هناك من يهوى تسلّق الجبال. وآخر تسلّق المعالي. وثالث يتسلّق على حساب غيره. قرأتُ يوماً عن نباتات تنمو مُتسلّقة في جُزر بجنوب شرق آسيا تُعرف باسم " ماتا دور " تشتهر بولعها للشمس لهذا فهي تلتف بأغصانها حول جذع شجرة البلّوط دون توقف إلى أن تتمكن في النهاية من أن تعلو عليها، ولكن بالاستناد إليها فلولا جذع البلوط ومتفرعاته لن تستطيع تلك النباتات الصعود للأعلى ..! وهكذا هم بعض البشر استغلاليون للفرص، يدركون هشاشة مواقفهم وفقر إمكاناتهم وتواضع قدراتهم فيتحايلون للوصول إلى أهدافهم بالتسلّق على الجذوع القويّة. حكاية اليوم حول المتسلّق الثالث ذلك الذي يبني إنجازاته إن كان هناك من إنجاز على غيره من البشر. يُفتّش عمن يشتمه فلا يجد غير الأقوياء والمشاهير ليتسلّق على سمعتهم فيصبح رأسه عالياً بفضل جذوعهم المتأصلة بالأرض . اليابانيون أقال الله عثرتهم من الزلازل والمِحن لهم حنكة وحكمة وتجربة، يقولون بأن قوة الشجرة وطيب ثمارها تُستمد من جذورها القويّة. وفي البشر هناك من يملك كل إمكانات التفوق بما لديه من مهارات ومعارف وتجارب وأيضا فكر يدله على مكامن النجاح. وبالمقابل هناك من ليس لديهِ غير لسان حاد وفكر ساذج ومعلومات مستقاة من الأسلاف، ولم يجد لهُ مكاناً بين الناجحين فما وجد غير سبيل الضجيج حسب قول الانجليزي الشهير جورج برنارد شو إن العربة الفارغة أكثرُ جلبة من الممتلئة. وجد المتسلّق الثالث بأن أسهل وأيسر طريقة للوصول هي في إثارة الجلبة بالصراخ والشتم والقذف. وفي العرف الصحفي فإن الإثارة في الخبر ليست في أن يعضّ الكلب الرجل وإنما العكس حين يعض الرجل الكلب هُنا الإثارة والمتابعة والانتشار. لقد فهم المتسلق الثالث تلك (اللعبة) فاخترع كذبة من خياله ونسج حبكتها ونوى نشرها في المنابر. صرخ بها والمتلقي بين مصدّق ومكذّب. معقولة ؟؟ كأني بالمتلقّي بعد سماعه أكاذيب المتسلّق الثالث تأسف وتمنى له الشفاء مما هو فيه. من أعجب أقوال المتسلّق الثالث أنه يدّعي بإقصائيّة التيار الآخر لهُ ولشلته من الشاتمين الصارخين، وهو في ذات الوقت يقول في منبره كلاماً لا يُسمح لغيرهِ ليس عجزاً وإنما امتثال للتعليمات والقوانين التي تضبط بل تضمن حُرية الرأي المنضبط . المتسلّق الثالث يحتاج إلى تأهيل نفسي حتى يستطيع التصالح مع نفسهِ وغيره فإن تُرك هكذا دون رعاية فقد يُسيء إلى نفسه والآخرين ثم اليوم سمعة البلاد وأهلها على المحك. اليوتيوب ينقل للعالم صوتاً وصورة كل حدث بكل صدق ، فلا مجال للتنصل مما قيل. القانون العدلي يقول: الاعتراف سيّد الأدلة. فلا مجال للإنكار.