«النظام المالي للدولة السعودية الأولى» مشابه لبدايات التنظيم المالي الإسلامي «قيادات الدولة السعودية» شجعت التجارة وسهلت مزاولتها بحماية القوافل يحتفل السعوديون بيوم التأسيس الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139ه / 1727م، في هذا اليوم الخميس الذي يحمل تاريخ 22 من فبراير لعام 2024م مواكب لذكرى التأسيس، فالسعوديين في وقتنا الراهن محاطون بمختلف الإنجازات التي تحققت بفضل نجاح مبادرات وبرامج رؤية 2030 التي شكلت نقطة تحول شامل يدعم تواصل مسيرة هذه البلاد الطيبة تحت حكم الأسرة السعودية العادل والموثوق فيه بشهادة القاصي والداني، إذ أظهرت نتائج مؤشر إيدلمان للثقة لعام 2024 تصدر حكومة المملكة العربية السعودية لقائمة عموم حكومات دول العالم ثقة في أدائها عاكسة بذلك ما تتمتع به من ثقة عالية، كما حصلت السعودية على المركز الأول في أكثر الدول تقدماً في التنافسية الرقمية بين دول مجموعة العشرين، وتعيش المملكة حالياً طفرة في تطور البنى التحتية والتعليم والصحة والتصدير والطاقة المتجددة والصناعة غير النفطية، وفي السياحة والترفيه، وغير ذلك من الأنشطة والقطاعات، كما ينتهز أبناء وبنات المملكة هذا اليوم لإظهار حقيقة العلاقة الوطيدة الثابتة التي تربطهم بقيادتهم الرشيدة ويؤكدون فيه ولاءهم المطلق وانتماءهم لمملكة الإنسانية والخير. تثقيف الجيل الجديد ويحرص أبناء المملكة خلال هذا اليوم الميمون على تثقيف الجيل الجديد بتاريخه الحقيقي وماضيه التليد، لتخلد في الأذهان قصة البطل الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- حين حكم الدرعية، في زمن كانت شبه الجزيرة العربية تعاني خلاله من فراغ سياسي وفوضى وتشتت وتنافر بين القبائل التي كانت في حالة حرب نارها مستمرة، فحول كل ذلك إلى حضارة مزدهرة وغرس هو بذرة ونواة لمجد يزدهر عبر القرون، بتوحيد القبائل المتنافرة بدء بعاصمته «الدرعية» التي وحَّد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، تدار من خلاله أجزاء دولته التي شملت معظم مناطق جزيرة العرب، التي شهدت مولداً لحكم ونظام جديد يحارب فيه الجهل والضلال ومختلف أنواع الشرك والخزعبلات التي كانت مظهراً سائداً قبل الحكم السعودي الميمون. تنظيم اقتصادي وقد وضع الإمام محمد بن سعود أسس النظام السياسي في الحكم وفقاً للنظام الإسلامي، وحرص على أن يكون مبدأ الشورى أهم ركائزه الرئيسة، فكان يستشير العلماء وأهل الرأي من داخل الأسرة وخارجها قبل اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية أو الاقتصادية، وأصل للاستقلال السياسي وعدم الولاء لأي قوة أو جهة كما نظم الأمور الاقتصادية وأسس لها عبر تعميق التكاتف والتعليم ونشر الثقافة وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على الأمن، وحسن تدبير ما يرد إلى الدولة من الأموال، وما يخرج منها في أوجه النفقات المختلفة واستمر ذلك المبدأ والأساس ميزة يتميز بها حكام آل سعود إلى يومنا هذا. وتؤكد كتب التاريخ أن النظام المالي للدولة السعودية الأولى كان مشابهاً للنظام المالي للدولة النبوية عبر القرون. فللدولة عدة مصادر للدخل، من أهمها الزكاة التي كانت تزيد كلما اتسع حيز الدولة الجغرافي وكلما زاد نفوذها، وأيضاً كلما زاد النشاط الاقتصادي وارتفعت التبادلات التجارية مع محيط الدولة نتيجة لحرص حكام وملوك الأسرة السعودية على تشجيع التجارة وتسهيل مزاولتها بدءاً بحماية القوافل التجارية وتأمين حركة سيرها حتى إدارة سلاسل الإمداد التي نشاهدها اليوم في تاريخنا الحديث التي تمتاز بتملك المملكة لقطاعات اقتصادية قوية ومتخصصة في شتى المجالات ومختلف القطاعات كالصناعات النفطية، ومعالجة المياه، والتمور، وتقنية المعلومات والاتصالات، والصحة، والتعليم، والقطاع المالي، والبترول، والزراعة، والبتروكيميائيات وغيرها من نعم الله التي أنعم بها على هذا البلد الكريم. اللحمة القوية والصف الواحد وفي مثل هذا اليوم من كل عام منذ أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، تصل رسالة للجيل الجديد من السعوديين مفادها أن نظامنا مازال كما كان في يوم تأسيسنا يستمد مرجعية الأحكام فيها من الكتاب والسنة، كمصدرين أساسيين للتشريع، ومنهجاً للسعودية في شؤونها كافة، ومفادها أيضاً مازلنا على العهد والوفاء تميزنا اللحمة القوية والصف الواحد بين الراعي والرعية. وفي هذا اليوم يحرص أبناء المملكة على استشعار علاقتهم الوطيدة بقيادتهم الرشيدة والتي يعد البلاغ العام الذي أصدره الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –يرحمه الله– مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة وأول ملوكها، بجدة في 8 جمادى الآخرة عام 1344/25 ديسمبر 1925، أبلغ وصف لها، إذ قال: «إن لكم علينا حقوقًا، وإن لنا عليكم حقوقًا؛ فمن حقوقكم علينا: النصح لكم في الباطن والظاهر، واحترام دمائكم وأعراضكم وأموالكم؛ إلا بحق الشريعة، وحقنا عليكم: المناصحة، والمسلم مرآة أخيه؛ فمن رأى منكم منكرًا في أمر دِينه أو دُنياه فليناصحنا فيه؛ فإن كان في الدين فالمرجع إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان في أمر الدنيا فالعدل مبذول -إن شاء الله- للجميع على السواء». إن العلاقة الوطيدة الثابتة التي تربط المواطن السعودي بقيادته الرشيدة إرث يتوارثه أبناء المملكة جيلاً بعد جيل، وفي هذا اليوم من كل عام يظهر الحرص على إظهار ذلك الولاء المطلق والانتماء القوي ليغرس في نفوس الأحداث وصغار السن ولعل في وصف الرحالة الإسباني دومينغو فرانثيسكو باديا لموكب حج الإمام سعود بن عبدالعزيز في الدولة السعودية الأولى صور عديدة تصف تلك اللحمة وتصور تلك العلاقة الراسخة، التي لم تزل سائدة منذ تأسيس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى بين الرعية وقيادتها من آل سعود أدام الله عزهم ومجدهم. يبذل العطايا ويكسو الكعبة كان المكان المفضل للإمام سعود –رحمه الله- عند حجه بالمسجد الحرام موقع قبة زمزم يؤدي فيها صلاته في موكب حافل من حاشيته، ويقدم الصدقات إلى فقراء الحرمين، ويبذل العطايا ويكسو الكعبة سنوياً بالقز الأحمر والقيلان الفاخر ويطرز ستارة بابها بالذهب والفضة، وكان وصف الرحالة بادياً لحاشيته وأتباعه بليغاً إذ وصفهم بأنهم لا يسرقون، ولا يغدرون، ولا يكذبون، وهم قليلو الكلام، ورغم أن في ذلك الموسم أكثر من خمسين ألف بندقية فلم يسمع إلا صوت طلقة واحدة في منى تدخل في إسكاتها أحد زعماء السعوديين قائلاً «نحن جئنا إلى الحج أم جئنا للقتال». وأَرَّخْ الرحالة الإسباني تسليم مكة بفتح أبوابها لإمام الدرعية سعود الكبير بن عبدالعزيز في حج عام 1221 ه/1806، ما نصه: «شاهدت رتلاً عسكرياً، يشكل طابوراً مكوناً من خمسة أو ستة آلاف شخص، كما بدا لي، متكدسين في طول السكة وعرضها، مما يستحيل معه الحركة، يتقدم القافلة اثنان من الفرسان المسلحين برماح طولها متران، وتنتهي هذه القافلة بخمسة عشر أو عشرين ممتطين الخيول والجمال، يحملون الرماح بأيديهم كرفقائهم السابقين، ويلحظ أنهم لا يحملون أعلاماً ولا أبواقاً.. كان بعضهم خلال هذه المسيرة يرفع صوته بهذه المناسبة المقدسة، بينما آخرون يتلون الأدعية في صوت مرتفع ومبهم، كل على طريقته، وفي هذا الوضع المشار إليه، صعدوا بانتظام إلى أعلى المدينة، وهناك تفرقوا على شكل فصائل.. وبعد مدة محدودة، رأيت جيشاً مؤلفاً من خمسة وأربعين ألفاً، أكثرهم كانوا راكبين على الجمال، وفي معيتهم آلاف من الجمال الأخرى التي تحمل الماء والخيام والخشب للوقود والأعشاب الجافة لجمال القادة، ومجموعة تقدر بمئتين من الخيول التي تحمل الأعلام.. مرفوعة على الرماح، وقد قيل لي إن هؤلاء الخيالة ينتمون إلى القائد الثاني «أبي نقطة». وقد لحظت سبعة أو ثمانية أعلام من راكبي الجمال بدون طبول ولا أبواق ولا أية أداة عسكرية أخرى، وبما أن هؤلاء الرجال جميعاً كانوا في ثياب الإحرام وكذلك قادتهم، تعذر عليّ تبين الإمام سعود.. إلا أن شيخاً جليلاً ذا لحية بيضاء طويلة يتقدمه العلم الملكي بدا لي أنه السلطان -الإمام-، وكان هذا العلم الملكي أخضر.. منقوشاً عليه بأحرف بيضاء ضخمة. ولم يلبث الجبل حتى اكتسى وما حوله من الأرض بجموعهم، وكان مشهدهم يملأ النفس ذعراً.. يطيعون زعماءهم طاعة عمياء، ويتحملون صامتين كل أنواع المشاق». الدولة السعودية طورت خدمات المعتمرين وفق أحدث الوسائل المملكة حرصت على حماية التجارة في الماضي والحاضر المملكة تستورد القمح من عدة دول لضمان الغذاء للمواطن وتجنب المؤثرات الخارجية تطوير الدرعية التاريخية يرتبط بماضٍ سياسي واقتصادي للدولة السعودية