كانت بعض المستشفيات سابقا عند طباعة بطاقة المواعيد تضع التاريخين الميلادي والهجري إلى جانب يوم الموعد، وتكتب ملاحظة للمريض أنه في حالة تغيّر التاريخ الهجري واختلافه عن اسم اليوم فإن المعتمد هو التاريخ الميلادي فقط. تجاوزت المستشفيات مضطرة هذه الأزمة باعتمادها فقط على التقويم الميلادي، تجنبا للربكة التي يحدثها تغيّر التقويم الهجري لمراجعي العيادات. قس على ذلك جهات ومؤسسات كثيرة يهمها انضباط التاريخ والمواعيد على مدار السنة، وأي خلل زمني يتسبب لها في خسائر مادية فادحة، فمن الطبيعي أن تلجأ في تعاملاتها للتاريخ الميلادي. هكذا تحول التاريخ الهجري من تاريخ عصري يلائم متطلبات الحياة وتعاملاتها إلى تاريخ ديني يعرفه الناس، عند تنفيذ شعائرهم من صيام وحج، وهذا ما يفعله الجمود الفقهي بكل مكتسباتنا الدينية عندما يرفض الاجتهاد في تجديدها بناء على الاكتشافات العلمية واتساع أفق المعرفة، فتتحول إلى تراث نتمسك به من باب الحفاظ على الهوية، ولو أن العلوم الفقهية تطوّرت كما تطوّرت بقية العلوم الدنيوية لحققت عالمية الإسلام وعصريته، فالإسلام وتطبيقاته صالحة لكل زمان ومكان، ولكن العيب فيمن يوقف باب الاجتهاد فيه، مكتفيا باجتهاد فقهاء القرون الماضية الذين تعاملوا مع نصوصه بروح عصرهم.