تحرير الخبر الصحفي عملية منظمة وعميقة متشكلة من تركيب مقيد ومحدود ليتم تحويل منتج هذه العملية بما فيها من مضمون وصياغة ووصف إلى شكل نصي مفهوم ومرتب يمكن نشره في وسائل الإعلام المختلفة.. وكلما زادت واكتملت الإجابة عن أسئلة الخبر تجلت القيمة الخبرية في المواد الإخبارية وكان الجذب شديداً.. لا شك أن الصحافة أساس الإعلام، والخبر هو أس وجوهر الصحافة فكل الفنون الصحفية التفسيرية (التحقيق، والحديث الصحفي) كانت أو مواد الرأي (المقال، وتعليق القراء، والكاريكاتور) يكون بناؤها على الاستفادة من مواد الأخبار والتقارير الإخبارية، حيث يتم توليد وصناعة مواد صحفية متنوعة تغذي الصفحات والمضامين الصحفية في الوسائل الإعلامية الأخرى، حيث يسهم بالتأثير في الرأي العام خاصة إذا اتصف بالسبق والمهنية في التناول والصياغة. ويمكننا القول إن الخبر هو وصف مكتمل ومقيد لحدث آني يقع في حال مستمر، أو واقعة انتهى حدوثها، أو حدث سيقع مستقبلا يهتم بتلقيه الناس بحسب ميولهم واتجاهاتهم وحاجاتهم قد يتحيز لحقائق معينة أو يترك، وقد يكون أثره محدودا، أو قويا في الرأي العام وقد يكون الخبر تصريحا لشخص أو معلومة معينة. ولا شك أن الأسس التي يقوم عليها الخبر تتمثل في الواقعية، بمعنى أن الخبر يجب أن يكون واقعيا، أي ذا أهمية وارتباط بالقضايا الاجتماعية، والنظام السياسي، والمزاج الثقافي القائم ليكشف العلاقة القائمة بين الحدث والمجتمع والسلطة. بالإضافة إلى رصد العلاقات المتغيرة بين العام والخاص في الخبر، فالخاص ينبغي أن تصنع منه وسائل الإعلام شيئاً عاماً والأخبار الخاصة بفئة معينة تحال إلى الصحافة المتخصصة. كذلك إيجاد نسبة بين مضمون الأخبار وبين احتياجات المجتمع وهي ما تسمى بالمتطلبات الإعلامية من فلسفة صياغة الخبر، حيث إنه ليس وصفا لوقائع ما عارضة وطارئة بل يسعى إلى تشكيل الوعي المسبق بأهمية هذا الحدث للجمهور المتابع خصوصا إذا تمت صياغته بدقة مستندة على الأسئلة الثمانية سيعطي قيمة خبرية من جانب المحتوى وتركيبه، كذلك يمنح للمعنى إثارة، وللإثارة معنى فيتسع جذب الانتباه لملامح الخبر ومضمونه مما ينعكس على تمام الوصف للحدث، وارتياح المتلقي الحريص بحصوله على الارتياح والاطمئنان مما يتلقاه من محتوى ومعلومة وتفاصيل. ومن مقتضيات صياغة الخبر أنه يعطي إجابات عن أسئلة ستّة تتمثل في مَنْ الذي لعب الدور الأول في وقوع الحدث؟ متى وقع الحدث؟ أين مكان وقوع الحدث؟ ماذا حَدَث؟ كيف أي كيفية وطريقة وقوع الحدث؟ لماذا وقع الحدث أي سببه أو غايته وخلفيّاته؟ وهذه الأسئلة الستة هي عرف سائد لكل صحفي عليه أن يتقن الإجابة عنها بشكل مشبع ومنضبط يسهم في صياغة الخبر بشكل يجعله مثيرا وجاذبا. ولعلي هنا انطلق باتجاه جديد يمكن من خلاله إضافة سؤالين على الستة السابقة لتصبح ثمانية أسئلة، حيث يمكن أن نضيف كم وفصلها عن محتوى ماذا لتعبر عن رقم، أو عدد، أو نسبة، أو كمية تضمنه الحدث مثل عدد الطلاب المبتعثين الذين تم ابتعاثهم، أو عدد أهداف مباراة، حيث إن البعض يدمج إجابة كم ضمن وصف الحدث بإجابته على "ماذا" فالابتعاث هو الحدث ويجيب عن ماذا وعددهم يجيب عن سؤال آخر كم عددهم.. كما من الممكن كاتجاه آخر إضافة مصدر في ثنايا الخبر (لا يقصد بالمصدر من نشر أو نقل الخبر) فأحيانا المصدر يختلف عن إجابة "من" فقد يتضمن خبر معلومة أو واقعة استنادا لمصدر تم التنويه عنه من قبل العنصر الفاعل في الحدث فمثلا قد يقول رئيس نادٍ إنه تم دعم الأندية بمبالغ مختلفة استنادا لمصدر القوائم المالية لدى الجهة الداعمة، فالرئيس هنا يمثل من وحديثه مهم، ولكن المصدر في نشر معلومته هي الجهة الداعمة. ويبقى القول: إن تحرير الخبر الصحفي عملية منظمة وعميقة متشكلة من تركيب مقيد ومحدود ليتم تحويل منتج هذه العملية بما فيها من مضمون وصياغة ووصف إلى شكل نصي مفهوم ومرتب يمكن نشره في وسائل الإعلام المختلفة.. وكلما زادت واكتملت الإجابة عن أسئلة الخبر تجلت القيمة الخبرية في المواد الإخبارية وكان الجذب شديدا، لأن كثيرا من المتلقين يبحثون عن التفاصيل، وكلما اكتفى الصحفي بالإجابة عن بعض الأسئلة كان التلقي ناقصا ومحدودا بالغموض والتشتت. لذا أتمنى أن يحرص كل صحفي على استيعاب الأسئلة الثمانية "ماذا، من، متى، أين، كيف، لماذا، كم، ما أي ما المصدر".