هناك أمور فلسفية اتعبها المهتمون تفكيرا وتمحيصا، يطرحون الأسئلة ويبحثون عن إجابة، حتى مع تطورنا العلمي وانجرافنا بعيدا عن الأمورالفلسفية وإنشغالنا بالأمور العلمية أو الاجتماعية رغم ان هناك أسئلة فلسفية كثيرة ما تزال حائرة تبحث عن الإجابة. وبما أننا نتحدث عن الأسئلة والأجوبة؛ سنتساءل عن مفهوم الأخلاق؟ يمكننا أن نجد تعريفا للأخلاق في أي كتاب أو حتى لو استخدمنا أي محرك بحث مثل "العم جوجل وأتباعه"، ومهما كان تعريفنا للأخلاق فإن ذلك لن يغير من نظرتنا لها أو تبنينا لها، فكلنا نتكلم عن حسن الخلق والأخلاق الحميدة ونتحدث عن فضائل معينة وصفات نسعى أن تكون فينا ونذم سوء الخلق سواء أتركز في تصرف صغير أثره محدود على صاحبه أو تصرف أحمق يجر الويل على الكثير. كثير من التصرفات حولنا نعزوها لسوء الخلق او قلة التربية أو لخطأ فردي أو اجتماعي، مثلا تصرفات المراهقين في الشوارع تجاه الجنس الآخر من محاولات للفت الأنظار والتطاول على الآخرين تحت مسمى الغزل أو الاستظراف، تصرفات يرفضها الكثيرون ويعيبونها لكنها في عرف هذا المراهق وأصدقائه تصرفات بطولية تجعلهم "كووول" وضمن منظومة الشلة يتفاخر بها. لكنه مثلا قد يخجل – لو كان فيه ذرة من حياء- أن يقوم بهذه التصرفات وهو مع عائلته أو أقربائه بدعوى الاحترام! هذا مجرد مثال بسيط على حالة الفكر الانفصاليه التي قد يعيشها الإنسان باختياره، وهي متفرعة من مبدأ "لا أحد يشوفك أو لا أحد يطيح عليه" وهذا المبدأ يجعل الأشياء هلامية، حيث يصبح الآخرون هم المحدد والمسيطر والمسؤول عن تصرفاتك وليس ضميرك ولا عقلك، وهنا تنشأ الازدواجية في التعاملات والتصرفات التي نلاحظها على البعض. هذه الشخصيات تجدها مشغولة بكلمة "عيب، ووش يقولون علينا الناس" لا تحرص على غرس المبادئ السليمة فالخطأ في نظرها لا يكون خطأ إلا إذا علم به الآخرون! وهؤلاء الآخرون يشكلون الرقيب الأخلاقي الذي قد يثقون فيه أكثر من ثقتهم بأنفسهم. الأخلاق والالتزام بها ليست حالة مؤقتة أو صرعة موسمية هي مبادئ تشكلك وهي جزء من كيانك كإنسان إن لم تنبع من داخلك لن يزرعها الخوف من الآخرين.