ثمة شيء فقدناه في الدراما المصرية إلى الأبد، إنه سحر الدراما، ذلك السحر الذي كان ينبعث من تفاصيل الحكاية، وملامح الممثلين، وكأن الفن كما كل شيء في حياتنا، بلغ قمة الهرم وبدأ بالانحدار، لكنه الانحدار الحاد نحو الأسفل للأسف. منذ سنوات لم نصادف الأفضل، سوى في استثناءات نادرة مثل أعمال الفنان يحيى الفخراني المتميز، فقد سرقت الدراما السورية الأضواء من نظيرتها المصرية، قبل أن يسطو الأتراك على قلوبنا ويجرفوا بأناقتهم الأوروبية ترسبات النتاج المصري التجاري المحض الذي لم يهتم بمشكلات مجتمعنا، بقدر ما اهتم بعرض مستمر للطبقة الثرية في مصر، وبهرج حياتها، وسطحية مشكلاتها (إن وجدت طبعا) وأصبح الواحد منا يتابع المسلسل دون أن يجد حكاية تشده، فالحكاية نفسها أصبحت مكررة على مدى مائة عام في السينما والتليفزيون المصري حتى مللناها، العائلة الثرية التي لها خدم وبواب والذي في الغالب قد يكون اسمه عثمان أو عم جمعة، والبنت التي تحب شابا فقيرا أو العكس، والعائلة التي تنتكس بسبب هذا الحب، وهات يا تنظير حول الغنى والفقر على مدى ثلاثين حلقة. فهل سنكتشف شيئا جديدا هذه السنة، بعد هذه الزلازل التي هزت مصر والعالم العربي، هل سيغوص صناع الدراما في عمق المجتمع المصري، أم أن موسمنا الرمضاني هذه السنة سيكون “تركيا” كما كان على المستوى السياسي منذ اندلاع ما سمي ب”الثورات”؟.