الزمان، غرة شهر الله المحرم من عام 1436 من الهجرة النبوية الشريفة، المكان، أستاد الملك فهد الدولي، المناسبة، النهائي الآسيوي للاندية البطلة بين الهلال السعودي وسيدني الأسترالي. قبل المباراة، الجماهير الزرقاء تسلحت بالتفاؤل مؤمنة بقدرة أزرقها على السطوع فى الدرة وخطف الكأس(اليانعة). الجماهير المنافسة تترقب، وسائل التواصل الاجتماعي تضج بالحديث عن المباراة المرتقبة، وعاظ ومشايخ يستفزهم الحدث، فيدلون بدلوهم، لاعبون قدامى يتلبسون عباءات الوعظ والارشاد ويمطرون الفضاء بوابل من مواعظهم المستحدثة تبعاً لأهمية الحدث وخصوصيته، في محاولة منهم للاصطفاف خلف الهلال. الملعب ممتلئ، والمقاهي والاستراحات كذلك، والجميع يترقب بزوغ الهلال لتدشين عام مرصع بأغلى الانجازات، وتوديع عام أجمع أنصار الأزرق أنه استثناء في سوء الحضور والطالع. بدأت مراسم تحري الهلال، والانصار يمنون أنفسهم ان يشهدوا تلك الرؤية ليتم توثيقها صوراً وفيديوهات في أراشيف ذكرياتهم الجميلة، الدقائق تمر سراعاً، والأزرق يهز القلوب، المدرجات والشاشات، كل شيء يهتز الا الشباك الأسترالية، التي ظل حارسها بقوامه الفارع أميناً على عذريتها، الشمراني يحاول، نيفيز كذلك، النتيجة سلبية، الجماهير تحترق، الرؤية تتأخر، الهلال لم يبزغ بعد!. تويتر يشتعل راصداً كل شاردة وواردة فى المباراة، السيطرة الهلالية مستمرة، الدعوات تتوالى، والفرص المتاحة تضيع بسهولة، ضربات جزاء لم تحتسب، والحكم لم يعر السبعين ألفاً أي اهتمام، الزحف الأزرق مستمر، والأسوار الأسترالية تعلو شيئاً فشيئاً دفاعاً عن مرماها، الشمراني يبدأ في فقد أعصابه، واحتكاكاته المتكررة بالحارس تظهر الفرق البائن بينهما. الدقائق تمر، وماهي إلا لحظات ويطلق الحكم رصاصته.. عفواً صافرته معلناً انتهاء مرحلة الرصد والتحري، لهلال لم تحن ولادته بعد، ربما لخطأ في الحسابات الفلكية التي سبقت المباراة، وربما ان مداره قد اختلف او انحرف تبعا لقاعدة (ان الكرة مدورة). بعد المباراة صبت جماهير الأزرق جام غضبها على حكم المباراة، ونعتته بأسوأ الصفات، فتارة وصف بالوقاحة، وتارة اخرى وصفوه بطريد المونديال، والبعض طالب بعض النجوم- المعتزلة ركضا ولم تعتزل حضوراً اعلامياً - برأي كروي رياضي فيه. أما الجماهير الأخرى فقد رقصت طرباً، وأعلنت فرحها بهذا الأفول المرجو والمنتظر، وأعلنت في كل مكان أن نوفمبر وما يليه من أشهر هو المكمل لغياب الأزرق عن منصات البطولات هذا العام وربما الذي يليه. خسر الهلاليون التعاطف المحلي من الجماهير الأخرى، بعد سلسلة من التصريحات النارية التي قادها بعض المحسوبين على هذا الكيان الكبير، وظل الأمير عبدالرحمن بن مساعد وبعض العقلاء يجسدون فى حضورهم الجميل البعد العقلاني المتزن في كل هذه الاحداث، فى حين ان بعضاً من رموز الاتجاهات الرياضية المختلفة الانتماء في داخلنا المحلي، فشلوا في إضفاء هذين البعدين على هذه البطولة وغيرها من حراكات وسطنا الرياضي المخيف، لتطل الاسئلة الازلية بعد كل إخفاق، ومنها: - أين هي الأبعاد الاخلاقية والوطنية في منافساتنا الرياضية؟ - ومن المسؤول عن غياب كرتنا السعودية عن منصات التتويج؟