مع إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ميزانية العام المالي القادم التي بلغت مصروفاتها 860 مليار ريال، ينتظر الناس أن تكون هذه الميزانية استمراراً للإنفاق على ما يدعم التنمية الشاملة والمتوازنة، وتحسين الخدمات المقدمة لهم، وإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية، في ظل ضعف النمو في الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار النفط. لكن الصورة السوداوية هي ما تسيطر على حديث الناس في مجالسهم، فقد كنت الليلة التي سبقت صدور الميزانية في جلسة نقاش عن الميزانية، وأذهلني ما سمعت من أغلب من في المجلس، فقد ساد التشاؤم، وخيم الإحباط على جو الحديث عن الميزانية، وكان التفاؤل يطل من ثقوب ضيقة إلى بهو المجلس، فمنهم من يرى أنها أرقام فلكية، ولكنها لا تلامس احتياجاتهم بشكل مباشر، ومنهم من يرى أن الصرف لا يتم بطريقة صحيحة وبالتالي يعقبه تنفيذ سيئ، في إشارة إلى الفساد المالي والإداري، ومنهم من يرى أن أغلب التنفيذيين لا يمتثلون لأمر الملك الذي يحرضهم على الاستخدام الأمثل للموارد، والتنفيذ الدقيق والكفء لبرامج ومشاريع الميزانية. تواصل الحديث عن الميزانية، حيث يرى بعضهم أن إعلان الميزانية إنما هو عرف سنوي، لابد منه، ولا أثر له على الواقع، وذهب بعضهم إلى اقتراح بعض المقترحات التي يمكن لها أن تجعل من إعلان الميزانية حدثاً أكثر أهمية لدى المواطن العادي، فاقترح أن يصاحب الميزانية إعلان مبادرات ملكية كريمة، وتخفيض الرسوم، وإيجاد بعض المفاجآت التي من شأنها ملامسة حياة المواطن المعيشية، التي كما يرى بعضهم أن الراتب لا يكفي لسدها، اقترح بعضهم أن تكون الميزانية «ميزانيات» للمناطق الثلاث عشرة الإدارية، لتفتح باب المنافسة بين المناطق في تحقيق أفضل النتائج عند تنفيذ البرامج والمشاريع، ويبقى الإشراف العام للحكومة المركزية، مع زيادة في صلاحيات أمراء المناطق، لكي يتسنى لهم التدخل في المشاريع التنموية بشكل مباشر وفعال. كل ما يطمح إليه المواطن أن تأتي إليه الميزانية العامة وهي تزف بشائر الخير، ليعيش عيشاً كريماً، يتحقق له من خلاله المستوى المأمول في كل المجالات التنموية، لا بد للميزانية أن تلامس احتياجات المواطن بشكل مباشر، هذا لن يتأتى إلا إذا استمع الجميع لتوجيهات الملك الرائع عبدالله بن عبدالعزيز، واستشعر الجميع المسؤولية، فالبلد بخير، وكل ما يحتاجه، هو، الإخلاص في العمل، وبناء الوحدة الوطنية، على أساس تلبية الاحتياجات الأولية، حينها يتقبل المواطن فكرة ترشيد الإنفاق.