلاق النار. إذاً، لماذا تحدث الائتلاف عن «مبادرة» يعلم أعضاؤه أنها مستحيلة الحدوث؟ إن المتتبع لتصريحات نظام الأسد وبعض القوى الدولية الحليفة له مؤخراً يكاد يدرك أن هناك مخططاً لتحميل المعارضة السورية مسؤولية فشل متوقَّع لمؤتمر جنيف- 2 وإظهارها بمظهر الطرف المتعنت الرافض للجلوس على مائدة التفاوض، وبالتالي تكون هي المسؤولة أمام العالم عن استمرار الصراع إلى أمدٍ غير معلوم. وقد بدا واضحاً أن موسكو وطهران، حليفي النظام، كانا يسعيان إلى إحراج المعارضة وتصويرها على أنها مجرد مجموعات مشرذمة لا تتفق على تصور سياسي، ولا تتحمَّل مسؤولية الدخول في مستوى رفيع من التفاوض، وتزامنت هذه المحاولات لتشويه سمعة الائتلاف مع سعي لإبداله بمعارضة «كرتونية» توالي الأسد وتشاركه الإدارة وتنظر نظرة سلبية إلى الجيش الحر. في ظل هذه الأجواء، أعلن الائتلاف أنه لن يذهب إلى جنيف إلا بعد تقديم مبادرة من الأسد والروس، وتحدث صراحةً عن ضرورة رحيل رأس النظام السوري وهو شرط مرفوض مسبقاً من الطرف الآخر الذي قد يصدر خلال ساعات بيانات يهاجم فيها الائتلاف ويتهمه بفرض «شروط مسبقة» لعرقلة مسار الحل السياسي، وهذه الطريقة في التعاطي من جانب النظام متوقعة لأنه لا يريد تحمل مسؤولية فشل المفاوضات. يبقى أن نقول إن مؤتمر جنيف ليس غاية في ذاته، وإلغاؤه لا يعني تعقد الصراع لأنه يمكن أن ينعقد ثم ينتهي دون حلول، وإذا لم تكن التصورات التي تمهد له متناسبة مع طموحات الشعب السوري فالمؤكد أنه لن يفضي إلى نتيجة مرضية.